عثر علماء يستكشفون قيعان بحار العالم على ينابيع حارة جداً غنية بالمعادن في جنوب المحيط الاطلسي والمحيط المتجمد الشمالي والمحيط الهندي. وتكمن أهمية هذه الاكتشافات في إظهارها أن هذه الفتحات الهيدروحرارية هي ظاهرة عالمية، مما قد يساعد في فهم التطور الجيولوجي للأرض وأماكن نشوء الحياة البسيطة.
كان الاعتقاد سائداً أن هذه الفتحات التي تعج بالكائنات الغريبة موجودة فقط في ''حلقة النار'' في المحيط الهادئ، بسبب ارتفاع النشاط البركاني في تلك المنطقة وسرعة تمدد قاعها. لكن اكتشاف ينابيع المياه الحارة، بل التي تغلي، في سلسلة المرتفعات الأبطأ نمواً في قاع وسط الأطلسي قبل 20 عاماً، فتح آفاقاً جديدة للاكتشاف. وقال بيتر رونا، الجيولوجي البحري في جامعة رتغرز الاميركية الذي قاد البعثة الأولى في المحيط الاطلسي: ''نحن ما زلنا في المراحل المبكرة جداً لاكتشاف أعماق المحيطات''.
هذه الفتحات العميقة، التي تنطلق منها مياه تصل سخونتها الى نحو 400 درجة مئوية، اكتشفت على طول سلسلة جبال بركانية مغمورة تصل بين أحواض المحيط. تحدث هذه الظاهرة عندما ترشح المياه الباردة داخل شقوق في صخور القاع، فتسخن لدى ملامسة جوف الأرض، ومن ثم تندفع الى أعلى لتلتقي مياه المحيط القارسة.
وتعرف هذه الينابيع الحارة باسم ''المداخن السوداء'' بسبب ما تطلقه من مياه بلون السخام.
في نيسان (ابريل) 2005، وجد علماء ألمان يدرسون أربعة حقول للفتحات الحرارية الناشطة في جنوب المحيط الأطلسي، أن ثلاث فتحات أحدثت ''مداخن'' تتكون عندما تمتزج المياه بالمعادن الذائبة وتندفع الى أعلى، مما يعني ارتباطاً بثورات بركانية.
وبعد ثلاثة أشهر، عثر علماء نروجيون يستكشفون المحيط المتجمد الشمالي، على حقلي فتحات حرارية في سلسلة جبال موهنز القاعيَّة الواقعة بين غرينلاند وآيسلاند. وقد احتوى الحقل الكبير على 10 فتحات كبرى تقذف المياه الى ارتفاع يصل الى 10 أمتار، في حين كان الحقل الصغير يعج بالروبيان (الجمبري) وعناكب البحر ومخلوقات أخرى.
وشاهد علماء محيطات بريطانيون ''ريشة ضخمة'' من المعادن الذائبة ترتفع أكثر من 1300 متر فوق قاع البحر من فتحة في المحيط الهندي. وهي أول ريشة من هذا النوع تشاهد خارج المحيط الهادئ. ويحاول العلماء جمع الأدلة حول الأسباب التي أحدثت هذا الثوران. ويعتقد ان رسوبيات كبيرة من المعادن، بما فيها الحديد والنحاس والزنك، موجودة في الفتحات المكتشفة حديثاً. لكن استغلالها تجارياً تحول دونه حتى الآن عقبات تكنولوجية ومسائل تتعلق بحقوق الملكية.
علماء الاحياء البحرية مهتمون بهذه الفتحات البحرية بسبب النظم الايكولوجية الفريدة التي تزدهر حولها. فالحيوانات هناك تعيش من دون ضوء الشمس، وتعتمد بدلاً منه على مواد كيميائية لانتاج الطاقة. وقد أظهرت دراسات سابقة أن ديداناً أنبوبية ومحاريات ضخمة تقطن في مواقع فتحات مماثلة في المحيط الهادئ، في حين وجد روبيان بلا عيون في فتحات قاع المحيط الأطلسي.
|