عبدالواحد استيتو (طنجة)
زهرة بساق أخضر وتُوَيْج أصفر ووُريقات زرقاء تميل إلى البنفسجي، وبارتفاع يبلغ 60 سنتيمتراً. تنمو بكثافة على امتداد منطقة «فال فلوري» وصولاً إلى «بوخالف» في مدينة طنجة المغربية.
يمر أمامها عشرات آلاف العابرين يومياً، غير مدركين أن على بعد خطوات منهم زهـرة سوسن تم اختيار اسمها العلمي Iris tingitana نسبة إلى مدينة طنجة.
يقول الدكتور محمد البقالي، أستاذ علم النبات في كلية العلوم والتقنيات في طنجة، إن سوسن طنجة ينتمي إلى فصيلة السوسنيات التي يوجد منها 210 أنواع حول العالم، بينها 13 نوعاً في المغرب، ينبت 8 منها في أرض طنجة. وقد ورد اسمها ووصفها للمرة الأولى في موسوعة متخصصة بالنباتات الأفريقية عام 1852، من باحثين سويسري وفرنسي.
تتفتح أوراق سوسن طنجة خلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير). ونظراً لجمالها يقصد تجار الزهور المدينة من أنحاء المغرب للحصول عليها وبيعها في مدن المملكة، كما يتم تصديرها إلى بلدان أوروبية مثل إسبانيا وفرنسا.
هي واحدة من ضحايا زحف الإسمنت والتلوث في مدينة طنجة. يقول الدكتور أحمد أعراب، أستاذ علم الأحياء في كلية العلوم والتقنيات: «تهمني هذه الزهرة كـثيراً، مما دفعني عام 1999 إلى تنظيم يوم دراسي في الكلية حول سوسن طنجة، بعدما لاحظت أن غالبية أهل طنجة لا يدركون أن هذه الزهرة تميز مدينتهم. فكانت تلك فرصة للتعريف بقيمتها والمخاطر البيئية التي تتهددها». وشارك في تلك الفعالية الفنان سعيد العراس الذي قام برسم لوحات جميلة لسوسن طنجة، كما درَّب مجموعة من التلاميذ الموهوبين رسم كل منهم لوحة لهذه الزهرة. وبعد سنوات، قام أعراب بإنتاج وإخراج فيلم وثائقي عن سوسن طنجة عُرض في ختام مهرجان خريبكة للفيلم الوثائقي عام 2014.
بين 1999 و2016 تغير في مدينة طنجة الكثير، وكان لسوسنها نصيب سيئ من هذا التغيير. احتل العمران والزحف الإسمنتي والأسفلتي مواطنها شبراً بعد شبر. ولفت أعراب إلى أن منطقة Val Fleuri في المدينة، ومعناها الوادي المزهر، كانت في الماضي القريب غنية بالأزهار ومقصـداً للمتنزهين، «لكن للأسف لم يبق في هذه المنطقـة إلا الإسمنت، ولم يبق من الأزهارإلا أسماؤها».
كادر شعر
قصة محزنة
وضعتُ على كفّكم سوسنه
لها زُرقة البحر من ألف عيد
ترى طنجة في تلاوينها
حكاية زهر على مئذنه
وصُفرة حب لألف سنه
ووادي الزهور شذى الأمكنه
إريسُ، نعم، قصة محزنه
تمدُّ يداً نحوكم مُعْلَمه
وتبني جداراً كريه الزوايا
ووأدُ الزهور كوأد النساء
فتقطعها آلة مجرمه
بأنقاض أنفاسها المحكمه
إذا صيغ في مسلك التوأمه
إريسُ، نعم، قصة محزنه
لطنجةَ عشق على مذهبي
ففيه الرياض تمامُ البهاء
على السوسن الغض يبكي الفراق
قديم يواري غدي المختبي
وفيه الزهور على مكتبي
فترنو جيوبٌ إلى المكسب
إريسُ، نعم، قصة محزنه
محمد الحافظ الروسي، شاعر مغربي |