Saturday 23 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
البيئة والتنمية كيف يمكن التقليل من البصمة البيئية لقطاع البناء؟  
تموز / يوليو 2022 / عدد 292
يقضي البشر معظم وقتهم في أماكن مبنية، في البيت وفي المدرسة، أو في أماكن العمل والاستشفاء والترفيه. وقلّما يفكّر أحد في سلامة هذه البيئة المصطنعة، ومدى توافقها مع البيئة الطبيعية خلال دورة حياتها الكاملة، ابتداءً من البناء والتشييد، وأثناء الاستثمار والتشغيل، وانتهاءً بالهدم والإزالة.
 
بصمة بيئية ضخمة
تحظى البيئة المبنية بما يقرب من نصف المواد الخام التي يستخرجها العالم، وتتسبب أعمال البناء بنحو ثلث كمية النفايات الإجمالية. وفي الولايات المتحدة، تقدّر وكالة حماية البيئة كمية النفايات الناتجة عن البناء والهدم بما يقارب 600 مليون طن سنوياً، أي ضعف كمية النفايات الصلبة البلدية الناتجة في البلاد.
 
ووفقاً لتقرير "جيو 6" الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) سيرتفع عدد سكان المناطق الحضرية من 50 في المائة حالياً إلى 60 في المائة في 2030 و66.4 في المائة في 2050. وعلى الرغم من أن نحو ثلثي مساحة البناء الموجودة حالياً ستظل قائمة في 2040، فإن مساحة الأراضي المبنية ستتضاعف بحلول 2060. وهذا يعني أن قدرة المدن على استيعاب الأعداد المتزايدة من السكّان ستتطلب زيادة في المساحات المبنية بمقدار 230 مليار متر مربع، أي ما يعادل إضافة مدينة جديدة الى العالم بمساحة نيويورك كل شهر لمدة 40 سنة.
 
ويُعتبر قطاع البناء لاعباً أساسياً في التغيُّر المناخي، إذ إن عمليات البناء والإنشاء كانت مسؤولة عن 38 في المائة (13.1 مليار طن) من انبعاثات الكربون العالمية ذات الصلة بالطاقة في سنة 2015، ثم انخفضت انبعاثات هذا القطاع بمقدار 10 في المائة في سنة 2020 لتصبح 11.7 مليار طن. ويعزو تقرير "الحالة العامة للأبنية والتشييد 2021"، الصادر عن "يونيب"، أغلب هذا التراجع إلى تناقص الطلب على الطاقة نتيجة جائحة "كوفيد-19"، وأيضاً إلى الجهود المستمرة في خفض الانبعاثات عالمياً.
 
وكانت 90 دولة أدرجت إجراءات لمعالجة الانبعاثات المتعلقة بالمباني أو تحسين كفاءة الطاقة في مساهماتها المحددة وطنياً بموجب اتفاقية باريس المناخية سنة 2015. وعام 2020، صرَّحت 136 دولة عن تخفيض في انبعاثات المباني ضمن مساهماتها المحددة وطنياً، رغم تباين الطموحات بين بلد وآخر.
 
ويُعدّ قطاع البناء مستهلكاً شرهاً للطاقة، ففي سنة 2015 بلغ إجمالي الاستهلاك في تشييد المباني وتشغيلها نحو 144 إكساجول، أو 38 في المائة من الطلب العالمي على الطاقة. وبحلول 2020، وصل استهلاك الطاقة إلى 149 إكساجول، أو 36 في المائة من الطلب العالمي على الطاقة. ويعكس هذا الانخفاض تأثير عمليات الإغلاق المرتبطة بالجائحة وتراجع الاستقرار في التزود بالطاقة وتراجع القدرة على تحمل نفقاتها من قبل العديد من الأُسَر والشركات.
 
ما الذي يمكن فعله؟
هناك الكثير من الخيارات التي يمكن اتباعها لخفض البصمة البيئية لقطاع البناء. فمن الممكن، على سبيل المثال، إقلال نفايات الهدم والبناء من خلال دعم نظم البناء المسبقة الصنع التي تقلل من الهدر الناتج عن أعمال البناء في الموقع، ولا سيما أن تصميم وتنفيذ هذه المنشآت يتم وفق أسس معيارية تخفّض الفاقد وتعزز كفاءة استخدام الطاقة. ومن ناحية أخرى، يمكن تفكيك الأبنية المسبقة الصنع وإعادة تركيبها في أماكن أخرى، مما يقلّل من نفايات الهدم.
 
