Wednesday 27 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
البيئة والتنمية كيف يؤثر البلاستيك في هطول الأمطار وتغيُّر الحرارة؟  
آذار / مارس 2023 / عدد 300
خلال العقود القليلة الماضية، أصبح البلاستيك عنصراً ملوِّثاً على نحو ملحوظ، إذ يخنق السلاحف والطيور المائية، ويملأ مكبّات النفايات، ويسدّ الممرات المائية. ومنذ سنوات قليلة، ازداد اهتمام الباحثين بالتأثير المناخي لِقِطَع البلاستيك الصغيرة التي ترتفع في الهواء متحررة من ماء البحر أو المتفتتة من إطارات السيارات على الطرق السريعة.
 
مليارات أطنان البلاستيك في الطبيعة
لا يُعرف الكثير عن الآثار البيئية لوجود اللدائن البلاستيكية الدقيقة والنانوية (microplastics and nanoplastics) في الغلاف الجوي. إلا أن مقالاً، نشرته دورية "نيتشر جيوساينس" مؤخراً، حاول تسليط الضوء على ما يعرفه الباحثون حتى الآن عن تأثير البلاستيك الجوّي على الغيوم ودوره في تغيير درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار.
 
وتتكوّن الغيوم عندما يتكثّف الماء أو الجليد على "البذور" أو "الأنوية" في الجو، وهي الجزيئات الصغيرة من الغبار أو الملح أو الرمل أو السخام أو أية مادة معلّقة في الهواء تنتج عن طريق حرق الوقود الأحفوري أو حرائق الغابات أو الطبخ أو البراكين. ويوجد في الجو الكثير من هذه الجسيمات الدقيقة، أو الهباء الجوّي، وهي تؤثر على كل شيء في محيطنا، من جودة الهواء الذي نتنفسه إلى لون غروب الشمس وتشكيلات السحب في السماء.
 
وإلى وقت قريب، كان العلماء يستبعدون تأثير البلاستيك على هطول الأمطار، وذلك بسبب تراكيزه المنخفضة في الجو وتركيبه الطارِد للماء، مما يرجّح عدم فعاليته في بذر قطرات السحب. ويشير المقال إلى أن هذه التقديرات تغيّرت مؤخراً، حيث أكّدت الدراسات أن القطع البلاستيكية المجهرية فاعلة في بذر الغيوم، كما توجد كميات من البلاستيك الجوّي أكثر مما كان يُظن سابقاً.
 
وكانت المنتجات البلاستيكية هيمنت على الأسواق الاستهلاكية منذ بدأ استخدامها تجارياً في ثلاثينيات القرن الماضي. وبلغ الإنتاج العالمي السنوي من البوليميرات البلاستيكية 460 مليون طن في 2019، وهي قفزة كبيرة عما تم إنتاجه في 1950 (2 مليون طن) أو حتى في 2020 (213 مليون طن).
 
ومع نهاية 2022، تجاوزت كمية المنتجات البلاستيكية التي صنعها البشر على مر التاريخ 12.2 مليار طن، من بينها نحو 9.8 مليارات طن لم تعد مستخدمة، وأصبحت توصف على أنها نفايات بلاستيكية انتهى معظمها في المكبّات، وتسرّب جزء منها إلى الأوساط الطبيعية.
 
ويقارِب معدل تدوير المخلّفات البلاستيكية نحو 9 في المائة فقط مما يتم إنتاجه عالمياً، في حين يُحرق 12 في المائة من المنتجات البلاستيكية، وتُرمى أغلب الكمية المتبقية في مكبّات النفايات أو بشكل عشوائي في الأماكن المفتوحة والأنهار والمحيطات. وقد تم العثور على فتات البلاستيك في أماكن بعيدة، في التربة والمياه والمحاصيل، وصولاً إلى قاع المحيطات.
 
وتسجّل العديد من الدراسات قدرة المواد البلاستيكية الدقيقة والنانوية على الوصول إلى أماكن نائية، حيث عُثر عليها في المناطق القطبية وفي أعالي الجبال. وتتسلل جزيئات البلاستيك إلى الجو بطرق مختلفة، فمنها ناتج عن اهتلاك الإطارات على الطرقات، وبعضها يرتبط بالإنتاج الزراعي كالسماد المصنوع من النفايات المنزلية الملوّثة بالبلاستيك أو رقائق البيوت البلاستيكية، والكثير منها ناتج عن الانتقال من الأوساط الأخرى كالبحار ومكبّات النفايات ومياه الصرف الصحي.
 
