أثارت تسريبات البريد الإلكتروني الخاص بعدد من علماء المناخ عام 2009 جدلاً علمياً حول التلاعب في المعطيات لتعزيز دور العامل البشري في ارتفاع حرارة الأرض وخاصةً ما يتصل بالرسم التخطيطي المعروف بمنحنى "عصا الهوكي" الذي يبرز ارتفاع حرارة الكوكب بشكل متسارع جداً خلال المئة عام الماضية.
إن مجمل التحقيقات التي جرت والتي لا يزال بعضها مستمراً حتى الآن قد توصّلت إلى أن المعطيات المناخية قد تمّ تفسيرها على وجه واحد لصالح تعزيز فكرة ارتفاع حرارة الأرض ولاسيما ما يخصّ بيانات حلقات النمو في جذوع الأشجار، إلا أن هذا العمل لا يقلّل من قيمة الاستنتاجات التي تشير إلى دور الإنسان بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري.
على الرغم من ذلك، لا تزال العديد من الدول الصناعية الكبرى والدول المنتجة للنفط تجد في هذا التلاعب أو ما عُرف عالمياً بفضيحة Climate Gate مخرجاً لها للتملص من التزاماتها تجاه خفض انبعاثات غازات الدفيئة والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، باعتبار أن هذه الالتزامات ذات أثر سلبي على النمو الاقتصادي لتلك الدول.
بشكل مبسّط يمكننا القول إن مناخ الأرض يؤشّر عليه المكان الذي يتجمع فيه غاز ثاني أوكسيد الكربون، فعندما يكون هذا الغاز في طبقات الغلاف الجوي يكون الكوكب في فترة حارّة (بين جليديّة) ويصل التركيز الجوي لثاني أوكسيد الكربون إلى ما يقارب 280 جزءاً بالمليون، وعندما ينخفض تركيز هذا الغاز في الجو وينتقل إلى المحيطات يكون الكوكب في فترة جليديّة حيث يصل التركيز الجوي لثاني أوكسيد الكربون إلى ما يقارب 190 جزءاً بالمليون.
والسؤال: ما هي نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو حالياً؟ سنة 2014 سيشهد العالم تحطيم رقم قياسي جديد لنسبة ثاني أوكسيد الكربون في الجو بتجاوزها 400 جزء بالمليون، وهذه النسبة في تصاعد.
إن الأسباب الطبيعية وراء التحوّلات من عصر جليديّ إلى عصر دافئ ثم العودة مرة أخرى إلى عصر جليديّ جديد هي في الاختلافات الدقيقة التي تحدث في مدار الكرة الأرضيّة حول الشمس، والمعروفة باسم "مسارات ميلانكوفيتش"، حيث يحدث هذا التحول على فترات زمنية تستغرق عشرات الآلاف من السنين.
لقد خلصت بعض الدراسات إلى أنه من المتوقع بدء الانتقال إلى العصر الجليدي القادم في غضون 1500 عام في حال بقيت مستويات تركيز ثاني أوكسيد الكربون عند مستويات "طبيعيّة"، الأمر الذي لا يحصل حالياً. المفارقة أن هذه الدراسات قد لاقت ترحيباً لدى مناهضي خفض انبعاثات غازات الدفيئة، معتبرين أن تدفئة الكوكب هامة في تجنّب الجليد الذي سيقضي على المساحات المزروعة وبالتالي تفادي انقراض الجنس البشري.
إن ما ينادي به محبو ثاني أوكسيد الكربون صحيح ظاهريّاً لو كان التسخين الذي نتسبب به هو لمناخ بارد في الأصل، ولكن ما يحدث هو أننا نساهم بشكل خطير في رفع حرارة الكوكب الذي هو دافئ حالياً، أي أننا بأيدينا نتسبب في انتشار المناطق الجافة وتصحرها وانقراض الأنواع الحية وارتفاع منسوب مياه المحيطات وهذا كله سيؤدي إلى نتيجة واحدة هي انقراض الجنس البشري وعودة الأرض إلى دورتها الطبيعية.
|