Sunday 28 Jul 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
مازن بشير النفايات المنزلية: التصدير ليس خياراً: التقليل، الفرز، التدوير، المعالجة، الطمر - الجزء 2 | 04/03/2016
 النفايات المنزلية: التصدير ليس خياراً (الجزء 2)
التقليل، الفرز، التدوير، المعالجة، الطمر
بقلم د. مازن بشير
 
 
تشمل طرق المعالجة الأساسية للنفايات الصلبة التسبيخ والهضم اللاهوائي والحرق.
 
هذه الطرق الثلاث كلها مطلوبة وقابلة للتطبيق في لبنان، ولكن لا بدّ من التقيد بالمعايير الدولية عند تطبيقها. وعند الاقتضاء، يمكن توفير المبادئ التوجيهية التي تخضع لها الممارسات الفضلى المتعلقة بهذه الطرق الثلاث كلّ على حدة. ونكتفي حالياً بالإشارة إلى أنّ المحرك الأساسي للخطة يقتضي الحدّ من النفايات المنقولة إلى المطمر، وأنّه يمكن تحديد القيود على الحجم لكلّ طريقة كما يأتي:
• التسبيخ: 0-100 طن/اليوم
• الهضم اللاهوائي: 50-1000 طن/اليوم
• الحرق: 25-2000 طن/اليوم (يمكن إنشاء مصانع أكبر ذات نمطية خاصة)
 
وفي حالات الكميات الكبيرة، يمكن تطبيق الوحدات نفسها أو إعادة تقييم توزيع النفايات.
 
تشكل التكنولوجيات الثلاث المذكورة، إلى جانب الطمر في نهاية المطاف، المكونات العالمية لخطة إدارة نفايات ناجحة، في البلدان المتقدمة والنامية على حدّ سواء.
 
ومن بين عوامل أخرى، تعتمد أي خطة ناجحة لإدارة النفايات البلدية الصلبة على التقليل من كميتها في المصدر (الوعي العام والمشاركة)، وعلى خطة فرز مصممة خصيصاً، بالتكامل مع الخطة الشاملة لإدارة النفايات البلدية الصلبة، بحيث تتناسب مع طريقة المعالجة التي يتم اختيارها ضمن المنطقة المعنية.
 
ولمزيد من الإيضاح، فإننا غير ملزمين بالاختيار بين الطرق الثلاث، بل يمكننا أن نختار ما يمكن تطبيقه لكلّ منطقة أو مدينة، والتأكد من أنّ هذا الخيار يشكل جزءاً من "الخطة الوطنية المتكاملة لإدارة النفايات الصلبة".
 
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّه في حالة الحرق، وخلافاً للاعتقاد السائد، يمكن بناء معامل الحرق وتشغيلها بطرق صديقة للبيئة. وغالباً ما تأخذ هذه المعامل بعين الاعتبار المعالجة المختلطة لحمأة مياه الصرف الصحي. فالتخلص من الحمأة، وهي النتاج الأساسي المتولد من معامل معالجة مياه الصرف، هو مشكلة في معظم بلدان العالم، كما هي الحال تماماً بالنسبة للمنتجات الثانوية المتولدة من معالجة النفايات الصلبة. فنرى أنفسنا ملزمين أيضاً بالحدّ من كمية هذه المنتجات الثانوية ومن ضررها، ممّا يفسح المجال للتقليل من عدد معامل الحرق أيضاً.
 
ومع تراكم كلّ هذه المنتجات الثانوية المتولدة من النفايات الصلبة، أو في حال ندرة الأراضي، نحتاج بالتأكيد إلى تكنولوجيا تتوافق مع المعايير الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والتكنولوجية (ودائماً تبعاً للقيود السياسية اللبنانية). وإذا كان الحرق هو إحدى هذه التقنيات، فلا بدّ من بناء المعامل لاحتواء نفايات الحمأة أيضاً. فما من ثمن غال ندفعه للحفاظ على صحتنا، كما أننا نعرف أنّه كلما كانت المنشأة أكبر ازدادت جدواها من حيث كلفة معالجة كل طن من النفايات.
 
وفي نهاية المطاف، بصرف النظر عن خيار المعالجة المطبق ومكان تطبيقه، يبقى المطمر الوجهة النهائية لأي منتج نهائي. وعلى رغم أن المطامر قد تكون خارج البلاد (كما هي الحال بالنسبة لبعض النفايات الخطرة أو النووية لبعض الدول، مثل الولايات المتحدة التي تقوم بتصديرها إلى أوستراليا)، يجب أن تتقيد غالبيتها بشروط المطامر الصحية في المنطقة المعنية. بالتالي، يتم بناء المطامر الصحية وتشغيلها بشكل ملائم لتلقي النفايات المتبقية، وتكون هذه المطامر الصحية منتشرة في أنحاء الأراضي اللبنانية (لتفادي الحاجة إلى نقل مكثف للنفايات عبر البلاد).
 
