Monday 29 Jul 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
عبد الهادي النجار التنمية وتدويل التعليم الجامعي... اليابان نموذجاً | 29/09/2013
عبد الهادي النجار
 
تبنّت اليابان خلال الفترة بين منتصف القرن السابع عشر ومنتصف القرن التاسع عشر سياسة انغلاق شبه تام عن العالم الخارجي، سُميّت فترة "البلد المقيّد" أو ساكوكو (Sakoku) باللغة اليابانية. وقد هدفت هذه السياسة إلى وقف المؤثّرات الخارجية من أجل كبح الحرب الأهلية والحفاظ على التجانس العقائدي والعرقي في البلاد، في وجه الأفكار الأجنبية والاستعمارية التي كان الإسبان والبرتغاليون يحاولون زرعها في بلاد الشمس المشرقة.
 
سياسة التقوقع التي انتهجتها السلطة اليابانية، والتي قضت بإعدام كل ياباني يحاول التسلل خارج البلاد أو العودة إليها، كان لها دور إيجابي في استقرار اليابان لفترة طويلة نسبياً تعزّزت خلالها روح التضامن الوطني والاعتماد على الذات. وفي المقابل، أدّت هذه السياسة إلى تراجع البلاد تقنياً وعسكرياً، وكانت النتيجة انهيار سياسة الانغلاق نفسها تحت الضربات المدفعية للسفن السوداء التابعة للبحرية الأميركية عام 1853.
منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم تتأرجح السياسة اليابانية بأشكالها كافة بين الانغلاق على الذات والانفتاح الحذر على العالم الخارجي، على رغم العوائق التي تعترض ذلك والمتمثلة بجغرافية البلاد وتفرّدها اللغوي. ولعل أحداث الحرب العالمية الثانية، ولا سيما قيام القوات اليابانية بقصف بيرل هاربر والرد الأميركي المدمّر في هيروشيما وناكازاكي عام 1945، جعلت من الانغلاق أمراً واقعاً ساهم على المدى المتوسط في النهضة اليابانية التي نعرفها الآن.
 
ولكن يبدو أن بذور الضعف انتشت وبدأت تكبر ضمن القوقعة اليابانية كما كانت الحال في منتصف القرن التاسع عشر. فعلى المستوى الأكاديمي، ورغم توفر البنية التحتية المتميزة، هناك جامعتان يابانيتان فقط ضمن قائمة أفضل مئة جامعة على مستوى العالم.
 
إن تدني مستوى التعليم الأكاديمي في اليابان عائد بشكل كبير إلى ضعف إلمام الطلاب اليابانيين باللغة الإنكليزية، وبالتالي عدم مواكبتهم للتطور التقني العالمي الناطق بالإنكليزية كلغة للعلوم، بالإضافة إلى قلّة تنوع الاختصاصات العلمية التي تحقق متطلّبات السوق العالمية، وضعف نوعية التعليم وقلّة التبادل العلمي وتراجع أعداد الدارسين في الخارج.
 
كثيرون سمعوا بمدينة بالو آلتو في ولاية كاليفورنيا، وهي مدينة العلوم والتكنولوجيا الأميركية التي تضمّ جامعة ستانفورد وعدداً كبيراً من المؤسسات البحثية الكبرى والشركات التقنية الضخمة مثل هيوليت باكارد وغوغل وآبل وصن ميكروسيستيمز وغيرها. ويُعتبر سكان بالو آلتو، الذين يبلغ عددهم نحو 64 ألف نسمة، الأعلى تعليماً في الولايات المتحدة. ولكن هل سمع أحدكم بمدينة تسوكوبا؟
 
تسوكوبا هي المقابل الياباني لمدينة بالو آلتو الأميركية. وقد آتتني الفرصة لزيارتها قبل بضع سنوات، وشاهدت ما تحويه من مراكز اختبار لا مثيل لها في العالم. فهي تضمّ على سبيل المثال أكبر منصّة لاختبار مقاومة المباني للزلازل، وأسرع حلبة لاختبار سرعة المحركات، وأضخم مختبر لدراسة ديمومة مواد البناء، وعشرات المختبرات الأخرى التي توفّر الدعم للمؤسسات الأكاديمية والبحثية في المدينة، مثل جامعة تسوكوبا والمعهد الوطني للدراسات البيئية ووكالة اكتشاف الفضاء اليابانية (جاكسا) وغيرها الكثير.
 
يكفي أن نعرف أن من بين 210 آلاف شخص يسكنون في مدينة تسوكوبا هناك 19 ألف باحث، بينهم خمسة آلاف يحملون درجة الدكتوراه. ولكن المحبط بالنسبة إلي هو أن معظم الباحثين الذين التقيتهم في تسوكوبا ممن يشرفون على مختبرات فريدة من نوعها عالمياً كانوا لا يتكلمون الإنكليزية على الإطلاق، باعتبار معظمهم من خريجي الجامعات الروسية!
 
إن مسألة تدويل الجامعات وتمكينها هي قضية يجب أن تشغل بال كل مسؤول عن التعليم والبحث العلمي في أي بلد في العالم، باعتبارها محرّكاً حقيقياً للتنمية الوطنية. ولعل هذا ما دفع وزير العلوم والتكنولوجيا الياباني للتصريح مؤخّراً بأنه "من دون تقوية الجامعات لا نستطيع تحقيق المزيد من التنمية، ولذلك يجب على جميع الجامعات اليابانية أن تحوّل نفسها إلى جامعات دولية".
 

 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.