ويُعتبر مفهوم "التصميم للتفكيك" هو الاتجاه الحالي في العمارة المستدامة، وهو يتبنى طرق بناء بسيطة باستخدام مواد متينة وعالية الجودة، ويسمح بفصل طبقات البنية التحتية للمبنى وجعلها مرئية. وكانت أولمبياد لندن 2012 تبنّت هذه الأفكار من خلال بناء أماكن إقامة موقتة تتسع لنحو 17 ألف رياضي، ثم أعيد استخدام هياكل هذه المباني لتصبح منازل مستدامة للسكان المحليين، بفضل التصميم الذي سمح بتغيير موضع القواطع وإعادة تكوين الفراغات.
 
كما يمكن تحسين قابلية المباني للتدوير من خلال التصميم الذكي الذي يأخذ في الاعتبار استخدام مواد صديقة للبيئة، ويراعي الظروف المناخية في التهوية والإنارة والعزل الحراري والمائي. وتفرض العديد من البلدان ضوابط (كودات) تخص الطاقة وكفاءتها في المباني، حيث كانت 62 دولة قد اعتمدت مثل هذه الضوابط قبل قمة باريس المناخية في 2015، وارتفع العدد حالياً إلى 80 دولة، إلى جانب جهود مماثلة تبذلها المدن والحكومات المحلية.
 
ويشهد الاستثمار في كفاءة استخدام الطاقة ارتفاعاً ملحوظاً، حيث وصل إلى أكثر من 180 مليار دولار في 2020 بالمقارنة مع 129 مليار دولار في 2015. ومع ذلك، جاءت معظم هذه الزيادة بفضل مبادرات عدد محدود من الدول الأوروبية. ومن دون استثمار أوسع، من غير المرجح أن يكون هذا النمو كافياً لمعالجة تحسينات الكفاءة على كامل مساحة سوق البناء العالمية.
 
إن ثلاث مواد فقط، هي الخرسانة والفولاذ والألومنيوم، مسؤولة عن 23 في المائة من إجمالي الانبعاثات العالمية، وتُستهلك مجملها في عمليات البناء والتشييد. ولذلك فإن التحولات الكبرى في تصنيع هذه المواد، كالابتكارات في الطاقة المتجددة التي تتيح تشغيل أفران الصهر والأفران الدوّارة، تعتبر خطوة هامة لخفض الانبعاثات ومواجهة تغيُّر المناخ. كما يساهم استخدام مواد البناء البديلة، كالألياف الكربونية، في تحييد الكربون وتحقيق استدامة البناء.
 
ولخفض استهلاك الموارد، يجب تشجيع قطاع البناء على استرداد المعادن من مخلَّفات الهدم، وتوسيع أنشطة تدوير الأنقاض. ويوفّر سحق الكتل الاسمنتية انتاج مواد تصلح كركام في أعمال الصب، كما يمكن سحق طبقات الإسفلت المزالة واستخدامها في الخلائط الإسفلتية لرصف الطرق الجديدة أو كطبقة ردم في الطرقات الثانوية والموقتة.
 
توجد تحديات مستقبلية كبيرة تواجه الوصول إلى انبعاثات صفرية وتعزيز كفاءة الطاقة ومرونة قطاع البناء والتشييد، خاصةً في البلدان التي لا تتبنى أية قوانين تخص الطاقة في المباني، أو لديها أنظمة طوعية غير مُلزِمة. ومن المرجح أن يكون الانخفاض الأخير في الانبعاثات المرتبطة بالطاقة من المباني والتشييد قصير الأجل، وسيعاود الانتعاش في السنوات القليلة المقبلة مع خروج العالم من أزمة الجائحة. ولذلك يُعدّ التقليل الفوري والكبير لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من قطاع البناء أمراً بالغ الأهمية لتحقيق أهداف اتفاقية باريس المناخية.
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.