<div><span dir="rtl"> ينتمي الأرنبُ لطائفة الثدييات، أو اللبونيات، التي تضمُّ أنواعاً عديدة من الحيوانات، بينها اختلافات شديدة: الإنسان – القِرَدَة – الفيل – القط – الجرذان – الحيتان – الدلافين - ناقة البحر – الغوريلا – والأرنب، وأنواعـاً أخرى. ولكي يوفر العلماء مزيداً من التحديد للمجموعات الحيوانية التي تتشابه الأنواع بها في كثير من الصفات، كان من الضروري إعادة تجميع الثدييات المتشابهة لتضمها مجموعات أصغر. وعلى سبيل المثال، تم تجميع الإنسان والغوريلات والقردة الكبيرة في مجموعة واحدة هي "الرئيسات"، وتحتل قمة المملكة الحيوانية، ولعلك تعلم أن النمور والقطط تنتمي لمجموعة القطط، ثم تجيئ الأرانب والجرذان وشبيهاتهما في مجموعة "القوارض".</span></div> <div> </div> <div><span dir="rtl">إن السطور السابقة هي من الحقائق الأولية لأحد العلوم الأساسية، هو "علم التصنيف"، وهو علمٌ لا يرحب به الطلاب في أقسام علوم الحياة كثيراً، ومهمته تصنيف جميع أنواع الكائنات الحية المعروفة، وإعطاؤها أسماء لاتينية مشتقة من صفاتها، وذلك لتسهيل دراسة علاقات هذه الكائنات ببعضها. وقد بدأ ذلك العلم - في صورة متقدمة نسبياً - منذ نحو مئتي سنة، وكان أشهر المشتغلين به عالم اسمه "لينياس"، وهو الذي وضع الأرانب في مجموعة القوارض. لقد رآها تمتلك قواطع كبيرة الحجم، وتتسلى - طوال الوقت - بقرض كل ما يصلح للقرض، فأعطاها اسمها المشتق من الفعل "قرض".</span></div> <div> </div> <div><span dir="rtl">وعاشت الأرانب قرنين من الزمان مستقرة، مطمئنة إلى مركزها الثابت فى تصنيف المملكة الحيوانية. وأعتقد أن الأرانب نفسها سوف تندهش إذا قرأت معنا هذا الكلام وعلمت أنه يجب عليها الآن أن تراجع الدوائر الرسمية لتغيير "صفتها" المثبتة في هويتها!</span></div> <div> </div> <div><span dir="rtl">لقد اكتشف أحد علماء الوراثة – حديثاً - أن لينياس (أبو علم التصنيف) كان على خطأ عندما ضم الأرانب إلى القوارض، وأن من حقها أن تحصل على ترقية! ويقول ذلك العالم إن "لينياس" ومعاصريه من علماء التصنيف كانوا يعتمدون على الصفات الخارجية للجسم، وعلى بعض السلوكيات الظاهرة في تصنيفهم للكائنات الحية. أما الآن، فإن لدينا من أجهزة التحليل الكيميائي، ومن وسائل البحث في مجال الهندسة الوراثية، ما يجعلنا نعود إلى تصنيف الكائنات الحية على أسس أكثر دقة.</span></div> <div> </div> <div><span dir="rtl">الخطير في الأمر أن الترقية التي يطالب بها ذلك العالم للأرنب تعد قفزة كبيرة – وهو، على أية حال، مشهور بقفزاته السريعة الطويلة - فهي تنقله إلى قمة المملكة الحيوانية، وتنسبه إلى طائفة الرئيســــات، التي يحتل الإنسان ذروتها. وهكذا، أصبحت الأرانب، علميـــاً، من أقربائنا!</span></div> <div> </div> <div><span dir="rtl">لقد أجرى ذلك الباحث بعض التجارب والاختبارات، فوجد أن التركيب الكيميائي لبعض أنواع البروتين في الأرنب يشبه تركيب البروتينات نفسها في كائنات من طائفة الرئيســــات، أكثر مما يشبه تركيب البروتينات في القوارض الأخرى. وهو يقول إن هذا الأساس الكيميائي للتصنيف أقوى من أسلوب التصنيف القديم. فالتركيب الكيميائي للبروتينات مسجل في جينوم الكائن الحي، مما يعنى ثباته على مر الأزمنة، ويؤكد حق الأرنب في الحصول على هذه الترقية الكبيرة!</span></div> <div> </div>
|