Monday 29 Jul 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
باتر وردم مؤشر الحضارة عدم إلقاء النفايات | 22/07/2013
الثقافة العربية بشكل عام مسكونة بقضية الحضارة وبمقارنة مستوى التقدم الحضاري في العالم العربي بمثيله في الدول المتقدمة والنامية. هنالك عدة نظريات حاولت تبرير التراجع الحضاري للعالم العربي، منها النظرية الأكثر تفضيلا وهي إلقاء اللوم على الاستعمار، أو على الاستبداد المصنوع محليا، أو على الفساد، والبعض أشار بأصابع الاتهام إلى الثقافة نفسها. بعد نحو 15 سنة من العمل في مجال البيئة، لدي تفسير خاص لمؤشر الحضارة بين الأمم، وهو إلقاء النفايات في الشوارع والأماكن العامة.
 
مشهد إلقاء النفايات في الشوارع يستفزني جداً وأحياناً أتمنى أن أتقمص دور الشرطي وأقوم باعتقال المخالف وإيداعه السجن. ولكن هذا الحل غير عملي، لأن مساحات السجون في بلادنا مهما كبرت لن تتسع لجميع مخالفي الذوق العام. في المقابل، فإن حملات التوعية والتنظيف التي ترتبط بمناسبات معينة هي محدودة التأثير الزمني والمكاني، وتعود الظاهرة فور انتهاء الحملة. نحن بحاجة إلى تنظيف العقول والأنفس.
 
ربما تكون الدول المتحضرة كافة، وخاصة في أوروبا الغربية وشرق آىسيا، تملك ميزة كبيرة في ندرة ممارسة جريمة إلقاء النفايات في الشوارع، وهي الظاهرة التي تحدث بشدة في العالم العربي. لا أعتقد أن للثقافة أو الدين علاقة مباشرة على رغم أهميتها، ولكنه تطبيق القانون. عندما يسافر الشخص من العالم العربي إلى أوروبا يلتزم فوراً بالقانون، ويبدأ ذلك في مطارات الدول التي يزورها. يمتنع عن التدخين في الأماكن العامة، ولا يلقي بالفضلات إلا في الحاويات المخصصة لها، ويكون حتى مضطراً للفصل بينها. حتى في دول مسلمة مثل تركيا وماليزيا، الشوارع نظيفة تماماً، وسلوك الناس في غاية الرقي. ما الذي يجعل الشخص يتحول من مهمل في بلاده إلى ملتزم في الخارج؟
 
أقتنع تماماً بأهمية التوعية البيئية، ولكن في حالات معينة لا بد من أن يترافق ذلك مع قانون شديد وصارم. في الأردن، يمكن أن ترى شخصاً يقود سيارة يصل ثمنها إلى 50 ألف دولار تعكس "مستواه الاجتماعي الثري"، ولكن في لحظة واحدة يمارس سلوكاً اجتماعياً مخزياً عندما يفتح نافذة السيارة ويلقي النفايات منها. في حال كان هنالك شرطي في الجوار وشاهد الحدث، يمكن له أن يحرر مخالفة، وكذلك الحال لو التقطته عدسات واحدة من الكاميرات المحمولة والثابتة التي تنتشر في الشوارع، والتي التقطت خلال الربع الأول من السنة الحالية 12 ألف مخالفة إلقاء نفايات في مدينة عمان وحدها. عندما يصل السائق إلى مرحلة تجديد رخصة السيارة سنوياً، يجد أمامه كشف المخالفات ويدفعها. من دون ذلك، سيبقى إلقاء النفايات ظاهرة مستمرة في كل مكان، مع أنه لا تتوافر معلومات مرجعية حول حجم هذا السلوك قبل تنفيذ سياسة التصوير.
 
العالم العربي بحاجة إلى دراسة سلوكية واجتماعية لتحديد الأسباب التي تجعل الناس يلقون بالنفايات في الشوارع، وهذا يساهم في تطوير برامج توعية تتناسب مع دوافع السلوك. ربما من أسباب الاستهتار بالقانون الشعور الذاتي بالغضب والإحباط من المجتمع والدولة وعدم الإنتماء، وخاصة في دولنا التي تعاني من الفساد والاستبداد، مجرد رغبة في الإيذاء، أو عدم توفر الحاويات الخاصة لجمع النفايات. ولكن، في نهاية الأمر، المعلومات ضرورية لمعرفة السبب.
 
قد تكون مواجهة ظاهرة إلقاء النفايات من أصعب التحديات البيئية، لأنها تتصدى لممارسة متعددة المصادر، وتتعلق بالفرد نفسه وطريقة تفكيره وشخصيته، وليس من السهل قياس نجاحها. حملات التوعية مهمة في تقليص حجم هذه الظاهرة، ولكنها يجب أن تعزز بالأدوات القانونية من جهة، وبالحوافز من جهة ثانية، وخاصة على المستوى الاجتماعي، وأن تكون هنالك مشاركة فعالة من القطاع الخاص ضمن نظام المسؤولية الاجتماعية.
 
نحرص جميعاً على نظافة بيوتنا من الداخل، ولكن الشعور الوطني فقط هو الذي يجعلنا نساهم في نظافة بلدنا أيضاً. مهما ركبنا أحدث السيارات، وشيدنا أطول المباني وأكبرها، وارتدينا أجمل الألبسة، سنبقى في دائرة غياب الحضارة في حال الاستمرار بإلقاء النفايات. ويستوي في ذلك الناس من الطبقات الاجتماعية كافة.
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.