النص والصور: كريستو بارس
كانت سميثتون المستوطنة الأولى التي أقامها مهاجرون بيض عام 1798 في شمال غرب جزيرة تسمانيا قبالة البر الاوسترالي. المنطقة غنية بالأراضي الزراعية حيث استصلحت مساحات كبيرة منها كانت تغطيها المستنقعات. وتخترق أنهار كثيرة الغابات الساحلية الرائعة والمزارع المترامية. وقد عثر على عظام حيوانات كانت تجول هناك منذ أكثر من 40 ألف سنة، بينها عظام كنغر عملاق ووحيد قرن من ذوات الجراب. كما اكتشفت بقايا أدوات حجرية.
ومن الاماكن التي يقصدها السياح للتمتع بجمالاتها والوقوف على أسرارها رأس غريم الذي يعتبر هواؤه الأنقى في العالم، وقد أقيمت فيه محطة من أصل ست محطات رئيسية دولية لرصد الهواء. وتنتشر في الجوار عشر محميات غابية، تراوح من غابات المطر الى غابات المستنقعات ذات الخشب الأسود الى غابات الاوكالبتوس العملاق.
اجتذبت هذه الغابات مجموعة من البريطانيين النافذين الذي حصلوا على صك مَلَكي بحيازة 1000 كيلومتر مربع من الغابات غير المكتشفة في الزاوية الشمالية الغربية من تسمانيا. وكان هدفهم تأسيس مصدر دائم لانتاج الصوف الرخيص الثمن يمكن الاعتماد عليه في اوروبا حتى أثناء الاضطرابات السياسية. واستقدموا العمال، وغالبيتهم من المحكومين المنفيين، والقطعان واللوازم والمعدات، وأنشأوا شركة "فان ديمن" العملاقة، في ما أصبح بلدة تدعى ستانلي.
رعت القطعان الأولى منطقة وولنورث على رأس غريم، حيث كانت السهول المعشبة ميدان صيد للسكان الأصليين. ولما بدأ هؤلاء يصطادون الأغنام، كان رد البيض قتلهم من دون تميز. وهكذا بدأت دورة من القتل الانتقامي. أما الحادثة الاشنع فوقعت عام 1826، عندما أقدمت مجموعة من السكان الاصليين، ناشدين الثأر لاغتصاب نسائهم، على طعن أحد الرعاة برمح وقتل مئة من أغنامه. وسرعان ما ثأر الرعيان من دون شفقة، فقتلوا مجموعة من ثلاثين قبلياً عُزَّل كانوا يكمنون للطيور بالقرب من الموقع، ورموا جثثهم عن جرف صخري شاهق أطلقت عليه تسمية "خليج الانتحار" تلطيفاً لفظاعة الحادث. وفي ما بعد، تم الاجهاز على جميع السكان الاصليين في الشمال الغربي، وأُسر آخر واحد منهم قرب نهر آرثر عام 1842.
حالياً، تعمل شركة الكهرباء في المنطقة على مشروع لانتاج الطاقة من الرياح بواسطة توربينات هوائية ترتفع 116 متراً. ويتم نقل الطاقة الى البر الاوسترالي بكابلات تحت البحر.
وقد كنت ضمن فريق درس الأثر البيئي للمشروع. فقمنا بتركيب نماذج أعمدة عالية لمعرفة أثرها المتوقع على الطيور التي تزخر المنطقة بتشكيلة نادرة منها. |