Sunday 24 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
"البيئة والتنمية" (نيروبي) مؤسسة مستقلة لأبحاث البيئة  
حزيران (يونيو) 2002 / عدد 51
 حذر بيتر رومباوت، الخبير البيئي الهولندي وأحد أبرز الاختصاصيين الدوليين في تلوث الهواء، من كارثة حقيقية يواجهها لبنان. ولاحظ انه عندما استيقظ صباحاً في بيروت، شاهد طبقتين من ثاني اوكسيد النيتروجين في السماء، وقال: "لم أر منظراً كهذا منذ عشرين عاماً حين كانت لوس انجلس تعاني مشكلة مماثلة". وأوضح ان هذا يؤشر الى مشكلة تلوث بالاوزون الارضي، متسائلاً أمام المستمعين الى محاضرته اذا كان لدى احدهم ارقام عن الموضوع. فرد الدكتور فريد شعبان، الباحث في تلوث الهواء تلوث الهواء واستاذ الهندسة في الجامعة الاميركية، أن دراسة أجراها مع طلابه "اظهرت أن نسبة الاوزون تصل الى 400 ميكروغرام في المتر المكعب وكل أرقام الملوثات الاخرى في الهواء هي أضعاف المسموح به". وعلق رومباوت مندهشاً: "انكم في كارثة حقيقية عليكم معالجتها فوراً. هذه أرقام لم نسمع بها منذ أربعين عاماً".
واللافت ان بعض الحضور من العاملين في مجال البيئة اعتقد أولاً ان رومباوت يتحدث عن ثقب الاوزون، فأجابه احدهم ان في لبنان برنامجاً بملايين الدولارات تموله الأمم المتحدة لمساعدة المصانع في التحول عن استعمال مركبات الكلوروفلورو كربون المسببة لثقب الاوزون في الطبقات العليا. لكن غاز الاوزون الموجود في الجو الارضي مشكلة مختلفة تماماً، وهو من الملوثات الخطيرة، "فما معنى ان تعالجوا ثقب الاوزون في الفضاء وتهملوا غاز الاوزون القاتل الذي تتنشقونه؟".
جاء هذا خلال طاولة مستديرة تلت محاضرة القاها رومباوت، مدير العلاقات الخارجية في المؤسسة الهولندية للصحة العامة والبيئة، بدعوة من السفارة الهولندية ومجلة "البيئة والتنمية"، بعنوان: "مؤسسات البيئة: مهماتها وهيكليتها".
وحضر ممثل منظمة الصحة العالمية حبيب العتيري وممثل "يونيدو" جيوسيبي بابولي والمدير العام لمعهد البحوث الصناعية بسام الفرن ومديرة المختبرات المركزية فاندا بركات ومديرو البرامج في وزارة البيئة ومديرو شركات هندسية استشارية واساتذة وباحثون جامعيون وجمعيات بيئية.
استهل السفير الهولندي يان بيت كلايويخ ـ دي زوان بالقول ان من أبرز التحديات التي تواجه الانسانية تأمين تأمين توازن في مستوى الحياة للاجيال المقبلة، "من طريق ضمان امدادات ماء وغذاء وطاقة ومسكن وبيئة صحية". وعرض لمشاكل هولندا البيئية، الناتجة اساساً من كثافة السكان، "والتي تتم معالجتها عبر خطط عمل تعتمدها وزارة البيئة استناداً الى تقارير تعدها مؤسسة الصحة العامة والبيئة".
وقال نجيب صعب رئيس تحرير مجلة "البيئة والتنمية" ان فكرة انشاء مؤسسة علمية للبيئة في لبنان وردت بوضوح في البيان الوزاري للحكومة الحاضرة، "والاستفادة من تجارب الدول الاخرى في هذا المجال ضرورية". ورأى ان انشاء مؤسسة علمية كهذه "كفيل بوضع موضوع البيئة في أيدي محترفين، للفصل في مسائل مثل أنواع الوقود ونوعية الماء والهواء والتراب وانبعاثات المصانع وأساليب معالجة النفايات".
