Friday 19 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
ديانا حجار (بيروت) ميــاه رمـاديــة تروي الحدائق  
شباط (فبراير) 2009 / عدد 131
 ''بفضل مشروع المياه الرمادية أستطيع الآن الاستفادة من حديقتي القاحلة، فأزرع الخضر والفاكهة لأطفالي وأرويها بالمياه التي نستهلكها في المنزل، من دون كلفة أو جهد''. هذا ما قالته أمل سرحال من بلدة تنورة اللبنانية في قضاء راشيا. وفي حديقة أمل أربعة براميل بلاستيك زرقاء كبيرة موصولة في ما بينها بأنابيب من بلاستيك، تضخ منها المياه المعالجة الى شبكة الري بالتنقيط في الحديقة.
منزل أمل واحد من نحو مئة منزل في قضاء راشيا، زود كل منها بمجموعة من ثلاثة براميل أو أربعة تشكل وحدة معالجة المياه الرمادية، وهي المياه التي تنتج من أحواض الجلي والاستحمام وغسالات الملابس. وتتم معالجة هذه المياه لاهوائياً، بحيث تصبح صالحة للري من دون تأثيرات صحية أو بيئية.
بلدة تنورة، كغيرها من البلدات اللبنانية، تعاني من نقص حاد في المياه. وإعادة استخدام المياه الرمادية يمكن أن تلبي حاجات الري وتعزز إنتاج المزروعات الغذائية في الحدائق المنزلية، وبالتالي تساهم في الأمن الغذائي لسكان المناطق التي تعاني شحاً.
مشاريع المياه الرمادية التي نفذت في البقاع الغربي وجنوب لبنان، والفوائد التي حققتها، والمشاكل والعوائق التي اعترضتها، كانت ضمن المواضيع التي تناولتها ورشة عمل حول معالجة المياه الرمادية وإعادة استعمالها لري الزراعات المنزلية في لبنان، نظمتها الجمعية اللبنانية للتكنولوجيا الملائمة ومركز الشرق الأوسط للتكنولوجيا الملائمة LATA / MECTAT برعاية وزارة الطاقة والمياه. ضمت الورشة، التي عقدت في 19 كانون الأول (ديسمبر) 2008 في فندق ميريديان كومودور في بيروت، ممثلين لجميع الجهات المعنية بتنمية الموارد المائية، بما في ذلك وزارة الطاقة والمياه، والجهات المانحة، ووكالات الأمم المتحدة، وباحثون، وجامعيون، ومنظمات غير حكومية، وصحافيون، ومهتمون بشؤون البيئة.

تقنية فعالة لادارة الطلب على المياه
واقع المياه في لبنان، واستراتيجيات وزارة الطاقة والمياه لإدارة الطلب، والإطار التنفيذي للإصلاحات التشريعية والمؤسساتية، وخطة العمل المتبعة لتنفيذ التنظيم الشامل للموارد المائية، كانت ضمن عرض قدمه مدير عام الوزارة الدكتور فادي قمير. وهو شدد على أهمية المياه الرمادية وإعادة استعمالها كإحدى تقنيات ادارة الطلب على المياه.
وتحدثت سيسيليا كورسيني، ممثلة المنظمة الايطالية GVC التي مولت مشروع المياه الرمادية في بلدتي عين إبل وعيطرون في جنوب لبنان. فشرحت دور المنظمة في دعم المشاريع الصديقة للبيئة، واهتمامها بترويج تقنية إعادة استعمال المياه الرمادية في المناطق الجنوبية.
وعرّفت راغدة حداد بنشاطات الجمعية اللبنانية للتكنولوجيا الملائمة في تعميم مفاهيم التنمية المستدامة في الأرياف والضواحي، بترويج تطبيقات التكنولوجيا الصديقة للبيئة. وتم عرض شريط مصور عن مشاريع المياه الرمادية.
 
