باتر محمد علي وردم
مر أكثر من عقدين على مشاريع وبرامج التوعية البيئية في العالم العربي، ولم نتحول بعد من مرحلة "نقل رسالة التوعية" إلى مرحلة "تغيير السلوك". هل المشكلة في الجمهور نفسه أم في وسيلة التوعية أم في مضمون الرسالة أم في طريقة عرضها؟ كيف يمكن لنا في العالم العربي أن نستغل الواقع الإعلامي والاجتماعي الحالي في تعزيز حضور برامج التوعية البيئية؟ هذه بعض الأفكار التي هي مزيج من المفارقات والجدية.
1. يمكن إنشاء برنامج بعنوان Arabs Got Greens يشارك فيه متسابقون من العالم العربي لعرض إبداعاتهم في مجال التكنولوجيا والنشاطات الملائمة بيئياً وتقديم المساعدة للمجتمعات المحلية. فيقوم المشاهدون بالتصويت على أفضل هذه المساهمات أسبوعياً، مع قيام المتسابقين في كل حلقة بتقديم ما هو جديد وتوسعة نشاطاتهم. ويمكن أن تقوم الجهات المانحة والداعمة للبرنامج بتمويل تنفيذ المشاريع الفائزة.
2. نظراً إلى شغف العالم العربي بالسيارات، يمكن إعداد برنامج بعنوان Top Green Gear تعرض فيه أحدث السيارات الرفيقة بالبيئة ومساهمتها في التخفيف من التلوث واستهلاك البنزين والتحول نحو الوقود السليم بيئياً، مما يساهم في تشجيع استخدام هذه السيارات. والتمويل جاهز من قبل الشركات المصنعة لهذه السيارات ووكلائها في المنطقة.
3. مع النجاح الكبير لقناة "فتافيت" في جذب الرأي العام العربي إلى الإبداعات في المطبخ، يمكن تقديم برنامج أسبوعي أو يومي متخصص بالغذاء الصحي والسليم بيئياً، أو المعتمد على المنتجات العضوية وغيرها من أنواع الاستهلاك الغذائي المستدام. هذا سيشجع على استبدال الطعام المكتنز بالدهون والزيوت المضرة واللحوم ذات الإنتاج المكثف بمنتجات أكثر استدامة بيئياً وزراعياً.
4. مع تزايد الاهتمام بالرياضة (مشاهدة وليس ممارسة)، يمكن إعداد برنامج خاص حول الأندية العربية الأكثر اهتماماً بقضايا البيئة، من حيث الاستعدادات اللوجستية وإدارة المرافق وغير ذلك. ويمكن تسمية البرنامج Green Cup يفوز به في النهاية النادي الأكثر قدرة على تخفيف التلوث واستخدام التقنيات الرفيقة بيئياً والملائمة اقتصادياً.
5. مع تزايد مظاهر التدين في العالم العربي والاهتمام ببرامج الدعاة على الفضائيات المختلفة، من الضروري ظهور رجل دين متميز المعرفة والخبرة ويمتلك شخصية جذابة وذات منطق سديد، يروج للسلوك البيئي والاهتمام بهذا الجانب من الممارسات الحياتية اليومية وأهميتها الأخلاقية، حيث يمكن لمثل هذا الخطاب أن يؤثر على ملايين الناس لتغيير سلوكهم.
6. من المهم أن تدخل بعض مؤسسات التوعية البيئية على مجال تطبيقات الهواتف الذكية، والتي باتت أداة التواصل والمعرفة الأكثر جاذبية لجيل الشباب في المنطقة. يمكن نشر العديد من التطبيقات التي تتمثل في معلومات مقدمة بطريقة جذابة أو ألعاب تفاعلية ووسائل للتسلية تساهم في تعزيز المعرفة البيئية والسلوكيات السليمة تجاه البيئة والمجتمع والإنسان.
7. أثبتت تجربة الموقع الإلكتروني وصفحة الفيسبوك الخاصة بالمنتدى العربي للبيئة والتنمية ومجلة "البيئة والتنمية" نجاحاً كبيراً، وتمثل نموذجاً لما يمكن تحقيقه بسرعة وكفاءة وبتأثير واسع من خلال استخدام الإنترنت لنشر المعرفة البيئية. هذا يتطلب من المؤسسات البيئية والنشطاء في مجال التوعية تغيير طرق عملهم بسرعة وبذل المزيد من الجهد في نوعية المضمون، وليس فقط التركيز على الدعاية والعلاقات العامة والترويج الذي لن يحقق أية قيمة في عالم من التنافسية الشديدة على استقطاب متصفحي الإنترنت.
تجاوز الزمن مرحلة البوسترات والبروشورات وورش العمل التقليدية، وباتت وسائل التواصل ومنابر الاهتمام الإعلامي مختلفة وتحتاج إلى جيل جديد ومتميز من رواد التوعية البيئية، والمجال مفتوح لهم حتى لتحقيق مكاسب مالية من هذه الأنشطة.
|