ومما ورد في البيان الوزاري قبل سنة ونصف: "لقد أثبتت التطورات الأخيرة في العالم أن القرارات الصائبة بيئياً هي في الوقت نفسه صائبة اقتصادياً، إذا كان المقياس حياة الشعوب ومصلحة الأجيال المقبلة يجب الدعوة الى حالة طوارئ بيئية، توقف فوراً كل تخريب بيئي، وتضع سياسة بيئية صريحة وبرنامج عمل محدداً بجدول زمني والادارة البيئية التي ندعو اليها ليست ملحقاً يضاف الى البرامج الانمائية، بل هي جزء عضوي منها إن التدابير التنفيذية للسياسة البيئية التي نطمح اليها يجب الا تقتصر على العقوبات لردع المخالفين. فمن الضروري ان تكون الحوافز جزءاً أساسياً في أية سياسة عصرية، بحيث يتم تشجيع الافراد والمؤسسات على اعتماد اجراءات تحمي البيئة، باعطائهم الدعم المالي والاعفاءات الضريبية، الى جانب فرض ضرائب وغرامات على الملوّثين ندعو الى انشاء مؤسسة وطنية علمية للبيئة، غايتها اجراء البحوث والدراسات المختصة ووضع المعايير. هكذا تصبح السياسات البيئية الوطنية مرتكزة على معلومات موثوقة، بدل أن تبقى ردات فعل واسعافات أولية، لا يتجاوز مفعولها، في احسن الحالات، تأجيل المشكلة أو نقلها من مكان الى آخر".
وتساءل بعض الحضور عند تذكيرهم بهذا المقطع: "من يذكر هذا الكلام؟ ولماذا لا تتظاهر الجمعيات البيئية صباح كل يوم مطالبة بتنفيذه؟"، خاصة أن الرئيس الحريري نفسه كان قد دعا الجمهور البيئي، في رسالة الى "البيئة والتنمية" في تموز الماضي، ألا يبقى "أكثرية صامتة وقوة كامنة"، وأضاف: "نحن ندعوهم اليوم ليجعلوا صوتهم مسموعاً عندنا وعند جميع الذين يُفترض بهم تمثيلهم".
العلم والقرار السياسي
وعرض رومباوت مهمات المؤسسة الهولندية وتركيبها وطريقة عملها. فأوضح "انها مؤسسة علمية تأسست قبل 115 عاماً للاهتمام بالتخطيط الصحي، ثم تطور عملها ليشمل البيئة. وهي اليوم تخدم وزارتي الصحة العامة والبيئة في وقت واحد، ويعمل فيها 1650 موظفاً بميزانية سنوية أساسية قدرها مئة مليون دولار، اضافة الى برامج محددة تخصص لها أموال اضافية. والمؤسسة تتعاون مع مراكز أبحاث حكومية وجامعية ومختبرات تابعة للمحافظات، ودورها هو صلة وصل بين العلم والقرار السياسي. وتتولى المؤسسة اجراء الابحاث وجمع القياسات ومراقبة التقيد بالقوانين، بتكليف من وزارة البيئة الهولندية. وتعد كل أربع سنوات خطة عمل بيئية وطنية، تبني عليها وزارة البيئة برامجها وسياساتها. وتقدم للوزارة مجموعة خيارات للسياسات البيئية، تحدد كلفة تطبيق كل منها، فتختار الوزارة من مجموعة بدائل". وأكد ان تقاريرها "اعطت خلال الاعوام العشرين الاخيرة ورقة ضاغطة في يد وزارة البيئة للحصول على صلاحيات وميزانيات كبيرة، فتحولت واحدة من أقوى الوزارات في الدولة".
وأعطى مثلاً لكيفية تناول المشكلات ونقاش المعطيات مع القطاعات المعنية الحكومية والصناعية والعمالية بهدف التخطيط المشترك ورسم السياسات الملائمة، لافتاً الى مرونة في اتخاذ القرار وفي التوجهات تأخذ في الاعتبار المصلحة العامة الاقتصادية والاجتماعية وواقع المشكلة المحددة واستشراف المستقبل إضافة الى فعالية الاجراءات ومردودها انطلاقاً من التقويم العلمي الذي تشارك فيه المعاهد العلمية في الوزارات المعنية وتشارك بالتالي في تحديد الخيارات والسياسات.
