فطـن خبـــــراء التربيـــة والمتاحـــــف إلــــى أهميـة متاحـف الأطفــــال التفاعلية التي تُلْغــى فيهــا كلمــة "ممنـــوع". وقد وصل عــــدد هذه المتاحـف في الولايات المتحدة وحدهـا إلى 300 متحــف، لا تغلـق أبوابهـا يومــاً واحــداً طول الأســبوع، وتلقــى إقبـالاً شــديداً من الأطفـال الأميركيين. وتلخِّـص طفلة في الثامنة من عمرهـا رأيهـا في هذه المتاحف، إذ كتبت في ســجل زيارات واحد منها: "لـم يكـن يشــبعني أن أتجــول وأســمع فقـط في المتاحـف القديمة التي كنت أزورها مع أمي. أمـا هنــا فيمكنني لمس المعروضات، وللمـــس الأشــــياء متعــة مختلفــة".
تختلط في هذه المتاحـف متعة المشـاهدة بمتعة ممارسـة المهـارات اليدويـة، بلـذة اكتشــاف الأشــياء والحقائق، بالدهشــة. ففي أحدها يمـرح الأطفـال بالمرور بين ثـلاث مرايـا، تتصل الواحدة منها بالأخريين بزوايا من 60 درجة. ومع انبهارهم بالعدد غير المحدود من صورهم المنعكسة في تداخل شديد بين المرايا الثلاث، يمكنهم أن يتلقوا من المشـرف المتخصص بعض الحقائق العلمية البسيطة عن الضـوء وانعكاسـه.
كذلك تُعِـــدُّ هـذه المتاحـــــف أطفـال اليـــــــوم للتآلــــــــف مع الروبوتات، تلك الآلات الذكيـــــــة التي يتوقع لهـا أن تنتشــر وتتدخـل بشــكل أوســع في حيــاة البشــر خــلال هذا القرن. ففي متحف للأطفـال بمدينة بيتســبرغ، يقضـي الأطفال وقتاً طويـلاً مع "جيمني" التي تمت برمجتها لتتحرك وتعابث الأطفال، وتحادثهـم، وقد تغنــي لهـم أيضاً إن هم طلبوا منها ذلك.
ويهتم متحف الأطفـال في هيوسـتن بعرض مكونات البيئـات الإنســانية المختلفـة، التي من خلالهـا يتحصَّـل الصغــار على معلومات عن الثقافات السائدة في تلك البيئات، ومن بينهـا بيئة الغابة الأفريقية، والحيـاة في الصيـن، وفي المكسـيك، وبعض الولايات الأميركية ذات الطابع الخاص. ويمكن للأطفـال، في هذا المتحف، أن يرتدوا الأزيـاء التقليدية الخاصة بهذه البيئات، ويعايشـوا جوانب من الحيـاة اليومية، كما يفعل الســكان الأصليـون في تلك البـلاد. وهكذا، تنتهي الزيارة المتحفية وقد تحصَّـل الطفل على درس في الجغرافيـا البشـرية يصعب أن تمحوه الأيام من ذاكرته.
وأعجبتني كثيراً فكرة "الســيد عظــام"، التي يقدمها متحــف للأطفــال في مدينة برمنغهـام. لقـد فكَّـر المســؤولون عن المتحف في طريقة يقدمون بهـا درســاً في التشــريح، لأطبــاء المســتقبل من الأطفــال المترددين على المتحف، بحيث يزيلون تماماً أي احتمال للخـوف من مشــاهدة الهيـكل العظمـي الآدمي أو مـلامســته. فمــاذا يفعلون؟ أولاً، أعطـوه اســماً، هو "مســتر بونز"، أو السيد عظـام. ثانيــاً، أركبــوه درَّاجــة! نعــم، وعلى الأطفـال الذين يقتربون من الهيكل العظمي راكب الدرَّاجــة، مبتسمين، أن يســاعدوا مســتر بونز على ارتقــاء درَّاجتـه، والاحتفـاظ بتوازنه عليهـا، وأن يجعلوه يحرك ســاقيه وذراعيه لإدارتهـا والســير بهـا قُدُمــاً. وهكذا، يتوصَّـل الصـغار، بأنفســهم، إلى كيفية عمـل عظـام البشـر، وتكوينهـا، وطرق تمفصلهـا. فإذا وصـلوا إلى عتبـات كليـة الطـب، أقبلوا على الدراسة فيها وتفوقوا!
العقبى لنا ولأطفالنا.
|