ومن الأهمية بمكان أيضاً الإدارة والتشغيل السليمان لهذه المطامر، بهدف ضمان أهليتها كمطامر صحية. ويشمل ذلك الفرز الصحيح قبل الطمر، وجمع الغازات المتولدة وتحويلها إلى طاقة، والتأكد من أنّ العصارة المتولدة نتيجة للتحلل المستمر وتجفيف النفايات قد تمّت السيطرة عليها ومعالجتها قبل تسربها إلى البيئة.
 
تجاوز مطمر الناعمة الصحي قدرته الاستيعابية في السنوات الماضية، وتجاوز الفترة الزمنية التي صمم لها، مما ولد شكوكاً لدى المواطنين المقيمين في جواره. غير أنه يتم حالياً تجميع كميات من الغاز الحيوي كافية لإنتاج الطاقة وتزويدها للمنازل المجاورة للمطمر. وتؤدي مثل هذه الخطوات إلى وقف الإزعاج والروائح المتولدة من المطمر، وتدّر فائدة حقيقية على المتضررين.
 
ولا بدّ من الإشارة إلى أن الوقوف في وجه إعادة فتح المطمر سيؤدي إلى تفاقم الضرر بطرق متعددة، خصوصاً بتدهور الموقع ذاته وتكدس المزيد من النفايات على الطرق وفي الطبيعة اللبنانية. فإذا كان لا بدّ لنا من التوجه بنداءات ومطالب، وعلينا القيام بذلك، فإنّ جزءاً من الحلّ للأزمة لا يكون بإيقاف المطمر، بل بضمان حسن تشغيله، ممّا يشكل الطريقة الفضلى للقضاء على الروائح والتأثيرات المضرة لسوء التشغيل.
 
إن تصدير النفايات يعني تصدير المشكلة وليس توفير الحلّ.
 
وأكثر من ذلك، تصدير النفايات من دون فرزها يعني تكبد معاناة إضافية لعدد أكبر من الصناعات المحلية (كثيرة هي المصانع التي تقوم حالياً بمعالجة واستعمال الورق والكرتون على سبيل المثال، ممّا يخلق فرص عمل جيدة لمواطنينا. والأمر سيان بالنسبة للزجاج وبعض المعادن). وبالتالي، سيتسبب التصدير في الإضرار بصناعاتنا المحلية. ولو قام كلّ فرد بفرز نفاياته بشكل صحيح، قبل إرسالها، يمكن بذلك الحدّ من مجمل كلفة المعالجة المتكبدة (الجمع، والفرز). فتكاليف المعالجة الصحيحة للنفايات المفروزة جيداً تعوضها الفوائد التي تولدها المعالجة (إمكانية توليد الطاقة وانخفاض كبير في كمية النفايات).
 
فلماذا إذاً إنفاق المبالغ الطائلة على تصدير النفايات؟
 
التخفيف/إعادة الاستعمال/التدوير/الاسترداد
 
التخفيف يعني تقليل توليد النفايات.
إعادة الاستعمال تعني استعمالاً إضافياً للمنتجات بشكلها الحالي لأغراضها الأساسية أو لأغراض مشابهة.
التدوير يعني معالجة المواد وتصنيعها لإنتاج منتجات جديدة.
الاسترداد يعني استخراج المواد أو الطاقة من النفايات لاستخدامها أو لإعادة تصنيعها.
 
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الفرز لا يعني التدوير، بل هو يساعد على تعزيز التدوير. ومن الضروري تحديد ما إذا كانت المواد، سواء مفروزة أو غير مفروزة، خاضعة لأي من الخطوات الأربع أعلاه، أو تمّ نقلها ببساطة إلى المطمر أو للمعالجة.
 
بالنظر إلى ما سبق، فإن خطة للتنفيذ على نطاق واسع في لبنان تشتمل على ما يأتي:
1. القرى والمجتمعات الصغيرة: أمامها خيار الجمع، أو الجمع مع الفرز، أو الجمع مع الفرز والمعالجة بالتسبيخ.
2. البلدات أو المدن الكبيرة: بإمكانها أن تطبق خطة الجمع، مع الفرز والهضم اللاهوائي، ومع القدرة ربما على تلبية احتياجات القرى الصغيرة المجاورة (على بعد 30 كيلومتراً كحدّ أقصى) التي لا تملك مرافق للتسبيخ.
3. مدينة بيروت: بحاجة لإقامة مصنع حرق خاص بها، يتم تصميمه ليس فقط لنفاياتها البلدية، بل أيضاً للحمأة الأكثر خطراً الناجمة عن معالجة مياه الصرف الصحي، التي تنساب حالياً لتصب في بحرنا وعلى شواطئنا.
 