وأوضح رومباوت آلية التخطيط للسياسات البيئية التي تعتمد المراقبة والقياس وتقدير الظروف البيئية الفعلية، التي يتم تقييمها على ضوء المؤشرات والمعايير المعتمدة، اضافة الى دراسة انعكاسات هذه الظروف على المجتمع آنياً ومستقبلياً واستعراض الاجراءات الممكن اتخاذها واحتساب مردودها المتوقع، على ان تحال التقارير النهائية الى الوزارات المعنية لاستعمالها في التخطيط ورسم السياسات البيئية وتحديد الاجراءات وكيفية تطبيقها، لافتاً الى ان مهمة فريق الدرس لا تنتهي عند إحالة التقارير بل تواكب الاجراءات عبر المراقبة المستمرة والتقويم الدوري.
ثم عرض رومباوت لنماذج تطبيقية لدراسة المشاكل والتقييم البيئي مؤكداً الاستقلال العلمي الذي يتمتع به المعهد والمتخصصون العاملون فيه، علماً بأنه ممول من وزارتي الصحة والبيئة وينسق مع باقي الوزارات المعنية، معتبراً أن مهمة التقويم البيئي الشامل والمتكامل هي مسؤولية وطنية وهي شرط أساسي لأي سياسة بيئية.
وشرح أن من مهمات مؤسسة البيئة الهولندية دراسة المضاعفات البيئية للبرامج الانتخابية للأحزاب ونشر نتائجها على المناخبين، مما يؤثر في اتجاهات الرأي العام وتوزيع الأصوات.
وأوضح رومباوت أن هولندا نفسها شهدت حالات مشابهة للبنان عندما بدأت بوضع سياسات بيئية، إذ أقرّت القوانين ولم تتشدد في تطبيقها. أما خلال السنوات العشرين الأخيرة، فقد بدأت تدابير عملية لفرض الالتزام بالقوانين البيئية، وذلك عن طريق تخصيص مراقبين مجهَّزين لفحص انبعاثات المصانع وأشكال التلوث الأخرى. وقال: "المؤسسة دعمت الوزارة في تطبيق القوانين البيئية بتوفيرها القاعدة العلمية والمراقبين المحترفين أيضاً". وشرح مضامين التقرير الذي تعده المؤسسة كل أربع سنوات عن وضع البيئة في هولندا بعنوان "اهتمامات المستقبل"، ويقترح بدائل ترتكز إليها الوزارة في اختيار سياساتها، كما تعتمده لطلب مساندة الوزارات الأخرى.
وأعقبت المحاضرة مناقشة شاركت فيها مجموعة من مديري مراكز الابحاث في لبنان والمسؤولين عن البرامج في وزارة البيئة. فطرحت امكانات دمج صلاحيات ادارات موجودة حالياً، مثل المختبر المركزي ومعهد البحوث الصناعية، واشراك المجلس الوطني للبحوث العلمية ومراكز الابحاث في الجامعات، للقيام بمهمة مؤسسة علمية للبيئة، كمرحلة موقتة. واتفق الرأي على انه يمكن تكليف مراكز أبحاث موجودة بمهمات المراقبة والدراسات البيئية، بعد دعمها بالمعدات والخبرات. لكن انشاء مؤسسة علمية وطنية للبيئة أو للصحة والبيئة معاً، يبقى الخيار الافضل، لحصر المهمة في يد واحدة. كما كان هناك اتفاق على ان المؤسسة العلمية الوطنية للبيئة ليست بديلاً من الوزارة، بل تشكل دعماً لعملها، من طريق توفير الرأي العلمي المستقل. وجواباً عن التخوف من كلفة انشاء مؤسسة كهذه، اوضحت المناقشة ان جمع البرامج البيئية المتفرقة، بتمويل دولي وثنائي ومحلي، تحت مظلة واحدة، كفيل بتمويل مؤسسة وطنية كهذه.
وبسؤاله عن موقف هولندا من اتفاق تغيّر المناخ بعد انسحاب الولايات المتحدة من بروتوكول كيوتو، قال انها مع الاتحاد الاوروبي سيستمران في التزام البروتوكول في انتظار "تغيير المواقف الاميركية او تغيير ما في الحكم الاميركي".
وكان رومباوت عقد اجتماعات مع وزير البيئة ميشال موسى والمسؤولين في الوزارة ومديري مراكز ابحاث حكومية وجامعية، وقال: "وجدت في بلدكم طاقات فردية نادرة ورغبة في تحقيق انجازات، لكنني لاحظت حاجة الى تعاون أكبر في العمل المؤسساتي العلمي على صعيد البيئة".
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.