نفذت شرطة دبي اختراعين لنزيلين في السجن المركزي، الأول مزرعة اقتصادية صديقة للبيئة "متعددة الأحياء" تنتج سمكاً ومحاصيل زراعية وطاقة ومياهاً متجددة، والثاني جهاز متطور يولد الكهرباء. وقرر القائد العام لشرطة دبي اللواء خميس مطر المزينة عرض الاختراعين على الجهات المختصة، فحصلا على براءتي اختراع.
المزرعة الاقتصادية العضوية تعمل بكفاءة حالياً، وتنتج أنواعاً من النباتات والأسماك، فضلاً عن تدوير المياه. وأكد صاحب الاختراع ومنفذ المشروع "الدكتور هيرو ل.". أنه لم يتوقع أن يجد هذا الدعم داخل السجن، لذا سيقضي فترة عقوبته المتبقية في تنفيذ مشاريع أخرى، وتدريب زملائه السجناء حتى يمكنهم توفير مصدر دخل لهم بعد الإفراج عنهم.
وقال مدير الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية العقيد علي الشمالي إن الإدارة طبقت استراتيجية أكثر فعالية في الجانب الإصلاحي والتأهيلي، وقررت إتاحة فرصة أكبر للإبداع من جانب النزلاء الذين لديهم خبرات علمية وقدرات على التطوير والابتكار. ووفرت الدعم المطلوب لتنفيذ المشاريع الرائدة داخل السجن، وتم تجهيز مكان مناسب في إدارة التدريب والتأهيل، وشراء المعدات التي يحتاجها أصحاب الاختراعات، بعد التأكد من إمكانية تنفيذها. لافتاً إلى أن المشاريع المنجزة تتناسب مع البيئة والظروف المناخية للدولة.
وأشار إلى أن النتيجة كانت باهرة، إذ نفذ مشروع المزرعة بشكل جيد رغم تواضع الأدوات المستخدمة في تصنيعها، ونجحت عملية تربية الأسماك وزراعة نباتات عضوية يمكن أن تدر دخلاً جيداً لمن ينشئ مثل هذه المزرعة على مساحات أكبر.
تتكون المزرعة من خزان مياه لتربية الأسماك، التي تنتج فضلات يستخلص منها السماد العضوي اللازم للزراعة. ويتصل الخزان بجهاز لتدوير المياه متصل بخزان آخر تتم تغذيته بالأوكسجين والفيتامينات، وتحوّل منه مياه مغذاة بالسماد العضوي الناتج عن الأسماك إلى أصص تزرع فيها نباتات عضوية. وثمة مجرى أسفل أصص النباتات تنمو فيه طحالب طبيعية، تستخدم بدورها في تغذية الأسماك. وتمثل المزرعة دورة حياة متكاملة ومتجددة، فلا يحتاج صاحبها إلى تغيير المياه لأنها تُنقى آلياً بواسطة فلاتر، ويمكن إنتاج الطاقة منها بواسطة تقنيات إضافية.
والبذور المستخدمة في الزراعة تُنمى ذاتياً داخل المزرعة، ويفترض أن تحقن بتقنية ينفذها روبوت تقليدي تجري برمجته لضمان السرعة والدقة. ولا يحتاج المشروع إلى تربة خصبة.
وأفاد النقيب محمدعبدالله العبيدلي من إدارة تعليم وتدريب النزلاء أن المشروع ليس الوحيد للمهندس هيرو، فهو صمم أكثر من ستة اختراعات، أحدها يمكن أن يحقق لإمارة دبي نوعاً من الاكتفاء الذاتي في كثير من الزراعات، وهو أبراج زراعية، أو مزارع رأسية، عبارة عن طوابق أحدها يصمم كمزارع للأسماك، وآخر لتربية الأبقار، وطابق لإنتاج الحليب العضوي، ورابع للدواجن العضوية، ثم طعام وخضر عضوية.
ولفت إلى أن غالبية هذه الاختراعات تعتمد على فكرة الدورة الحيوية المتكاملة، التي يعتمد خلالها كل كائن حي على الآخر في غذائه وتطوره. وتعتزم الإدارة قريباً تنفيذ اختراع جديد للدكتور هيرو عبارة عن حاوية متطورة في حجم الثلاجة، يمكن إنشاؤها داخل المنازل وتربية أسماك وزراعة خضر فيها. كما صمم هيرو مشروعاً سهل التطبيق لبناء جدران عضوية آمنة تتكون من طبقة أخشاب الخيزران (بامبو) محقونة بمواد رغوية مضغوطة، فلا تتحطم على ساكنيها إذا تعرض المنزل لحادث.
وقال الدكتور «هيرو ل.» إن عمله الأساسي مهندس تصاميم، لكنه اهتم بدراسة علوم البيئة والتغيرات المناخية والتربة، بهدف استغلال تصاميمه في إنتاج مشاريع مناسبة للبيئات المختلفة. وروى أنه كان يعيش حياة طبيعية، حتى حدث خلاف مع مطور عقاري وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، لافتاً إلى أن الحكم بحبسه كان أقرب إلى كابوس مخيف، لكن ما شهده داخل السجن كان أقرب إلى معجزة حقيقية.
وأشار إلى أنه وجد اهتماماً من القيادة العامة لشرطة دبي حين عرض أفكاره وآلية تنفيذها، وتم توفير الأدوات اللازمة له، ليبدأ مباشرة في تنفيذ المزرعة العضوية. وأكد أنه يجد سعادة حقيقية في تدريب زملائه على كيفية تنفيذ هذه المشاريع، ولديه طموح كبير بتنفيذها في الخارج، لافتاً إلى أن دبي تحتاج فقط إلى خمسة أبراج أو مزارع رأسية لتحقق الاكتفاء الذاتي في هذا النوع من المنتجات.
أما صاحب الاختراع الآخر، المهندس الميكانيكي «فالنتاين س.»، فقال إن فكرته لم تطبق من قبل، وتعتمد على إنتاج الطاقة بجهاز يعمل بالحركة المتجددة. وساعدته شرطة دبي في الحصول على براءة اختراع، كما وفرت له طابعة متطورة ثلاثية الأبعاد لتصميم وتصنيع الأجزاء التي يحتاجها لجهازه". وقال إنه لم يحلم بهذه المبادرة، خصوصاً في ظل تعقيد الفكرة. (عن "الإمارات اليوم")