إزالة الغابات الناجمة عن تنامي الاستهلاك الحضري تتسبب في كمية ضخمة من الانبعاثات العالمية. وقدرت دراسات حديثة أن إزالة الغابات الاستوائية تساهم في نحو 3 بلايين طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، ما يعادل انبعاثات نحو 600 مليون سيارة.
يتسبب النمو الحضري في إزالة الغابات بطريقتين على الأقل. الأولى، باعتماد النازحين من الأرياف أنماط حياة المدينة، فيميلون إلى استهلاك المزيد من الموارد. وإذ ترتفع مداخيلهم تتغير وجباتهم الغذائية لتشمل حصة أكبر من المنتجات الحيوانية والأطعمة المصنعة. هذا يدفع إلى تعرية الأراضي من أجل رعي الماشية وزراعة الأعلاف، سواء محلياً أو في بلدان أخرى تصدّرها. ويقدّر أن تلبية الحاجات الغذائية لسكان العالم، الذين تتزايد أعدادهم ويتحولون إلى حياة حضرية، قد تتطلب ما بين 2.7 و4.9 مليون هكتار إضافية من الأراضي الزراعية سنوياً.
في البرازيل، حصل تصاعد كبير في إزالة غابات حوض الأمازون خلال العقد الأول من هذا القرن. وعُزي ذلك إلى توسيع المراعي ومزارع فول الصويا استجابة للطلب في السوق الدولية، خصوصاً من الصين حيث أدى النمو الاقتصادي وشيوع الوجبات الغذائية الأغنى بمنتجات اللحوم إلى زيادة واردات فول الصويا من البرازيل لإطعام المواشي والدواجن.
وحتى في الزراعة الأوروبية العالية الإنتاجية نسبياً، يحتاج إنتاج كيلوغرام من الخضار المأكولة إلى نحو 0.3 متر مربع من الأرض الزراعية، بالمقارنة مع 7.3 متر مكعب لإنتاج كيلوغرام من لحم الدواجن، و8.9 متر مكعب لإنتاج كيلوغرام من لحم البقر.
العامل الثاني الذي يربط النمو الحضري بزوال الغابات هو أن المدن تتوسع غالباً في الأراضي الزراعية والموائل الطبيعية، بما في ذلك الغابات. وتنمو المدن حول العالم بمقدار 1.4 مليون مقيم جديد كل أسبوع. وتزداد مساحة الأراضي الحضرية أسرع مرتين من النمو السكاني، ويتوقع أن تتوسع بأكثر من 1.2 مليون كيلومتر مربع بين عامي 2000 و2030.
والمفارقة أن توسع المناطق الحضرية يدفع إلى تعرية الغابات لأغراض الزراعة، إلا أنه في الوقت نفسه يستنزف الأراضي الزراعية القائمة. ويقدر أن التوسع الحضري يؤدي إلى خسارة نحو 33 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية الخصبة كل سنة.
قد يمكن تخفيف أثر التوسع الحضري بالتركيز على أساليب مجرَّبة لتخطيط المدن بحيث تكون "مدمَّجة" وأكثر كثافة.
الخيار الأول هو زيادة كفاءة الاقتصادات في توفير الرفاه البشري لكل وحدة من مدخلات الموارد. ويمكن تخفيض أثر الغذاء في الاستهلاك العالي تخفيضاً حاداً من خلال تقليل هدر الطعام وخلق حواجز للتقليل من استهلاك اللحوم.
وقد يكون للمدن دور في تحديد السياسات الزراعية. فإضافة إلى تخفيض استهلاك اللحوم، يمكن تخفيض التأثيرات السلبية لإنتاج اللحوم بالتحول من النظم المكثفة القائمة على الوقود الأحفوري لتربية المواشي، إلى نظم أكثر تنوعاً تحاكي تركيبة النظم الإيكولوجية ووظائفها.
توم بروغ هو الباحث والمؤلف الرئيسي لتقرير "هل يمكن لمدينة أن تكون مستدامة؟" (Can a City Be Sustainable?) ضمن سلسلة "حالة العالم" التي يصدرها معهد "وورلدواتش" للأبحاث البيئية في واشنطن. ويمكن تنزيل التقرير من الموقع www.worldwatch.org
|