Friday 03 May 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
رجب سعد السيد تبن العرب ولبن هيرا | 16/06/2016
نظر العرب الأقدمون إلى السماء ليلاً، فلفت نظرهم شريط نجوم تشبه في تناثرها التبن الذي تبعثره مواشيهم أثناء إطعامها، فسمّوا هذه الظاهرة الفلكية "درب التبانة".
 
أما في الأساطير اليونانية القديمة، فيقال إن هرقل فشل في الرضاعة من هيرا، ربة الأوليمب، ومن شدة سخطه وإحساسه بخيبة المسعى، تناثر الحليب من فمه للفضاء الخارجي مكوناً الطريق اللبني (Milky Way).
 
على أي حال، مهما بعدت الشقة بين تبن العرب وحليب هرقل، يوشك سكان الأرض أن يفقدوا القدرة على مراقبة المجرة التي تنتمي إليها شمسهم مع شموس أخرى لا تعد ولا تحصى، بعد أن أغرقوا شوارعهم ومنازلهم في المدن والضواحي بالأضواء الاصطناعية المنبعثة من المصابيح الكهربائية.
 
تشير دراسة حديثة إلى أن ثلث سكان العالم قد أفقدتهم تلك الأضواء متعة مراقبة شعاعات نجوم المجرة، ومعظمهم في العالم الصناعي المتقدم، الذي أقام لنفسه مظل من أضواء ينتجها، أبعدته عن أضواء أثارت مخيلة البشر منذ عرفوا تأمل صفحة السماء في الليالي الصافية.
 
ويرى مؤلفو هذه الدراسة، وهم علماء إيطاليون وألمان وأميركيون، أن تلك المظلة من الأضواء تصنع نوعاً من التلوث نتيجة توهجها عند محاولتها اختراق هواء الغلاف الجوي الملوث بذريرات مواد مختلفة الأنواع والمصادر. فتسطع في السماء ليلاً حاجبة ملامح الطريق اللبني عن 60 في المئة من الأوروبيين.
 
وهذا النوع من التلوث بالسطوع الضوئي قطع العلاقة بين درب التبانة و80 في المئة من الأميركيين، فمن أراد منهم الاستمتاع بمراقبة نجوم مجرتنا، عليه أن يذهب إلى إحدى الحدائق القومية المحمية من الأضواء الساطعة. ويُذكر في هذا السياق أن إضاءة المدن الأميركية، نسبة إلى كثافة السكان، تفوق الإضاءة الألمانية بما يتراوح بين 3 و5 مرات. وتتخذ ألمانيا إجراءات لخفض إضاءة المدن، منها إظلام الطرق السريعة، كما أن سكان برلين صاروا يميلون إلى عدم إضاءة حدائق مدينتهم ليلاً، ويتعاملون معها كأنها محميات طبيعية.
 
وقد حصل الباحثون على بيانات عن هذه الأحوال في قارات العالم، أوضحت أن كوريا الجنوبية تأتي في مقدمة الدول الآسيوية التي انقطعت صلتها بدرب التبانة، فهي الأعلى بين الدول من حيث مستويات التلوث الضوئي نظراً لكثافتها السكانية الكبيرة. ومعها في المرتبة ذاتها تقريباً سنغافورة، حيث تغمر الأضواء كل مكان وكل شيء، لدرجة أن الناس يفقدون القدرة على التكيف مع الرؤية الليلية.
 
وتوصي الدراسة بمراجعة ترتيبات الإضاءة في دول العالم لكبح تفاقم التلوث الضوئي، واستخدام أضواء LED الأهدأ ألواناً والأقل حرارة ولا يعمي توهجها الأبصار عن صفحة السماء، خاصة بعد أن طوعتها التكنولوجيا لتخفض استهلاك الطاقة أيضاً. وقد استجابت بعض المدن الأميركية لهذه التوصية، فأخذت بها مدينة ديفيس في ولاية كاليفورنيا، بعد أن اشتكى سكانها من شدة توهج أضواء الشوارع ليلاً.
 
إن البشر الذين أبعدتهم أضواؤهم المبهرة عن تأمل السماء قد فاتهم أيضاً أن للكائنات الليلية التي تشاركهم خريطة الحياة الحق في ممارسة حياتها التي تستحب الظلام، فشاعت الفوضى في سلوكيات تزاوجها وهجراتها، بعد أن صار يومها نهاراً متصلاً.
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.