مواطنون متحمسون
''استعمال المياه الرمادية مفيد اقتصادياً، صحي بيئياً، ومبرر أدبياً''، كان عنوان محاضرة شربل محفوض، عضو فريق أبحاث المياه الرمادية في الجمعية اللبنانية للتكنولوجيا الملائمة. فعرض المشاريع النموذجية التي نفذتها الجمعية خلال الفترة 2002 ـ 2008 بدعم من المركز الكندي لبحوث التنمية الدولية  (IDRC)، في عشر بلدات في قضاء راشيا ـ البقاع الغربي، حيث تم تركيب أكثر من مئة نظام لمعالجة المياه الرمادية من نوع 3 أو 4 براميل، وأربعة أنظمة من نوع الحفرة المحصورة. وفي 2008 نفذت الجمعية مشروعاً مماثلاً في عين إبل وعيطرون، بالتعاون مع المنظمة الايطالية GVC والوكالة الايطالية للتعاون الدولي.
الهدف من هذه المشاريع هو التحقق من صلاحية الطرق الحالية لاعادة استعمال المياه الرمادية، وتحسين تصاميم وحدات المعالجة لضمان استدامتها على المدى البعيد، والتصدي للعقبات الاجتماعية والمؤسساتية التي تعيق تحسين مستوى استعمال المياه الرمادية، وتحفيز صانعي القرار المحليين والوزارات على تبني نشر هذه التقنية في التجمعات السكنية التي تعاني شحاً في المياه.
وقد أظهرت النتائج أن فوائد مشاريع المياه الرمادية هي ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وبيئية. في تنورة، على سبيل المثال، حيث يبلغ استهلاك المياه 80 ليتراً للفرد في اليوم وأقل من 30 ليتراً خلال موسم الجفاف، يترتب على الأهالي شراء مياه الصهاريج بكلفة 10 دولارات لكل 2000 ليتر. وهذا يرهق كاهل العائلات التي تعيش بدخل شهري لا يتجاوز 450 دولاراً كمعدل وسطي، وتحتاج الى أربع حمولات في الشهر على الأقل. في المقابل، يمكن إعادة استعمال أكثر من 100 متر مكعب (500 برميل) من المياه الرمادية لكل منزل سنوياً لري الحدائق. وهذا يعادل توفير نحو 500 دولار لكل عائلة سنوياً.
إضافة الى ذلك، ساهمت المياه الرمادية في تحسين خصوبة التربة ونمو أفضل للمزروعات واستعمال أقل للكيماويات الزراعية والمياه العذبة.
وفي عين إبل، قام المواطن عمار عمار بتركيب خزان إضافي لتجميع المياه الرمادية. وأظهر حماسة واهتماماً كبيرين بالمشروع. وكذلك حال عدلا طوبة في بلدة عيطرون، التي تتولى بنفسها صيانة وحدة المعالجة، وهي فرحة جداً بالنمو الخصب للفاكهة والخضار في حديقتها. وكانت هاتان التجربتان محوراً لمحاضرة حسام حوا حول مشروع المياه الرمادية في هاتين البلدتين الجنوبيتين، اللتين تأثرتا كثيراً بالحروب وتعانيان شحاً في المياه، وحيث يعيش معظم السكان دون حد الفقر.
 
