النص: راغدة حداد
الصور: كريستو بارس
لماذا تتصارع الحيوانات؟ لأسباب مختلفة: دفاعاً عن نفسها ضد حيوانات مفترسة، أو تنافساً على غذاء أو مصدر ماء، أو لإثبات القوة وفرض الحق في قيادة القطيع أو مزاوجة الاناث.
الصراع شكل من السلوك الحيواني، يتميز بانقضاض يشنّه حيوان على آخر. وهو شائع في معظم أنواع الحيوانات. فالأسماك تشبك فكيها وتعض الواحدة الأخرى، والطيور تتناقر، والجرذان تعض، والحمير ترفس، والثيران والتيوس تتناطح. الحيوانات تتقاتل بطرق يبدو أنها مبرمجة في جيناتها، أي موادها الوراثية. ويحدث هذا العدوان، بين أفراد النوع الواحد حين تكون لها حاجات متشابهة جداً، فتجد نفسها في تنافس مباشر مع بني جنسها من أجل الغذاء والتزاوج والحفاظ على نطاق سيطرتها.
والشكل الذي يأخذه هذا الصراع تحدده الى مدى بعيد الأخطار والفوائد المحتملة للصدام. ذكور ظباء العلند (الألكة) تشتبك في منازلات دفع بقرونها، وعندما يتعب أحدها ينسحب، آملاً أن يحمل له موسم التزاوج في السنة التالية نتائج أفضل. وظباء العلند الضخمة لا تستعمل قرونها للطعن أو الجرح، وهي تسقطها في نهاية موسم التزاوج. ومعظم الاعتداءات القائمة بين أفراد النوع هي من هذا القبيل، ولا تسفر عن أذى جسدي كبير.
ولأن القتال خطر، وقد يؤدي الى اصابة بالغة أو موت، ثمة "آليات" طبيعية للحد من عنف السلوك العدواني القائم بين أفراد النوع. ومنها نزعة مبرمجة وراثياً لتحديد الموائل، بحيث تقتصر المنازلات عادة على مناوشات حدودية عَرَضية.
واتباع السلوك العدواني "طقوساً" معينة هو تقييد آخر مبرمج وراثياً للحد من القتال. فالأفاعي السامة تتصارع من دون أن تستخدم أنيابها. وأكباش الجبال تتناطح برؤوسها المدرَّعة من دون أن يجرح بعضها بعضاً. والقردة تهز أغصان الأشجار وتصرخ وتحرك أيديها تخويفاً. وتؤدي بعض السحالي (من الزواحف) عروض تهديد، بأن تنفخ طية جلدية موجودة في عنقها.
من فوائد هذا القتال الطقوسي أن الفائز أيضاً لا يخسر قدراته نتيجة القتال. فالحيوان المنتصر، اذا كان مصاباً أو مجهَداً، قد لا يكون قادراً على هزيمة خصم آخر، وقد يصبح فريسة نوع آخر من الحيوانات. لذلك، فان معظم الحيوانات المتصارعة تعطي علامات واضحة على قبولها بالهزيمة وانهاء القتال قبل أن تحدث اصابة. فالسحلية تربض، والسمكة تضم زعانفها أو تتخذ وضعية عمودية، والكلب يكشف بطنه غير المحمي، وطائر النورس يعرض مؤخر رقبته الضعيفة لخصمه. هذه الحركات تشير الى إقرار بالهزيمة، وتضع نهاية للصراع.
الصور المرافقة لهذا المقال تبين صراع أنواع من الظباء في جزيرة صير بني ياس المحمية في الامارات. وقد صورها كريستو بارس لـ"البيئة والتنمية". |