مع تسارع أزمة المناخ، ترتفع درجات الحرارة في أوروبا بشكل أسرع من أي منطقة أخرى حول العالم، وفقاً لتقرير جديد عن حالة المناخ في أوروبا صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بحسب شبكة «سي إن إن».
وأتى تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) قبل بدء قمة الأمم المتحدة الدولية للمناخ في مصر، وهو واحد من سلسلة من التقارير على مدى الأسابيع العديدة الماضية التي تُظهر كيف خرج العالم عن المسار الصحيح لأهدافه المناخية.
وارتفعت درجة الحرارة العالمية بالفعل بنحو 1.2 درجة منذ الثورة الصناعية، وحذر العلماء من أن درجة الحرارة هذه يجب أن تقتصر على 1.5 درجة فقط لتجنب أشد آثار أزمة المناخ.
وكما يبدو فإن بعض القارات تشعر بالارتفاع أكثر من غيرها. حيث أظهر التقرير الأخير أن درجات الحرارة في أوروبا زادت بأكثر من ضعف المتوسط العالمي على مدار الثلاثين عاماً الماضية - بمعدل حوالي 0.5 درجة مئوية لكل عقد.
وتُظهر التقارير الأخيرة كيف يؤدي ارتفاع درجة حرارة المنطقة إلى تأجيج الطقس القاسي.
فمنذ بداية العام وحتى شهر تموز (يوليو)، تضاعف عدد حرائق الغابات في الاتحاد الأوروبي أربع مرات عن متوسط 15 عاماً. وأثّرت موجة الحر القاتلة التي حطمت الرقم القياسي في المملكة المتحدة بشكل سلبي على الصحة العامة والبنية التحتية. وابتُليت القارة بجفاف استثنائي هذا الصيف، مما أدى إلى جفاف بعض أهم أنهار العالم من الناحية الاقتصادية - وذلك الجفاف حدث في أعقاب بعض أكثر الفيضانات تدميراً التي شهدتها أوروبا على الإطلاق.
في عام 2021، وهو آخر عام كامل تم تغطيته في التحليل الأخير، تأثّر أكثر من نصف مليون شخص بشكل مباشر بظواهر الطقس الناجمة عن تغيُّر المناخ. تسبب الطقس المتطرف في أضرار اقتصادية تجاوزت 50 بليون دولار. وأشار التقرير إلى أن تسارع الاحترار تسبب في فقدان الأنهار الجليدية في جبال الألب 30 متراً من سمك الجليد في الفترة من 1997 إلى 2021. وفي غرينلاند، التي يغطيها التحليل الإقليمي للمنظمة، هطلت الأمطار لأول مرة على الإطلاق في عام 2021 في محطة القمة أعلى الغطاء الجليدي - وهو جزء من اتجاه الانصهار الذي أدى إلى تسريع ارتفاع مستوى سطح البحر.
وقال الأمين العام للمنظمة (WMO)، بيتيري تالاس، في مقدمة التقرير: «تقدم أوروبا صورة حية لعالم يزداد احتراراً وتذكرنا بأنه حتى المجتمعات المعدة جيداً ليست في مأمن من آثار الظواهر الجوية الشديدة». وتابع: «هذا العام، مثل عام 2021، تأثّرت أجزاء كبيرة من أوروبا بموجات الحر والجفاف الواسعة، مما أدى إلى تأجيج حرائق الغابات. في عام 2021، تسببت الفيضانات الاستثنائية في حدوث وفيات ودمار».
وقال كارلو بونتمبو، مدير خدمة «كوبرنيكوس» لتغيُّر المناخ، في بيان: «المجتمع الأوروبي عرضة لتقلبات المناخ وتغيّره، ولكن أوروبا أيضاً في طليعة الجهود الدولية للتخفيف من تغيُّر المناخ ولتطوير حلول مبتكرة للتكيُّف مع المناخ الجديد الذي سيتعيّن على الأوروبيين التعايش معه».
وأوضح تالاس إنه رغم أن وتيرة أوروبا في خفض انبعاثات الاحتباس الحراري كانت «جيدة»، إلا أن طموحها على هذه الجبهة «يجب أن يزداد».
وكانت الوكالة الأوروبية للبيئة حذّرت هذا الأسبوع من وفاة 90 ألف مواطن أوروبي سنوياً بسبب موجات الحرارة بحلول نهاية القرن، وذلك في أكبر تهديد صحي متعلق بالمناخ. وذكرت الوكالة أن أكبر تهديد مباشر مرتبط بالمناخ لصحة الإنسان في أوروبا هو الحرارة.
وأضافت الوكالة - في تقرير أوردته قناة "فرانس إنفو تي في" الإخبارية الفرنسية، الأربعاء، أن نحو 129 ألف مواطن أوروبي توفوا بين عامي 1980 و2020 بسبب الحرارة، موضحة أنه بالإضافة إلى موجات الحرارة المتكررة، فإن تغيُّر المناخ يجعل المنطقة أكثر ملاءمة لظهور وانتقال الأمراض المعدية.
يُذكر أن المكتب الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية ذكر، الإثنين الماضي، أن البيانات التي تم تسجيلها حتى الآن تقدّر أن ما لا يقل عن 15 ألف شخص في المنطقة لقوا حتفهم بسبب الحرارة بشكل صريح عام 2022. (عن "الشرق الأوسط" و "أ ش أ")