على غــرار حفــلات الـــروك الشهيرة Live Aid و8 Live شهدت مدن في قارات العالم الخمس حدثاً فنياً كبيراً في 7 تموز (يوليو) (7/7/7) تمثل في احياء تسع حفلات تحت عنوان Live Earth أي الأرض الحية. وكان الهدف رفع الوعي بمخاطر الاحتباس الحراري الذي يهدد الحياة على الكرة الأرضية، من خلال مخاطبة الملايين الذين شاهدوا الحفلات أو استمعوا اليها عبر محطات التلفزيون والاذاعة والانترنت.
شارك أكثر من 150 فناناً من أنحاء العالم في هذا الحدث الذي نظمه ''تحالف حماية المناخ'' بقيادة نائب الرئيس الاميركي السابق آل غور. وأقيمت الحفلات في سيدني وطوكيو وجوهانسبورغ وشنغهاي ولندن وهامبورغ ونيويورك وواشنطن وريو دي جانيرو. وتخللت الوصلات الغنائية أفلام وثائقية عن مواضيع بيئية. وكانت لكثير من الفنانين رسائل حثت الجماهير على الحد من ''انبعاثاتهم الشخصية'' من ثاني اوكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري، واعادة التدوير.
استأثر الحدث باهتمام وسائل الإعلام حول العالم. وكانت الصحف الألمانية الأكثر تفاؤلاً بنجاح حفلات ذاك السبت التي استهدفت، كما قال غور، حفز الناس للضغط على حكوماتهم كي توقع اتفاقية جديدة بحلول سنة 2009 تخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 90 في المئة في الدول الغنية وبأكثر من النصف في أنحاء العالم بحلول سنة .2050 وجاء في صحيفة ''بيلد أم سونتاغ'' الرائجة في ألمانيا: ''النقطة الجوهرية هي أن حماية المناخ شكلت وسيلة مرح وتسلية لبليوني شخص في يوم واحد''.
بصمات كربونية
لكن هذه الحفلات أثارت أيضاً انتقادات كثير من المهتمين بقضايا البيئة، الذين اعتبروا أن نقل الفنانين وفرقهم بالطائرات للمشاركة فيها، واستهلاك كميات كبيرة من الكهرباء لاقامتها، تعاكس هدف الحد من استهلاك الطاقة الذي ينتج الانبعاثات المسؤولة عن الاحتباس الحراري.
وكانت تعليقات سلبية على الحدث سرقت بعض بريقه. فاستعرضت عدة مقالات ''السجلات الخضراء'' لعدد من الفنانين المشاركين، بمن فيهم مادونا التي قدرت ''بصمتها الكربونية'' السنوية بمئة ضعف تلك التي يسببها المواطن العادي في بريطانيا حيث غنت. وأوردت صحيفة ''نيوز اوف ذي وورلد'' الأكثر مبيعاً في بريطانيا تقديرات مفصلة لانبعاثات مادونا الكربونية الناجمة عن تسعة منازل وأسطول سيارات وطائرة خاصة تملكها، معتبرة إياها ''كارثة تغير مناخي''. واستشهدت صحيفة ''صنداي تلغراف'' بتقارير أميركية عن علاقات مادونا بشركات ملوثة كبرى. لكن المتحدثة باسم النجمة الأميركية قالت ان ''موافقة مادونا على الغناء في لايف ايرث ليست إلا واحدة من الخطوات الأولى في التزامها بأن تكون مسؤولة بيئياً''.
الكوميدي الأميركي كريس روك عبر بطريقة فكاهية عن اعتقاد شاركه فيه كثيرون، وهو أن ''لايف ايرث'' لن تحدث أثراً يدوم طويلاً، وقد قال: ''اني أصلي كي ينهي هذا الحدث الاحتباس الحراري، مثلما أنهت حفلات لايف إيد الجوع في العالم''.
وقال جون باكلي مدير مؤسسة Carbon Footprint التي ترصد تأثير النشاط البشري في الاحتباس الحراري: ''من الأفضل توعية هؤلاء الفنانين بالاضرار التي يلحقونها بالمناخ وضرورة تغيير نمط حياتهم للمساهمة في مكافحة الاحتباس الحراري''.
مبادرات بيئية
اذا كان الهدف من حفلات ''لايف ايرث'' الحث على مكافحة الاحتباس الحراري، فقد كان لا بد من التصدي لخطر بيئي آخر تمثل في تلال النفايات وآلاف الأطنان من غازات الدفيئة الناتجة عنها.
ولاضفاء صبغة بيئية على الحفلات، أعلن منظموها أنه سيتم الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة لموازنة الغازات المنبعثة من الطائرات التي تقلّ النجوم والجماهير، واستخدام سيارات هجينة (هايبريد) أو مقتصدة بالطاقة ''حيث أمكن'' لتنقلات الموظفين المنتدبين للحفلات. وفي مدرج ومبلي في لندن، استخدمت للأطعمة السريعة علب مصنوعة من النشاء للحد من استعمال البلاستيك. واشتملت أسعار بطاقات الدخول في هامبورغ على رسم بقيمة 0,3 يورو لمشاريع تجميع وتخزين غازات الدفيئة. وفي سيدني أتاحت البطاقات حق السفر مجاناً بوسائل النقل العام.
وقال جون ريغو، المستشار البيئي لحفلات ''لايف ايرث''، ان كل حفلة أنتجت غازات دفيئة أقل بمقدار الربع عن نحو 4000 طن تطلقها حفلات مماثلة، وهذه تعادل الانبعاثات السنوية لـ 200 شخص في الولايات المتحدة أو 800 شخص في الصين.
''لايف ايرث'' كانت انطلاقة حملة تستمر بضع سنوات، بمشاركة منظمات دولية، لنشر الوعي بأخطار تغير المناخ حول العالم.