Friday 29 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
رينا سعيد خان - كيتي بندر، باكستان مهجَّرو المناخ في دلتا الإندوس  
أيار-حزيران/ مايو-يونيو / عدد 206
 يقول صياد الأسماك سمار دابلو: «مياه البحر سرقت بيوتنا»، فقد أجبر انجراف التربة سكان قريته على الانتقال مسافة أبعد عن الساحل الجنوبي لباكستان.
تشبه دلتا نهر الإندوس شكل مروحة، حيث يلتقي النهر ببحر العرب. وسكانها من أفقر الفقراء، أميون في غالبيتهم، يعيشون في أكواخ خشبية على أرض مسطحة موحلة. وبعدما اجتاحت مياه البحر الدلتا، مدمرة آلاف الهكتارات من الأراضي الخصبة وملوثة قنوات المياه تحت الأرض، باتوا يعيشون من صيد الأسماك في جداول المياه المالحة حيث تشاهد الدلافين.
هاجرت أسرة دابلو مع أربعين عائلة أخرى قبل ثلاث سنوات إلى قرية بهيرت في منطقة كيتي بندر، على بعد كيلومترين من قريتهم القديمة على مصب الدلتا. يقول دابلو: «نحن هنا على أرض أعلى وأبعد عن الشاطئ، والأمواج والرياح أقل شدة. لم يكن لنا خيار سوى الانتقال، لأن بيوتنا كانت تغرق». ولم يكن الانتقال سهلاً، فقد تعين على كل عائلة أن تنفق نحو 15 ألف روبيه (150 دولاراً) لبناء كوخ جديد.
قصة هذه القرية ليست فريدة من نوعها، فهناك مجتمعات كثيرة في الدلتا تنتقل أيضاً لأن أراضيها تختفي. وقد أشار أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) إلى أنه، فيما ترتفع مستويات البحار، تغرق غالبية الدلتات الآسيوية نتيجة استخراج المياه الجوفية وهندسة السهول الفيضية واحتجاز السدود للرسوبيات. وأفاد بحث نشر عام 2009 في مجلة  Nature Geoscience أن دلتا نهر الإندوس شهدت انخفاضاً في الرسوبيات بنسبة 80 في المئة منذ أوائل القرن العشرين. وقد تسبب نحو 20 سداً وعدد كبير من القنوات بتحويل مياه النهر، مما حرم الدلتا من المياه العذبة.
انتقل بعض السكان الى مسطحات طينية في الداخل، حيث هم غير ملزمين بشراء الأرض التي يحتلونها. ويتحضر آخرون للارتحال الى قرى ساحلية في منطقة كراتشي حيث استقر أقرباء لهم.
ابتلعت مياه البحر 28 قرية من أصل 42 في منطقة كيتي بندر. من الواضح أن تغير المناخ يزيد المصاعب في الدلتا. وقد حذر الصندوق العالمي لصون الطبيعة (WWF) في باكستان من أن ارتفاع مستوى البحر يساهم في ازدياد وطأة العواصف وانجراف التربة والفيضانات والملوحة.
ويعمل الصندوق مع مجتمعات الدلتا منذ أكثر من عشر سنوات. وهو أجرى دراسة عام 2012 عن خسارة الأراضي بمقارنة صور أقمار اصطناعية من العامين 1962 و2011. وكشفت النتائج انجراف نحو 9000 هكتار من الأراضي في كيتي بندر وخارو شان.
وتعرضت المناطق الساحلية أيضاً لأضرار بالغة بسبب العواصف القوية. ففي العام 2014، على سبيل المثال، ألحق الإعصار «نانوك» أضراراً كبيرة بالممتلكات، حيث غمرت المياه البيوت في دلتا الإندوس طوال أيام.
 
إحياء غابات المنغروف
تصنف منطقة دلتا الإندوس ضمن المناطق الإيكولوجية الأربعين الأغنى بالتنوع البيولوجي في العالم. ومنذ العام 2011، عمل الصندوق العالمي لصون الطبيعة في باكستان على إعادة تأهيل غابات المنغروف المتدهورة، بهدف صد طغيان البحر. وقد كانت باكستان في ما مضى من أهم موائل غابات المنغروف في العالم. لكن هذه الغابات تدهورت تحت ضغوط اجتياح مياه البحر، ونقص المياه العذبة في دلتا الإندوس، وقطع الأشجار من أجل حطب الوقود، ورعي الجمال. وقدم الصندوق بذور وشتول المنغروف لمجتمعات محلية كي تزرعها. وتظهر صور الأقمار الاصطناعية أن مساحة غابات المنغروف تزداد حالياً بفضل هذا النشاط.
خلال السنوات العشر الماضية ازداد الوعي لهذه المشكلة بشكل كبير. وأول ما فعله دابلو بعد بناء كوخه الجديد كان زرع المنغروف حوله «لوقف انجراف التربة وحماية الشاطئ».
وبالاضافة الى توفير منطقة عازلة تحمي من الفيضانات وتآكل الخط الساحلي، توفر أشجار المنغروف ملاذاً للأسماك والمحار والروبيان والسلاطعين. ويمكن للقرويين بيع ثمار البحر هذه في مدينة كراتشي، على بعد ثلاث ساعات بالسيارة.
 