لا يجوز للحكومة، بكلّ بساطة، أن تحوّل مسؤولية التخطيط إلى البلديات. ففي حين يمكن أن تعهد للبلديات بمهمة التنفيذ (خصوصاً بعد الإفراج عن أموال البلديات)، فان التخطيط ومراقبة المطامر وتشغيلها والخطة الشاملة لإدارة النفايات البلدية الصلبة تأتي على المستوى الحكومي. والتخطيط، واختيار التكنولوجيا المناسبة، والبدء بالتنفيذ، والبناء، وأخيراً التشغيل والصيانة، يجب أن تخضع جميعها للمراقبة والضبط بدقة وبالتفصيل. هذا إذا أردنا تفادي مصير مصانع أخرى مثل مصنع الهضم اللاهوائي في صيدا، حيث تم البناء وفق التقنيات الحديثة، ولكنه لا يزال غير مستخدم نتيجة قصور في المعرفة والدراية الفنية، لتعود النفايات وتصب في بحرنا على كل حال.
 
إن تكدس النفايات العشوائي وغير المراقب اليوم سيصبح عبئاً بيئياً واقتصادياً غداً، أي على أولادنا.
 
قبل البدء بعملية إدارة النفايات، من المهم تصنيفها بشكل صحيح وإدارة التوقعات بأهمية القيمة الحقيقية للنفايات.
 
قد تشكل النفايات مورداً، ولكنّها أيضاً خطيرة على البيئة وعلى صحتنا ورفاهيتنا.
 
لذلك، علينا أن نعي أنّ النفايات، في حال عدم استعمالها بطريقة صحيحة (مع أو بلا معالجة خاصة)، لا بدّ من التخلص منها بطريقة لا تلحق أي ضرر بالبيئة.
 
تشتمل حقوقنا الإنسانية الأساسية الخاصة بالنفايات على الآتي:
1. لا نريد تكديس النفايات على طرقاتنا.
2. لا نريد أن نراها أو نشمها.
3. لا نريد أن تنتج عن مناولتها أو معالجتها أبخرة سامة أو أذى على صحتنا وبيئتنا.
 
قليلة هي الكميات التي يمكن تصديرها في حال لم يمتلك لبنان الوسائل الملائمة لمعالجتها. أما نفاياتنا المنزلية، التي تشكل أكثر من 99.9 في المئة من النفايات البلدية المتولدة، فلا بدّ من أن نعالجها بأنفسنا. والواقع أن تصدير النفايات يعني بقاء النفايات الحالية المتكدسة، وتضاؤل صناعاتنا وربما موتها، وإنفاق المال العام على ما أصبح اليوم عموداً أساسياً لأي بنية تحتية ملائمة. هذا بالإضافة إلى تعرضنا للسخرية، بعدما اشتهر لبناننا كنموذج في تقديم الخدمات وكرائد في المجال الفكري بين دول المنطقة، فضلاً عن الانتهاكات المخزية المحتملة للاتفاقيات الدولية والقوانين المتعلقة بتصدير النفايات البلدية.
 
دعونا نستثمر ما لدينا من موارد شحيحة في بناء استراتيجية سليمة ومصانع ملائمة. بعبارة أخرى، دعونا نسدد مستحقاتنا إلى بيئتنا وصحتنا وصحة الأجيال القادمة، بدلاً من أن ننفق الأموال على الهروب من المشكلة أو تجاهلها. هذه ليست بمسألة ينطبق عليها القول اللبناني الشائع "بعيد عن العين، بعيد عن القلب"، إذ إنّ التغاضي عن الحلّ الحقيقي لمعالجة النفايات سينعكس على أراضينا وهوائنا وبحرنا، والكلفة الحقيقية للتنظيف ستتجاوز بأشواط أي مصلحة سياسية أو حصة من الموازنة الحكومية ينطوي عليها تصدير النفايات.
 
إقرأ المقال "النفايات المنزلية: التصدير ليس خياراً" - الجزء 1: http://afed.me/21JxAg3
 
الدكتور مازن بشير أستاذ محاضر في كلية الهندسة في الجامعة الأميركية في بيروت واستشاري في معالجة مياه الصرف والطاقة البديلة.
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.