معايير السلامة
لتجنب أي مخاطر صحية من جراء استعمال المياه الرمادية في المشاريع المنفذة، اعتمدت الجمعية اللبنانية للتكنولوجيا الملائمة مقاييس السلامة لمنظمة الصحة العالمية، التي نشرت خطوطاً توجيهية منقحة عام 2006 حول الاستعمال المأمون للمياه المبتذلة والرمادية في الزراعة الترابية والمائية. وقد عرض المهندس بوغوص غوكاسيان، أمين عام الجمعية ومدير مشروع المياه الرمادية، هذه المعايير وبعض التقنيات المتبعة لمعالجة المياه الرمادية لاهوائياً في المشاريع النموذجية التي تنفذها الجمعية.
ولمشروع المياه الرمادية عنصر اجتماعي وتثقيفي تشاركي لتحسين نوعية حياة الأهالي، كما بينت نادين حداد العضو في فريق المشروع. فقد تم اختيار المستفيدين وفقاً لمعايير عدة، أهمها مدى حاجتهم الى المشروع، وتأثيرهم الاجتماعي على سكان البلدة (مختار، محافظ، أستاذ)، ومدى اهتمامهم بالزراعة.
في الغالب، كان للنساء دور رئيسي في ادارة مشروع المياه الرمادية، اذ انهن مسؤولات عن الاحتياجات المائية للعائلة، ويقضين معظم الوقت في المنزل، وبالتالي تترتب عليهن مسؤولية مراقبة نظام المعالجة. كما أن مشاركة النساء في الدورات التدريبية ساهمت في تمكينهن من اتخاذ قرارات.
تقول اخلاص أبو زور التي شاركت في إحدى الدورات التدريبية: ''أصبحت قادرة على توفير المال بتحضير مؤونة للعائلة".
أما عتاب التقي (18 سنة)، وهي عضو في لجنة المستفيدين من المياه الرمادية، فتأمل أن تحفز مشاركتها نساء أخريات على المساهمة في تحسين بيئة بلدتهن.
النتائج المخبرية التي أجريت على المياه الرمادية المعالجة، وكذلك على الخضار المروية بهذه المياه، والتي عرضتها الباحثة ميشال حرفوش، أثبتت أن الري بالمياه الرمادية المعالجة مأمون، وليست له تأثيرات بيئية وصحية وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية. كما أن المياه الرمادية مصدر غذاء مهم للنباتات.
 
كادر
معايير السلامة لمنظمة الصحة العالمية
- تجنب الري بالرشاشات لتفادي ملامسة المياه الرمادية المزروعات أو الناس.
- عدم استعمال المياه الرمادية للاستحمام أو الغسيل.
- تجنب تنشق الرذاذ الناتج من وحدات المعالجة.
- عدم استخدام المياه الرمادية لري المزروعات التي تؤكل من دون طهي.
- عدم تخزين المياه الرمادية المعالجة لأكثر من 24 ساعة.
- استعمال مصفاة لخفض دخول الدهون والزيوت والمواد الصلبة من المطبخ الى نظام معالجة المياه الرمادية، ما يؤدي الى انسداد الأنابيب.
- عدم غسل أقمطة الأطفال (الحفاضات)، وتجنب الاستعمال المفرط للأدوية الكيميائية في المغاسل الموصولة بوحدة معالجة المياه الرمادية.
 
كادر
توصيات ورشة العمل
حول استعمال المياه الرمادية المعالجة
في نهاية ورشة العمل، تم إصدار توصيات واقتراحات لنشر مفهوم إعادة استعمال المياه الرمادية المعالجة في لبنان. وأهمها:
- إنشاء دليل إرشاد وطني لاستعمال المياه الرمادية وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية (2006) ونتائج المشاريع البحثية المحلية.
- إدخال مفهوم المياه الرمادية في قوانين البناء اللبنانية، بحيث يتم إجراء تمديدات منفصلة للمياه الرمادية عن المياه السوداء في أعمال التمديدات الصحية للأبنية الحديثة.
- وضع معايير ومواصفات محددة لوحدة معالجة المياه الرمادية من قبل ''ليبنور".
- تشكيل لجنة محركة وطنية في وزارة المياه والطاقة للتأثير على صانعي القرار من أجل تشجيع استعمال المياه الرمادية.
- متابعة الأبحاث حول الجدوى الاقتصادية لاستعمال المياه الرمادية، من أجل تحديد العائد الصحي والاقتصادي الملموس للمستفيدين.
- دعم دور البلديات في نشر مفهوم معالجة المياه الرمادية وإعادة استعمالها، وتأكيد مشاركة المجتمع المحلي ومسؤوليته من خلال انشاء لجان محلية لحل المشاكل والمتابعة.
- دعم المنظمات غير الحكومية للمشاريع الناجحة والمدعومة بالبحث العلمي الدقيق ومراقبة فعالية نظام المعالجة.
- التعاون مع الاعلام لزيادة الوعي حول فوائد معالجة المياه الرمادية.
 
 

التعليقات
 
تنمتتنتتن
تنت555 555
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.