Monday 29 Jul 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
عبد الهادي النجار لا تموت السحالي ولا تفنى الجرذان | 26/11/2013
زرياب رجل أربعيني مولع بالحيوانات إلى درجة التطرف، وما زال شغوفاً بالمسلسل الكرتوني "توم وجيري". أما فيلمه الذي لا يمل من مشاهدته فهو "الفأر الطباخ". وبالرغم من صعوبة نشأته، إلا أنه قام بتثقيف نفسه بنفسه، لذلك لا تستغرب إذا وجدته يوماً يجادلك في القيم الأخلاقية التي تحملها رواية "مزرعة الحيوان" للكاتب البريطاني جورج أورويل.
 
زرياب، أو زرزور كما يحب أن يناديه أصدقاؤه، رجل صاحب مبادئ، وهو في الوقت نفسه شخص داهية واسع الحيلة كالثعلب، ومبدأه في التعامل مع متناقضات الحياة هو أن "لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم".
 
لعل من أجمل ما تمنحه الأقدار لإنسان أن تدعه ينال رزقه من خلال عملٍ هو الأحب إلى نفسه. وهذا كان نصيب زرزور، الذي تم تكليفه برعاية الحيوانات في حديقة تتبع لإحدى البلديات. ولأن "الثور النطّاح لا يموت إلا منطوحاً"، قررت البلدية التي يعمل لديها زرزور أن تنقله من قسم الحدائق إلى قسم مكافحة القوارض والحيوانات الشاردة، بعد أن اضطرت لبيع حيوانات الحديقة تجنباً للنفقات الكبيرة الناتجة عن إطعامها والاعتناء بها يومياً.
 
وهكذا أصيب زرزور في مقتل. وعبثاً حاولت أن أقنعه بأن لا ضير في القضاء على بعض الحيوانات إذا كان في ذلك منفعة للإنسان، ولكنه بعشقه المتطرف للحيوانات كان يجيبني: "أنا زرزور، عاشق الحيوان، كيف انقلبت حياتي لأصبح إرهابياً أفتك بها؟"
حاول زرزور التهرّب من اصطياد الحيوانات وقتلها من خلال الادعاء المتكرر بقتل أعداد من الكلاب الشاردة والقوارض. ولكن مع مرور الأيام بدأ كذبه يتكشّف، حتى أن رئيسه في العمل طلب إليه أن يجلب ذيل كل كلب أو جرذ يقتله ليتحقق من أنه قام بعمله على أفضل وجه.
 
أُسقط في يد زرزور. وبعد أخذ ورد استطاع إقناع رئيسه بأن يكون عمله مقتصراً على صيد الجرذان، نظراً لضعف بصره الذي لا يتيح له استخدام البندقية بالشكل الملائم، مما قد يجعله يصطاد إنساناً عابراً بدلاً من كلب شارد.
 
بعد عدة أيام شاهدت زرزور وقد لاح على وجه السرور، فسألته: "يبدو أن صيد الجرذان أهون على نفسك من صيد الكلاب".
 
ضحك زرزور، ثم تلفت حواليه وأجابني: "أبداً، ولكنني وجدت أن الحصول على ذيل جرذ أهون بكثير من الحصول على ذيل كلب! لا تستغرب. لقد كنت أضع الفخاخ في الخرائب، فالتقط بها السحالي بدلاً من الجرذان. وكما تعلم، فإن للسحلية ذيلاً يشبه ذيل الفأر، خاصةً إذا كانت من الحجم الكبير، وهي إن قُطع ذيلها تستطيع تعويضه بعد فترة قصيرة بعكس الجرذان".
 
نظرت إلى زرزور مندهشاً وسألته: "هل كنت تحضر لرئيسك ذيول السحالي بدلاً من ذيول الجرذان؟"
 
أجابني: "بالتأكيد، كانت تكفي نظرة سريعة منه ليقتنع بأن ما أعرضه عليه هو ذيول جرذان. وبهذه الطريقة لا تموت السحالي ولا تفنى الجرذان، وأبقى أنا صديقاً للحيوانات".
 
انفجرت في الضحك حتى كدت أقع على ظهري. وبعد أن تمالكت نفسي أخذت أفكر في ميكيافيلية صديقي عاشق الحيوانات، وإلام كانت حال بلادنا ستؤول لو أن هناك متحمسين لقضايا البيئة والتنمية بمثل دهائه وبشيء من تطرفه.
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.