بيوت أعلى
تضمن مشروع الصندوق العالمي لصون الطبيعة في باكستان، لمساعدة المجتمعات الساحلية في التكيف مع تأثيرات تغير المناخ، ترويج إنشاء منصات لبيوت مرتفعة تحمي القرويين بشكل أفضل من العواصف وفيضانات المد والجزر.
قالت سكينة، متباهية بكوخها المرتفع الجديد: «الآن عندما ترتفع المياه لا نخسر أسرَّتنا وملابسنا وأوانينا، ويمكننا إحضار أطفالنا الى فوق». الجميع في القرية يريدون واحداً من هذه الأكواخ، لكن صنعها مكلف لأنها تحتاج إلى خشب كثير يتعين شراؤه من أسواق في بلدات مجاورة.
تولى مشروع الصندوق العالمي لصون الطبيعة بناء 20 منصة للأكواخ في منطقة الدلتا. لكن السكان ما زالوا معرضين للنزوح نتيجة الاجتياح المستمر للبحر. وقال إسماعيل، شقيق سكينة: «تجتاح المياه بيوتنا أكثر من ذي قبل، فالمد يهاجمنا بشدة أكبر».
أما سليم دابلو، المقيم حالياً في قرية ميرو دابلو الأبعد إلى الداخل، فقال إن أسرته انتقلت ثلاث مرات. وقد دمر إعصار قريتهم الأخيرة القريبة من مصب دلتا الإندوس. وأضاف: «كنا محظوظين بأن وجدنا مكاناً في الداخل بعيداً عن الشاطئ عام 1997، لأن مافيا الأراضي حلَّت هنا، وبات من المستحيل أن تجد أرضاً ما لم تدفع مبالغ طائلة. أظن أننا آمنون هنا من مياه البحر... حتى الآن».
 
 
كادر
تحضَّري يا حكومات لمهجَّري المناخ
على الحكومات أن تخطط بشكل أفضل لازدياد الهجرة الناشئة عن تغير المناخ، بحسب علماء دوليين أوردوا أدلة على أن الطقس المتطرف والكوارث الطبيعية تدفع الناس الى ترك منازلهم أكثر مما تفعل الحروب. وتوقعوا أن يجبر ارتفاع مستويات البحار والفيضانات وموجات الحر والجفاف المرتبطة بالاحترار العالمي ملايين الناس على الابتعاد عن أماكن الخطر، ولن يتمكن البعض من العودة مطلقاً.
وقال يان إيغلند، رئيس المجلس النروجي للاجئين الذي يدير المركز الدولي لرصد النزوح الداخلي (IDMC) في جنيف: «الكوارث الطبيعية تهجّر من الناس أكثر عشر مرات من جميع النزاعات والحروب في العالم». وتظهر بيانات المركز أن 22 مليون شخص أجبروا على النزوح نتيجة أحداث متطرفة عام 2013، في مقدمها الإعصار هايان الذي ضرب الفيليبين، أي أكثر ثلاث مرات من عدد الذين هجَّرتهم النزاعات. وفي سنوات أخرى كثيرة كانت النسبة أعلى. وكان اجمالي عدد النازحين في سبعينات القرن الماضي نحو 10 ملايين فقط، علماً أن الأحداث المطرفة تشمل أيضاً الزلازل والتسونامي التي لا علاقة لها بالطقس.
واعتبر شالوكا بياني، المقرر الخاص لحقوق المهجرين داخلياً في الأمم المتحدة، أن على الحكومات أن ترفع مستوى التخطيط للنازحين، مضيفاً: «لا يجوز الانتظار حتى تغرق إحدى الجزر ربما في غضون 50 سنة ويختفي شعب بكامله. يجب التخطيط مسبقاً للانتقال وإعادة التوطين». وأشار الى أن تغير المناخ يضيف أسباباً لهجر الناس منازلهم وأوطانهم إذ يؤثر في إمدادات الغذاء والماء، «فالوصول الى موارد تقيِّدها العوامل المناخية يولد نزاعات».
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.