يقوم عدد كبير من قصص الخيال العلمي على فكرة بيع وتمليك مسطحات وضياعٍ في الكواكب الأخرى، كما في رواية روبرت أ. هينلين الصادرة عام 1950 وعنوانها "الرجل الذي باع القمر". وفي 1958، دعا إسحاق عظيموف سكان الأرض، في روايته "صفقة المُشــــــتَري" لأن يشتروا أرضاً في ذلك الكوكب. وعاد هينلين عام 1961 فنشر رواية عنوانها "غريب في بلاد الغربة"، تحكي عن حكم للمحكمة العليا يقضي بأن تؤول ملكية القمر إلى الأفراد الفعليين الذين ثابروا على سكناه، عملاً بالمبدأ القانوني "العينُ لمن يشغلها". ثم جاءت عام 1964 رواية "انسلاخ الزمن المريخي" للكاتب فيليب ديك، وهي تدورُ حول قضية التملك على سطح المريخ. تلتها رواية بن بوفا "العودة إلى المريخ" عام 1999، وفيها تضع دولة "نافاهو" يدها على أصقاع المريخ وتعلن ملكيتها لها.
وقد تحولت تلك الأحلام إلى سعي حقيقي، على أرض الواقع، لعدد متزايد من الناس. بل نشأت سوقٌ عقارية للملكية الفضائية، تباع وتشترى من خلالها أراضي الكواكب. أكثرها إثارة للعجب وكالة "سفارة القمر" للتمليك في الفضاء الخارجي، التي تأسست عام 1980 في مدينة ريوفيستا بولاية كاليفورنيا الأميركية، لصاحبها دينيس هــوب الذي تهيأ له أن القمر مشاع وأنه هو الســـبَّاق إلى ادعاء ملكيته. وبادر بأن سجل في المكتب الفيدرالي للمقاطعة التي يعيش بها إعلاماً بوضع اليد على القمر، كما أرسل إشعاراً بذلك إلى الحكومتين السوفييتية والأميركية وإلى الأمم المتحدة. وقام بتقسيم الجانب المضيء من القمر إلى ثلاثة ملايين قطعة، وراح يعرضها للبيع.
وباعت الشركة بالفعل سندات ملكية لقطع من "الأراضي" على سطح القمر تبلغ مساحتها الإجمالية 1777 أكراً (7,3 مليون متر مربع)، مشتملة على حق القيام بأنشطة تعدين. وأُضيفَ إلى السعر الأساسي للأكر الواحد – وهو 16 دولاراً – ضريبة قمرية مقدارُها 1.16 دولار، و10 دولارات مصاريف بريدية. فسفارة القمر ترسل الى كل مشترٍ خريطة قمرية يحدد عليها موقع الملكية، ونسخة من "دستور القمر" و"البيان الرسمي بالحقوق القمرية الأساسية".
وقد استشعر المجتمعُ الدولي خطورة سكوت الإدارة الأميركية على أنشطة تمليك أراضي القمر والكواكب، وربما تعاطفها مع هذه الأنشطة. وفي مؤتمر للمحامين الألمان المتخصصين بقضايا الفضاء عام 1999، قال المحامي الألماني فرانز فون ديردانك: "الولايات المتحدة تنتهكُ الأحكام المتصلة بمعاهدة الفضاء الخارجي، بتغاضيها عن اتخاذ أي إجراء ضد مواطنيها الذين يبيعون قطعاً من أراضي القمر احتيالاً".
وحقيقة الأمر أن ادعاءات هوب، حسب بيان أصدرته شركة "سفارة القمر"، متوافقة مع قانون أميركي قديم يدعى "قانون هومستيد" صدر عام 1862، ويمكن في ضوئه تكييف المسألة على هذا النحو: "لما كان رواد الفضاء الأميركيون هم أول من وطأت أقدامهم سطح القمر، وغرسوا العلم الأميركي، فمن ثم يصحُّ الزعمُ بأن الولايات المتحدة الأميركية هي الأحق بالقمر من أي أمة أخرى".
|