التأثير يزداد مع ارتفاع تركيز البلاستيك في الجو
يمكن لجزيئات البلاستيك أن تبقى معلّقة في الهواء لعدة أسابيع، مما يسمح لها بالانتقال آلاف الكيلومترات بعيداً عن مصدرها. ومن الثابت أن البلاستيك يجد طريقه إلى جسم الإنسان عن طريق التنفس أو عن طريق تناول الطعام، إلا أن الأبحاث حول تفاصيل تأثيره الصحي لا تزال قليلة نسبياً.
 
ويؤكد مقال "نيتشر جيوساينس" صعوبة تحديد مقدار البلاستيك الموجود في الجو، حيث تتباين الأرقام بحسب نوعية المرشِّحات المستخدمة في القياس والقدرة على تمييز الأجزاء الدقيقة للغاية. وتشير مجموعة من الدراسات إلى أن تركيز الجسيمات البلاستيكية الدقيقة المحمولة جواً يتراوح ما بين 0.01 جسيم لكل متر مكعب من الهواء فوق غرب المحيط الهادئ إلى عدة آلاف من الجسيمات فوق لندن وبكين.
 
ويشكّل البلاستيك حالياً أقل من 1 في المائة من الهباء الجوي البشري المنشأ الذي يسقط على الأرض، مما يجعل تأثيره في المناخ محدوداً. ولكن يمكن، على نحو مثير للقلق، أن يشكّل أكثر من 50 في المائة من الهباء الجوي الذي يسقط على أجزاء المحيط في اتجاه الرياح التي تهب من مواقع تُعتبر مصادر كبرى للبلاستيك.
 
ويمثّل الهباء الجوي مكوّنا شائكاً في النماذج المناخية، إذ يمكنه تغيير المناخ عن طريق عكس أو امتصاص أشعة الشمس بالاعتماد جزئياً على لونه. وفي المجمل، كان للانبعاثات الهائلة من الهباء الجوي منذ بداية الثورة الصناعية تأثير في التبريد بدلاً من التسخين، من خلال عكس ضوء الشمس. وتشير دراسات إلى أن الاحترار العالمي كان سيتجاوز المعدلات التي نراها اليوم بنسبة 30 إلى 50 في المائة لولا هذه الانعكاسات. وفي ما يخص البلاستيك الجوّي، فدوره في التأثير الإشعاعي يصبح جديراً بالملاحظة عندما يتجاوز تركيزه 100 جسيم في المتر المكعب، وتتعلق قدرته على التبريد أو التسخين بطبيعته اللونية.
 
غالباً ما يكون للهباء الجوي انعكاس أكبر على المناخ من خلال تأثيره على السُحب، حيث يلعب دوراً هاماً في تكوين السُحب على ارتفاعات مختلفة وفي إطلاق الهطولات المطرية والثلجية. وتؤدي السماء الملوّثة بشدّة بالبلاستيك إلى مزيد من السُحب الجليدية على ارتفاعات عالية تميل إلى تدفئة سطح الأرض، وإلى مزيد من السُحب المائية على ارتفاعات منخفضة تميل إلى تبريد الأرض. ويمكن أن يؤثر البلاستيك أيضاً على أنماط هطول الأمطار، إذ تميل السُحب الأكثر تلوّثاً للبقاء فترة أطول قبل أن تمطر، مقارنة بالسُحب الأقل تلوّثاً، ثم تمطر بغزارة.
 
ويخلص مقال "نيتشر جيوساينس" إلى الدعوة لإجراء حسابات تفصيلية أعمق للحصول على تقديرات أكثر واقعية لتركيزات البلاستيك وألوانه وأحجامه. وفيما لا يزال تأثيرها على المناخ غير محسوم، فإنه من المؤكد عدم انتهاء مشكلة البلاستيك قريباً، وهي ستكبر وتستمر عواقبها لسنين طويلة.
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
"البيئة والتنمية" (بيروت / نيروبي) هل بحار العرب آمنة من مياه المجاري؟
فاضل البدراني (بغداد) ما مصير سكان قرية الاشعاع النووي؟
أبوظبي - «البيئة والتنمية» إدارة المياه في أبوظبي
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.