Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
تشرين الأول (أكتوبر) 2008غابات المانغروف في جزيرة أبو منقار
  • المانغروف العائمة على شواطئ البحار الاستوائية وشبه الاستوائية
  • صورة فضائية لجزيرة أبو منقار
  • لسان رملي في شرق الجزيرة يمتد داخل البحر
  • مانغروف ابن سينا Avicennia marina
  • جزيرة أبو منقار محطة استراحة وتوالد للطيور المهاجرة
  • بيض الطيور المهاجرة في جزيرة أبو منقارة
 وحيد مفضل (الاسكندرية)
كنوز البحر كثيرة، ويكاد لا يخلو عنصر فيه من فائدة أو استخدام لبني الإنسان. ومن أبرز هذه الكنوز غابات المانغروف العائمة التي تمتد على شواطئ البحار الاستوائية وشبه الاستوائية، مزينة إياها بالخضرة البهية وبألوان مختلفة من الحياة البحرية. والمانغروف، الذي يعرف في المنطقة العربية بأسماء أخرى مثل الشورى والقرم، ليس مجرد نبتة ساحلية، بل هو موئل فريد ونظام بيئي متكامل وعالي الانتاجية، يضم أنواعاً لا حصر لها من الطيور والأسماك والقواقع والقشريات والروبيان والكائنات المجهرية، التي ما كانت لتتوالد وتجتمع معاً في بيئة معيشية واحدة لولا غنى مصادر الغذاء والحماية الطبيعية التي توفرها أشجار المانغروف الوارفة.
وتعد جزيرة أبو منقار، المواجهة لمدينة الغردقة في شرق مصر، من أكثر جزر البحر الأحمر ثراء بأشجار المانغروف. ويعود ذلك الى أكثر من عامل، أولها أن نسبة الغطاء النباتي الذي تحتله أشجار المانغروف والنباتات الملحية الأخرى في الجزيرة تزيد عن ربع إجمالي مساحة الجزيرة. والعامل الثاني هو نماء هذه الأشجار خلال خور مائي كبير يمتد عبر الجزيرة ويتفرع في أكثر من اتجاه، مشكلاً مع أيكات المانغروف الممتدة على جنباته لوحة بحرية جميلة يندر وجودها في أي جزيرة أخرى. ومن أسباب تميز هذا المانغروف أيضاً وجوده في جزيرة منعزلة، بعيداً عن ضغوط الزحف العمراني والرعي الجائر والملوثات البشرية. ولعل هذا هو السبب في كثافة مانغروف أبو منقار وطوله الوارف ونمائه المستمر.
 
موئل متميز يستحق الحماية
ليس من الواضح لماذا سميت جزيرة أبو منقار بهذا الاسم، لكنه قد يعود الى شكلها العام. فطرفها الشرقي عبارة عن لسان رملي يمتد داخل البحر بشكل متعرج يشبه الى حد كبير منقار الطير. وعلى رغم صغر حجمها النسبي، إلا أنها تعد من أهم الجزر في شمال البحر الأحمر، خصوصاً لقربها من مدينة الغردقة السياحية، ولأهميتها البيئية نتيجة غناها بالشعاب المرجانية والمانغروف. كما تستغل مناطق كثيرة منها في أنشطة الغوص والسياحة والصيد، فضلاً عن كونها محطة استراحة وتوالد لأنواع عديدة من الطيور المهاجرة مثل النورس البحري ومالك الحزين وخطاف البحر والطائر الشماط.
تقع الجزيرة على بعد ثلاثة كيلومترات شرق مدينة الغردقة، وتتشكل من أرض منبسطة من الشعاب المرجانية المتحفرة. سواحلها الغربية والشمالية رؤوس صخرية بارزة وخلجان رملية صغيرة، وساحلها الجنوبي الشرقي شاطئ رملي منبسط خالٍ من التعرجات. وهي ضمن حدود محمية علبة البحرية، التي تضم منطقة جبل علبة في جنوب شرق مصر، إضافة الى جميع الجزر الواقعة في القطاع المصري من البحر الأحمر. وعلى رغم ذلك، فإن شواطئها الشمالية والغربية المواجهة لمدينة الغردقة تعاني بدرجة كبيرة من التلوث، سواء كان مباشراً نتيجة انسكاب كمية كبيرة من النفط بالقرب من الجزيرة وترسبها على تلك الشواطئ، أو غير مباشر نتيجة انجراف وتراكم المخلفات البلاستيكية والخشبية ونفايات فنادق المدينة المواجهة، بفعل الأمواج والتيارات الجنوبية الشرقية السائدة.
في جزيرة أبو منقار أيكات كثيفة من أشجار المانغروف الأسود التي يصل طول بعضها الى أكثر من خمسة أمتار وتحتل مساحة تقدر بنحو 30 هكتاراً، في حين تبلغ مساحة الجزيرة 140 هكتاراً. وهي تتميز بالكثافة العالية، حيث يمكن أن يحوي الهكتار الواحد ما لا يقل عن 400 شجرة كاملة. وأحياناً تتخلل هذه الأشجار أو تحيط بها أنواع أخرى من النباتات المقاومة للملوحة، مثال الغردق والرطريط والخريسة والسويدة والمليح وغيرها من النباتات التي تميز بيئة السبخات الملحية.
 
شجرة ابن سينا
هناك 70 نوعاً من المانغروف، من أكثرها شهرة وانتشاراً النوع الأسود المعروف باسم مانغروف ابن سينا Avicennia marinaنسبة الى الطبيب والفيلسوف العربي الشهير. يتركز تواجدها في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث تشغل مساحة تقدر بنحو 18 مليون هكتار.
وتحظى الشواطئ العربية بنصيب وافر من أيكات المانغروف الساحلية، وفيها ثلاثة أنواع رئيسية هي Avicennia marina وRhizophora mucronata وBruguiera gymnorhiza تتوزع في منطقة الخليج العربي على سواحل عُمان والامارات والبحرين وقطر والسعودية وإيران، وكذلك في بعض المناطق في خليج العقبة وعلى امتداد سواحل البحر الأحمر الشرقية والغربية في كل من مصر والسعودية والسودان واليمن، علماً أن النوع الأسود هو الأكثر انتشاراً في المنطقة.
كتب العالم الاغريقي ثيوفراستس في القرن الرابع قبل الميلاد عن فوائد المانغروف واستخداماته الطبية. وعلاوة على دورها في حفظ الاتزان البيئي وإثراء المناطق الساحلية بالحياة الفطرية، تلعب أيكات المانغروف دوراً بارزاً في حماية الشواطئ من التآكل والانجراف، لقدرتها على تثبيت التربة الشاطئية ومقاومة الأثر الهدمي للأمواج والعواصف البحرية. كما تعمل جذورها المنتشرة بكثافة في منطقة المد والجزر على حجز الطمي والأتربة أثناء السيول الغزيرة، فتحمي الشعاب المرجانية والأحياء البحرية من الطمر والاختناق بعكارة هذه المواد.
كما تعد أيكات المانغروف من عوامل الجذب السياحي، لما تتمتع به من جمال أخّاذ ينبض بالحياة والانتاجية. ولعل الأهم من ذلك أنها تشكل للإنسان درعاً واقياً من غضبة البحر المفاجئة وهبات الأمواج المدّية، ولا نزال نذكر الدور الذي لعبته في انقاذ قرى كثيرة في النيبال والهند وميانمار من موجات تسونامي الرهيبة.
الدكتور وحيد مفضل باحث في المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد في الاسكندرية، مصر.
...مواضيع أخرى
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.