Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
أنجيلا دولاند (مون سان ميشال) إنقاذ جبل سان ميشال   
كانون الثاني (يناير) 2006 / عدد 94
 تعميق مستوى البحر حول موقع مون سان ميشال الشهير في شمال غرب فرنسا قد يعيد حركة المد والجزر الى طبيعتها ويوقف زحف اليابسة على هذا الجبل الصغير الناتئ من البحر
القلق يساور بلداناً كثيرة من ارتفاع مستويات البحار بفعل ذوبان الكتل الجليدية نتيجة الاحتباس الحراري. وتعمل هولندا، على سبيل المثال، في بناء سدود بحرية تدرأ خطر الغرق عن أراضيها المنخفضة. في هذا الوقت، ينفذ مهندسون على شاطئ النورماندي في فرنسا مشروعاً يهدف الى نقيض ذلك تماماً: رفع مستوى مياه المد والجزر.
جبل سان ميشال  (Mont Saint Michel)، بديره القوطي الذي يجثم على جزيرة غرانيتية صغيرة قبالة ساحل النورماندي، مكان فريد يجمع بين روعة جمال طبيعي وارادة الانسان. وقد شبهه الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو بعجائب العمارة الفرعونية في مصر. عند انحسار المياه أثناء الجزر، تحوط الجبل رمال متحركة خطيرة. وأثناء المد يرتفع البحر بسرعة حصان يخبّ، فتملأ الخليج أمواج متكسرة.
مع الوقت، فقدت هذه الجزيرة الصغيرة بعض جلالها. بل انها لم تعد جزيرة حقيقية، بعدما أخذ شاطئ البر يزحف اليها. والسبب يعود في معظمه الى مشاريع التنمية غير المدروسة. فالجسر الذي أنشئ في القرن التاسع عشر للوصول الى الجبل منع التيارات المائية من التدفق بحرية ومن دفع الطمي بعيداً في اتجاه البحر. ومع إلقاء أطنان من الرسوبيات الاضافية في الخليج، تتقدم في اتجاه الجبل رقعة من الأرض السبخة المالحة تتسع 25 هكتاراً كل سنة.
''اذا لم نفعل شيئاً، فسيحوط العشب مون سان ميشال سنة ،''2042 قال فرانسوا زافييه دو بولينكور، المهندس المشرف على مشروع تموله الحكومة الفرنسية لوقف الضرر، يتوخى إنقاذ النظام الايكولوجي الفريد للخليج. وسوف تقام بحيرة على نهر محلي لزيادة قوة جريانه، مما يمكنه من دفع الرسوبيات بعيداً من دون التسبب بازعاج للفقم والبرمائيات والمحاريات التي تعيش هناك. كما أن سداً جديداً مزوداً بثماني بوابات تحكّم سيساعد في توجيه الرسوبيات نحو مجرى النهر. وسيبقى الجبل مفتوحاً أمام السياح أثناء تنفيذ المشروع المقرر انجازه سنة 2009.
وسيتم تفكيك الجسر القديم وموقف السيارات القبيح التابع له. وسيوقف الزوار سياراتهم على البر، ومن ثم يركبون حافلة صغيرة تقلّهم الى الجبل وتعيدهم منه، أو يمشون عبر جسر حديد متقن يسمح للتيارات المائية بالمرور تحته بحرية. ويقول العلماء الذي يتابعون المشروع ان مستوى قاع البحر حول الجزيرة سيعمق تلقائياً 70 سنتيمتراً بحلول سنة ،2042 وتعود حركة المد والجزر لتدوِّم بحرية من جديد.
بعد ايفل وفرساي
طوال قرون، ظل الحجاج القادمون من أنحاء اوروبا يشقون طريقهم الى الجبل مجازفين بحياتهم عبر الرمال البحريةالمتحركة في ساعات الجزر. وكان المزار الصغير الأول قد بني على الصخر قبل نحو 1300 سنة، وصمد في وجه الحرائق والأمواج العاتية ومحاولات الغزو. وأثناء الثورة الفرنسية، تم تحويله الى سجن. ويجتذب الجبل حالياً ثلاثة ملايين سائح سنوياً، مما يجعله ثالث مقصد سياحي في فرنسا بعد برج ايفل وقصر فرساي.
مرشدو الزوار في خليج سان ميشال، المدرَّبون على الابحار عبر الأمواج المتكسرة وخوض الرمال المتحركة، قلقون من العواقب غير المتوقعة للتلاعب بحركة المد والجزر من أجل ترويج السياحة الجماعية. وهم يخشون من أن المشروع قد يترك الخليج مملوءاً بالجيوب المائية مما يجعل المشي فيه غير ممكن.
أما مؤيدو المشروع فلا يجدون مبرراً لهذه المخاوف. فقد بنى الخبراء نموذجاً مساحته 900 متر مربع داخل حظيرة (هنغار). وباستعمال بيانات منذ العام ،1975 حاكوا 22 سنة من حركات المد والجزر، حتى أصبح النموذج مضاهياً للخليج كما كان عام 1997. بعد ذلك اختبروا وسائل لاعادة توجيه مسار المياه.
يعترف مديرو المشروع بأن التلاعب بالخليج قد يجلب مضاعفات غير معروفة في المستقبل البعيد. ويقول بولينكور: ''لدينا فكرة دقيقة جداً عما سيحدث بعد 50 سنة من انشاء المشروع، وفكرة جيدة عما سيحدث خلال هذا القرن. لكن، بعد ذلك، هناك عوامل لا نستطيع السيطرة عليها. فهل سيحدث احترار عالمي يرفع مستوى البحر مثلاً؟'' وقد أثيرت أيضاً تساؤلات حول كلفة المشروع المتضخمة التي أخرت موافقة الحكومة على تنفيذه. فقد تضاعف السعر ثلاث مرات عن التقدير الذي بلغ قبل عشر سنوات 74 مليون يورو (89 مليون دولار)، اذ تقدر الكلفة الآن بنحو 220 مليون يورو (260 مليون دولار).
بالمقارنة، ستكلف خطة ايطاليا لحماية مدينة البندقية 3,33 مليارات يورو (4 مليارات دولار). وتلحظ الخطة المقرر انجازها بين 2010 و2011، بناء حواجز مثبّتة بمفصلات على قاع البحر الادرياتيكي بحيث ترتفع عندما تهدد حركة المد المدينة.
عمدة مون سان ميشال، باتريك غولوا، الذي يشرف مكتبه على الخليج والمستنقعات المعشوشبة حيث ترعى قطعان الغنم، يقول انه كثيراً ما يفكر في المفارقة بين المشروعين الجاريين على ساحلي أوروبا الشمالي والجنوبي، أحدهما لانقاذ مدينة من المياه، والآخر لانقاذ المياه من اليابسة. وهو لا يستطيع تصور الجبل محاطاً بالعشب. قال: "هناك شيء من السحر في هذا المقام الشامخ وسط البحر. لقد قاوم 1000 سنة من العواصف، وأحب أن أطمئن نفسي أنه أقوى من كل شر أو دمار".
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.