تريسي غرينستين (سان هوزيه)
إنها أسعد بلدان الأرض بحسب مؤشر «الكوكب السعيد» لسنة 2013، وهو مسح سنوي تقوم به مؤسسة «نيو إيكونوميكس» البريطانية للأبحاث ويصنف البلدان بقياس تقدمها في تحقيق «رفاه مستدام». وقد احتلت كوستاريكا المرتبة الأولى عامي 2012 و2013، بفضل سياساتها الوطنية لحماية الطبيعة، وصغر بصمتها البيئية، وارتفاع جودة الحياة ومتوسط العمر المتوقع لسكانها، التي فاقت جميعها المعدل بشكل كبير. كما احتلت المرتبة الخامسة عام 2012 في مؤشر الأداء البيئي (EPI) الذي تصدره جامعتا ييل وكولومبيا الأميركيتان.
وقال سماح عبدالله، كبير الباحثين لدى مؤسسة «نيو إيكونوميكس»: تتفوق بلدان مثل كوستاريكا على بريطانيا وغيرها من البلدان المتقدمة في مؤشر الكوكب السعيد لأن سكانها يعيشون حياة طويلة وسعيدة، مستخدمين جزءاً يسيراً من موارد الكوكب بالمقارنة مع ما نستخدمه نحن. وهي تدلنا على السبيل إلى نموذج تنموي يحقق معيشة صحية وسعيدة ومستدامة».
كوستاريكا، التي تعني «الشاطئ الغني» بالإسبانبة، بلد مسالم تماماً وديبلوماسي إلى أبعد الحدود، حتى أنه ألغى جيشه عام 1949. وقد أعلنت الحكومة خططها لتصبح كوستاريكا أول بلد محايد كربونياً بحلول سنة 2021.
فاذا كنت تبحث عن أشعة الشمس والهواء العليل، وعن جو نظيف من السموم، يمكنك أن تخطط رحلتك المقبلة الى هذه البلاد، حيث ستجد البسمة على وجوه معظم الناس، وتسمع أنشودة VidaPura التي تعني «الحياة النقية».
وتتميز شبه جزيرة أوسا، في جنوب غرب كوستاريكا، بكنز من الحياة البرية وجنة من الرمال السوداء والسماء الزرقاء، مع وفرة في الحيوانات والنباتات الغريبة. ويعتبر متنزه كوركوفادو الوطني جوهرة تاج أوسا، إذ يحوي تنوعاً إيكولوجياً ضخماً الى حدّ أنه دعي «المكان الأكثف بيولوجياً على الأرض». ففيه تجد مفترسات مثل التابير والجغور والكوغر، وحيوانات غريبة مثل آكل النمل والكسلان، ومجموعة متنوعة من السعادين، وتماسيح وأفاعي وضفادع وعناكب سامة نادرة. وتزخر غاباتها بمئات الأنواع من الطيور، بما فيها ببغاء ماكاو القرمزية. وفيها 220 نوعاً من الفراش، تتميز بينها فراشة مورفو الزرقاء الكهربائية التي تنتشر في أنحاء كوستاريكا وتغير ألوانها وهي ترفرف في الهواء الى ظلال من الأحمر والأخضر والأصفر.
وتنتشر السلاطعين الناسكة على الشواطئ الرملية السوداء الداكنة. وتزحف النمال القاضمة لأوراق الشجر بجد ومثابرة في صفوف طويلة، حاملة الخضرة على ظهورها، فيتوهم من يراها أن الأوراق تسير لوحدها.
ويزخر المتنزه بنحو 500 نوع من الأشجار التي تضم نماذج فريدة، مثل الأوكالبتوس القزحي وشجرة القلب الأرجواني. ويضم نحو 13 نوعاً من النظم النباتية، منها غابة سحاب وغابة منغروف ومستنقع مياه عذبة.
في كوستاريكا، شأن كثير من البلدان الاستوائية، فصل ممطر وفصل جاف. يمتد الفصل الممطر من أيار (مايو) حتى تشرين الثاني (نوفمبر)، تاركاً الفصل الجاف للفترة الممتدة من كانون الأول (ديسمبر) حتى نيسان (أبريل). ويتميز الفصل الجاف بأفضل مناخ وأسطع شمس، لكن الفصل الممطر مثالي لمشاهدة البلاد الخضراء في أوج تألقها. ويُنصح الزوار بتجنب شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر)، لأنهما عادة الأغزر مطراً.
كوستاريكا مكان سعيد، يعيش سكانها حياة راضية، وحب البيئة ممارسة راسخة في النفوس. لقد زرتُ معظم بلدان العالم، ولم أجد مكاناً شبيهاً بها، وأعتبر أن السفر إليها «مغامرة» ممتعة مضمونة النتائج. |