''النفايات مصدر للثروات'' شعار رفع في تونس قبل ثلاث سنوات، وانطلق تجسيده عبر تطوير سوق للتشغيل وبعث المؤسسات البيئية الصغرى. وهذا برنامج ضخم تنفذه وزارة البيئة والتنمية المستديمة بالتعاون مع الهيئات المعنية بالتمويل والتأهيل والتشغيل. وقد خلق مئات فرص العمل في مجالات رفع النفايات وإدارة المساحات الخضراء والتجميل و''الرسكلة''، وهي المصطلح المتداول في تونس لاعادة التدوير (recycling).
في البدء كانت فكرة، انطلقت بغاية محاربة تناثر النفايات البلاستيكية من قوارير ومعلبات وأكياس وأغشية، مشوهة جمالية المدن. وتم في مرحلة أولى إعداد منظومة شبكة أحباء البيئة (شاب) وتمكين عدد من حاملي الشهادات العليا من فرص إنشاء وإدارة مؤسسات صغرى في هذه الميادين، سرعان ما مكنتهم من توفير موارد مالية خولتهم تدبر مصاريف التشغيل والمعدات ووسائل النقل التي وفرتها لهم الدولة مع ضمان أرباح محترمة.
وسعياً إلى إحكام الادارة، تم إحداث الوكالة الوطنية للتصرف بالنفايات عام .2005 وكلفت بالإشراف على القطاع من خلال إعداد المشاريع وإنجازها، وتقديم المساعدة الفنية والمالية للبلديات والصناعيين، وتسيير النظم العمومية للنفايات وصيانة منشآت النفايات الخطرة.
واعتباراً للمردودية الاقتصادية للرسكلة، تم وضع النظام العمومي لجمع النفايـات ''إيكولف'' عام 1997 والنظام العمومي ''إيكوزيت'' لجمع الزيوت المستعملة عام .2004 ويجري الإعداد لوضع نظم أخرى للتصرف بالنفايات القابلة للتثمين والرسكلة، ووضع الآليات والحوافز المالية والجبائية لتشجيع القطاع الخاص على إحداث وحدات لتدويرها.
ومكنت منظومة ''إيكولف'' للجمع من إحداث نحو 13 ألف فرصة عمل في ميدان تجميع االنفايات الزجاجية والمعدنية والبلاستيكية، كما أتاحت إنشاء عشرات المؤسسات الصغرى لحاملي الشهادات العليا (منظومة شاب) وأكثر من 60 مؤسسة لاعادة التدوير. وفي تطور ملحوظ سنة 2007، بلغ عدد مؤسسات الرسكلة 617 مؤسسة، استأثرت النفايات البلاستيكية بنحو 570 منها.
وقد تم انجاز خمسة مطامر هي في طور الاستغلال، ويجري إنجاز تسعة مطامر مراقبة مع مراكز التحويل التابعة لها، اضافة الى وحدة لمعالجة النفايات الخاصة.
ومن الآليات التي تم توفيرها للشباب، ولا سيما خريجي الجامعات، أنشئ موقع على الانترنت للتشغيل الأخضر عنوانه www.pagesvertestunisie.com وتم نشر وثائق وأدلة مبسطة تخول الشباب الإنخراط في مسار إنشاء مؤسسات خاصة في المجال البيئي. وقد أثار ذلك حماسة العديد من الشبان التونسيين. ومثل المنتدى الدولي للإستثمار والتشغيل في المجال البيئي، الذي احتضنته تونس من 9 إلى 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، محطة هامة للتبادل وتكثيف فرص الإعلام والإتصال بين طالبي العمل والعارضين من المؤسسات والصناعيين والوكالات ومؤسسات التمويل في هذا الميدان الواعد.
كادر
إزالة المبيدات التالفة وخزنها بانتظار ترحيلها
البرنامج الأفريقي لإزالة المبيدات التالفة هو أضخم مبادرة من نوعها في القارة السمراء يرمي إلى التخلص من مكدساتها، ووضع استراتيجية مستدامة تحول دون تكون مخزون جديد من هذه المواد الكيميائية الشديدة الخطورة. كما يهدف إلى دعم قدرات الدول الأفريقية في التصرف الرشيد بالمبيدات، وتعزيز إجراءات الوقاية. وتراوح تكاليف تنفيذه بين 200 و250 مليون دولار.
بدأ تنفيذ المشروع في تونس في حزيران (يونيو) 2004 بمناسبة اليوم العالمي والوطني للبيئة. ويتواصل إنجازه من قبل الوكالة الوطنية للتصرف بالنفايات حتى تشرين الثاني (نوفمبر) 2009.
قامت الوكالة، بالتعاون مع مصالح وزارات الفلاحة والموارد المائية والصحة العمومية والداخلية والتنمية المحلية، بجرد شامل للمبيدات التالفة المتواجدة في البلاد. وأسفر هذا الجرد عن العثور على كميات كبيرة من المبيدات التالفة قدرت بنحو 1200 طن موزعة على نحو 200 موقع في أنحاء البلاد. وقد تكدست كمية هامة منذ مدة طويلة بسبب مكافحة الجراد الصحراوي ومنع استعمال أنواع من المبيدات منذ الثمانينات.
وساهم البرنامج في تأمين سلامة بعض المواقع المحتوية على مخزونات من المبيدات التالفة. ففي العام 2004، تم رفع كمية كبيرة كانت موجودة في معصرة لزيت الزيتون وخزنها في موقع محروس. وفي شباط (فبراير) 2007، تم تأمين نحو 30 طناً من مادة الـ''د.د.ت'' كانت في مستشفى حكومي منذ نحو 50 سنة، وخزنها في ظروف ملائمة إلى حين إتلافها في إطار البرنامج.
حالياً، يتم جرد المبيدات التالفة الموجودة في حوزة الفلاحين وشركات التنمية الفلاحية، وتدريب الفلاحين ومستعملي المبيدات على التصرف السليم بالمبيدات التالفة، بانتظار انطلاق عملية إزالتها هذه السنة عن طريق إعادة تعليبها وتصديرها إلى إحدى الدول الأوروبية للتخلص منها في محارق خاصة.