التقطت الكاميرات المثبتة في شراك والمحمّلة على «عربة خنفساء» صوراً مذهلة لأسود ونمور وحيوانات برية أخرى راوغت الباحثين أعواماً في محمية كافانغو زمبيزي الأفريقية العابرة للحدود. «البيئة والتنمية» حصلت على حق حصري من المصور ويل بورارد لوكاس بنشر هذه الصور.
قد تكون ناميبيا بلداً جديداً نسبياً، إذ حصلت على استقلالها عام 1990، لكنها البلد الأول في أفريقيا الذي يدخل حماية البيئة في دستوره. ومع ذلك تبقى بعض حيواناتها البرية مهددة. وقد تعاون مصور الحياة الفطرية البريطاني ويل بورارد لوكاس مع الباحثة الجنوب أفريقية المتخصصة بالحيوانات المفترسة ليز هانسن، بتكليف من الصندوق العالمي لصون الطبيعة (WWF)، لتصوير هذه الحيوانات التي نادراً ما تشاهد عن كثب بالعين المجردة، بهدف تعزيز حمايتها والتوعية بالمخاطر التي تواجهها.
وتدرس هانسن منذ سنوات أوضاع الحيوانات في محمية كافانغو زمبيزي العابرة للحدود (KAZA) التي تمتد في خمسة بلدان هي أنغولا وبوتسوانا وزامبيا وزمبابوي وناميبيا. وهي تقوم بتوثيق الحياة البرية في المنطقة ضمن مشروع لتخفيف أثر التدخل البشري. لكن المنطقة الغابيّة التي تجري فيها بحوثها محمية بالإسم فقط، مع أنها ملك لدولة ناميبيا. وفي الأفق أيضاً مشروع مقترح لزراعة التبغ تربو مساحته على عشرة آلاف هكتار، تحذر الباحثة من أنه سيذهب برقعة ضخمة من الغابة ما لم يحصل دعم شعبي وحكومي لحماية أكثر تشدداً.
استحوذ الموضوع على اهتمام لوكاس، الذي قرر المساعدة بالتقاط صور تفتح عيون الجمهور على حماية منطقة زمبيزي. وهو معروف عالمياً بالتقاط صور مذهلة عن قرب لحيوانات برية نادراً ما تشاهد، بفضل ابتكاره «الكاميرا الخنفساء» BeetleCam وهي عربة صغيرة محمَّلة بكاميرا يتم التحكم بها عن بعد. يقول لوكاس إن هذه الحيوانات حذرة إلى أبعد الحدود، ويعيش الكثير منها خارج المتنزهات الوطنية حيث تصاد أو تدخل في صراع مع المجتمعات المحلية، والوسيلة الوحيدة لتبقى على قيد الحياة هي أن تتوارى وتتجنب البشر. وهذا يجعل العثور عليها لتصويرها صعباً جداً. ولا سياحة هنا لمشاهدة الحياة البرية، لذا لم تعتد الحيوانات على أناس يراقبونها كما في المتنزهات الوطنية.
كانت الكاميرات الشركية (trapcameras) خيار لوكاس الوحيد لتصوير الحيوانات التي يصعب الوصول إليها. وهي تعمل تلقائياً عندما يمر حيوان أمامها، ويمكن تركها في أماكنها طوال الليل. ويشرح لوكاس: «كان علي أن أتوقع الأماكن التي تقصدها الحيوانات كي أثبت كاميراتي في الأماكن الصحيحة. ولحسن الحظ ساعدتني أبحاث ليز كثيراً في ذلك».
كانت الأسود هي الأصعب تصويراً، لأنها حذرة جداً، حتى أن هانسن التي أمضت سنوات كثيرة في المنطقة لم تشاهدها. وهي لم تمر أمام كاميرات لوكاس إلا مرتين خلال ثلاثة أشهر أمضاها هناك، ما حتَّم أن تعمل كاميراته بشكل موثوق كي لا يفوتها التقاط الصور.
أما الفيلة، أضخم الحيوانات البرية، فكانت تعبث بأماكن الكاميرات إذ استفزّتها ومضاتها، لذا تعين على لوكاس تفقدها مرة في الأسبوع لضمان سلامتها. وهو يقول: «الفيلة فضولية جداً وقوية جداً»، مشيراً إلى أن معظم الحيوانات الأخرى اعتادت على الكاميرات بسرعة حتى باتت تتجاهلها كلياً.
تقول هانسن إن الطبيعة الحذرة للحيوانات، التي لم تروِّضها السياحة، هي نعمة وتحدٍ في آن: «الناس قد لا يفهمون أهمية هذه الزاوية الصغيرة من العالم، لكن منطقة زمبيزي هي قلب محمية KAZA، أو هي السهم الذي يخترق قلبها، والواقع أن شكلها يشبه السهم، وتقطنها أعداد كبيرة من الناس والماشية، وتمتد وسط كثير من ممرات الحيوانات البرية عبر عدة بلدان. هنا تعيش الحيوانات البرية والناس معاً. الحيوانات هنا مورد مشترك، لذا يجب أن تتضافر جهودنا لحمايتها».
ويعتبر لوكاس أن عمله كان مساهمة صغيرة في هذا الجهد، مضيفاً: «لقد أنجزت هانسن العمل الشاق بإظهار تنوع الحيوانات البرية ووفرتها في المنطقة. وآمل أن تُظهر صوري بطريقة مقنعة النتائج المهمة التي توصلت إليها أبحاثها».
ويأمل الاثنان أن تلهم الصور الناس لكي يهتموا ويطالبوا بالحماية التي تحتاج إليها المنطقة.
|