محمد التفراوتي (أكادير)
السياحة قوة دافعة للاقتصاد الوطني ومصدر للعملة الأجنبية في المغرب. لكن نشاط هذا القطاع المهم يتأرجح بين الانتعاش والتراجع، لأن ما يقدم للسياح أضحى تقليدياً يكاد يقتصر على الشمس والبحر. وهذا يستوجب على الجهات المعنية فتح نوافذ جديدة لتأهيل القطاع وإغنائه عبر تنويع موارده الطبيعية والتراثية والثقافية.
ويتمتع المغرب بإمكانات سياحية كبيرة تستحق الاستغلال الرشيد لإبراز خصوصياته. ويمكن أن تشكل السياحة البيئية بديلاً للسياحة التقليدية التي كادت تستنفد أغراضها. فالغنى الثقافي والأصالة المغربية والتراث والفن المحلي، ثم الطبيعة الخلابة والمحميات، تحتاج إلى تسويق جيد وبرنامج استراتيجي يبث الروح المفتقدة في ثنايا جدران الفنادق والمطاعم والمنشآت السياحية، وفق منظومة سياحة وطنية تستشرف الآفاق البعيدة لقطاع واعد.
يقول عبدالعزيز فطواك، المندوب الجهوي للسياحة في أكادير في جنوب المغرب، إن السياحة البيئية قطاع رائد واستراتيجي في جهة سوس ماسة درعة، وقد حظيت باهتمام بالغ من وزارة السياحة إبان العشرية السابقة المتمثلة في استراتيجية 2010، وكذلك في "رؤية 2020" التي دعمت السياحة المسؤولة والمستدامة. وقد تم إحداث آلية لتتبع الاستدامة في قطاع السياحة طوال مرحلة تنفيذ رؤية 2020، من خلال التوقيع على اتفاقية شراكة بين وزارات السياحة والطاقة والمعادن والمياه والبيئة. وذلك لمراقبة مدى احترام أصول السياحة المسؤولة وتأثير التنمية السياحية وكثافة السياح على البيئة والوضع الاجتماعي الاقتصادي. وسيتم تفعيل هذه الآلية عبر مراصد للبيئة والتنمية المستدامة أحدثتها وزارة البيئة في المناطق المغربية المختلفة.
واعتمدت وزارة السياحة المغربية استراتيجية لتطوير السياحة المستدامة في المناطق القروية، خصوصاً السياحة البيئية والسياحة الزراعية وسياحة المغامرات، من خلال تطبيق مفهوم "الفضاءات السياحية" التي تتعاون فيها الجماعات المحلية والمؤسسات والشركات في مشروع تشاركي. وذلك بهدف استقطاب سياح جدد ينعشون موارد الاقتصاد الوطني، وتضامناً مع فئات اجتماعية هشة في مناطق قصية.
ومهد التنوع الجغرافي والطبيعي والثقافي للمغرب لإنشاء ثمانية "فضاءات" رئيسية للاستقبال السياحي، تتمتع بهوية نوعية متميزة ترسمها المعطيات الطبيعية والثقافية والتاريخية وغيرها. وبدأ ترويج هذا النوع من السياحة ووضع إجراءات الدعم المؤسساتي له.
وقد أقيم موقع للاستقبال السياحي في أكادير سمي "فضاء الأركان". ويشهد فضاء إيموزار إداوتنان تهيئة نحو 65 كيلومتراً مربعاً، مقسمة بين أربعة مسارات للمشي وست باحات للاستراحة مع دار الاستقبال السياحي في مركز إيموزار. كما تم تأهيل منحل إنزركي العملاق لتربية النحل، وتدريب مرشدين سياحيين، وتهيئة أماكن للإقامة، مع توعية الفاعلين المحليين بأهمية المشروع.
وتتجه جهود شركاء المشروع حالياً نحو تهيئة مغارة "وين تمدوين"، التي تعتبر أكبر مغارة معروفة في أفريقيا وتمتد على طول 19 كيلومتراً. كما يتم تشجيع الاستثمار في نشاطات سياحية رياضية مثل الصيد المنظم وركوب الخيل وتسلق الجبال. |