''الاقتصاد يجب أن يكون ملائماً للبيئة، أو لن يكون هناك اقتصاد... ومن يستطيع إعادة تدوير كل شيء سيقود الصناعة مستقبلاً''.
بهذه الجملة افتتح وزير البيئة الإيطالي ألفونسو بيكورارو سكانيو الدورة الحادية عشرة لمعرض Ecomondo الدولي لاسترداد المواد والطاقة والتنمية المستدامة، الذي أقيم في مدينة ريميني الإيطالية بين 7 و10 تشرين الثاني (نوفمبر).
وقد تـزامن ''ايكومونـدو'' مع المعـرض الـدولي الأول Key Energy حول الطاقة والنقل المستدام والمناخ وموارد التنمية الحديثة، ومع الدورة الثالثة لمعرض Ri3 لإعادة الإنتاج واعادة التعبئة واعادة الاستخدام في قطاعات الإعلام المطبوع وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
استقطب ''ايكوموندو'' زواراً من جميع الأعمار والاختصاصات. وأظهرت الأرقام تقدّمه بنسبة 10,1 في المئة عن العام الماضي من حيث عدد الزوار، الذي بلغ 58 ألف زائر في أربعة أيام. وقد دعت مؤسسة التجارة الخارجية عدداً من البعثات الدولية لحضور المعرض ولقاء الشركات الاوروبية. ومن الدول العربية المشاركة مصر وليبيا والمغرب وتونس والجزائر والامارات ولبنان وسورية والاردن.
وأشارت مديرة المعرض أليساندرا أستولفي الى أن التركيز هذه السنة كان على أهمية الاسترجاع كمورد اقتصادي. واللافت أن اعلان المعرض تمثل برسم خزنة على شكل مستوعب للنفايات، دلالة على القيمة المادية الكبيرة التي يمكن الحصول عليها من استرجاع المواد.
انتشرت منصات العرض التي تجاوز عددها الألف على مساحة 75 ألف متر مربع. وتناولت المعروضات آخر ما توصلت اليه التكنولوجيا في معالجة النفايات واعادة تدويرها واسترداد المواد الصالحة لإنتاج جديد، ومعدات تجميع النفايات ونقلها، والتوضيب البيئي، ومعالجة مياه الشرب والمياه المبتذلة وتوزيعها، ومعالجة ملوّثات الهواء، ومجالات اخرى.
ذهب من نفايات
شهد ''ايكوموندو'' تزايداً في عدد المؤتمرات والندوات والمشاركين فيها عن عام .2006 فأقيم خلال المعرض 179 مؤتمراً وندوة استضافت نحو 1200 محاضر وأكثر من 10 آلاف مستمع. وتراوحت مناقشاتها من الاقتصاد في الموارد الى استخدامات الطاقة المتجددة. وأقيمت ورش عمل وطاولات مستديرة حول عناوين مثيرة للاهتمام، كالأبحاث والتمويل والمقاييس الأوروبية والمنتجات الحديثة، بالاضافة الى مناقشة تجارب بلدان أوروبية مختلفة.
وأقامت مجموعة CONAI، وهي كونسورتيوم لشركات اعادة تدوير وسائل التغليف، مؤتمراً لفت خلاله مديرها روبيرتو دي سانتيس الى أن قطاع اعادة تدوير مواد التغليف نما في السنين العشر الماضية بنسبة 103 في المئة، وزادت نسبة الصناعات التي تدخلها معادن مستعادة من نفايات من 14 الى 21 في المئة، مما ولّد قطاعاً مربحاً بمردود بلغ 40 بليون يورو.
ولاقى نظام WEEE للإستفادة من النفايات الالكترونية والكهربائية اهتماماً كبيراً بعد مناقشته في المعرض. فقد برهن أن هذه النفايات تشكل مصدراً ضخماً للصناعة، بسبب الكمية الكبيرة من المعادن التي يمكن استخراجها منها. حتى الذهب يمكن استرجاعه من هذه المنتجات، فكل طنّ من الكومبيوترات يحتوي على 16 غراماً من الذهب! وفي حين قدّرت كمية هذه النفايات في ايطاليا بنحو 900 ألف طنّ في السنة، أي قرابة 2,6 في المئة من مجموع النفايات الصلبة، يسترجع منها 65 ألف طنّ، ويعمل WEEE للوصول الى قدرة استرجاع 240 ألف طنّ سنة .2008 وستشترك في هذا النظام 11 ألف شركة يبلغ مردودها الاجمالي 32 بليون يورو وتوظف نحو 212 ألف عامل. وبذلك تشكل الاستفادة من هذه النفايات ثاني أكبر قطاع صناعي في ايطاليا مباشرة بعد صناعة السيارات.
إطلاقات جديدة
شهد المعرض الانطلاقة الأولى لجناح معرض ومؤتمر Intertech حول اعادة التدوير في قطاع الإعمار، ومشروع ''المدن المستدامة'' الذي عرض لأكثر المشاريع الايطالية تطوراً في ما يختص بالاستدامة العمرانية والبناء الأخضر.
من المشاريع الجديدة التي أطلقت ايضاً في المعرض مشروع Just Rubber لاعادة تدوير مطاط الاطارات المستعملة. ورافقه اطلاق ماركة ''شجرة المطاط''
(The Rubber Tree - 100% recycled rubber) لترويج المواد الخام والمنتجات المصنوعة من مطاط الاطارات.
وبدا الاهتمام واضحاً هذه السنة بالتواصل مع الجيل الجديد، وتجسّد في جناح Ecomondo Education الذي توجه الى الأولاد بين 4 سنوات و16 سنة، وركز على قضايا البيئة والطاقة من خلال تخصيص مساحة رحبة أقيمت فيها ورش تعليمية وعروض مسرحية ولقاءات مع اختصاصيين. كما تضمن الجناح منصات عرض لمواضيع متخصصة كالفن والبيئة، والعلوم والبيئة، والألعاب والبيئة. وهو شهد اقبالاً كثيفاً من طلاب المدارس، علماً أن المعرض يستقبل سنوياً نحو 7000 طالب من أنحاء ايطاليا.
وبعد النجاح الذي حققته ''المقاهي العلمية'' العام الفائت، تم تخصيص مساحة مفتوحة للجمهور، حيث قام عدد من المحاضرين بالاضاءة على القضايا البيئية الهامة وشرحها بلغة سهلة ومناقشتها مع الحضور.
وقد اعتاد منظمو Ecomondo اختيار رمز بمثابة ''جالب حظ'' للمعرض. وبعد الضفدع الأزرق الذي اختاروه في العام الماضي، اختير السنونو الأحمر كرمز لمعرض 2007. وهذا الطائر من الانواع النادرة جداً، وتم اختياره كرسالة لبثّ الوعي البيئي وحماية الطبيعة والحياة البرية.
لا شك أن السنونو الاحمر ممتنّ بحمايته واعتباره جالب حظ للتغلّب على المصاعب التي تواجه الانسان. ولكن الحظ وحده لا يكفي. فكما قال وكيل وزير البيئة الايطالي برونو ديتوري: ''البيئة وضعتنا أمام التحدي: إما أن نكون مجتمعاً موحّداً نناضل بإصرار لتحقيق أهدافنا في حماية الموارد والتنمية المستدامة، أو لا ننجح''.