صادقت الحكومة المغربية مؤخراً على مشروع قانون يقضي بمنع صنع الأكياس البلاستيكية واستيرادها وتصديرها وتسويقها واستعمالها. وفي حال صادق البرلمان على هذا المشروع، فإن ذلك سيغيّر من عادات تسوق المغاربة، وسيؤثر على الفعاليات الصناعية والتجارية التي يعتمد نشاطها على هذه الأكياس.
وكانت وزارة البيئة الإماراتية أقرت منع تسويق وتداول الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل في دولة الإمارات اعتباراً من مطلع عام 2012. وكذلك فعلت الحكومة الأردنية حيث منعت التعامل مع الأكياس غير القابلة للتحلل اعتباراً من مطلع تموز (يونيو) 2015. وأيضا فعلت بلدية مورني عاصمة جزر القمر التي قررت منع استخدام الأكياس البلاستيكية اعتباراً من مطلع 2016.
هي حملة عربية تسير على خطى العديد من دول ومدن العالم في حظر الأكياس البلاستيكية المصنعة من لدائن مثل البولي بروبلين، التي تستغرق وقتاً طويلاً لتتفكك الروابط بين حبيباتها ولا تتحلل إلا بعد مرور عشرات السنين. حملة كما هي الكثير من الحملات التي سبقتها ترفع شعار "البلاستيك عدو البيئة". ولكن هل البلاستيك هو عدو البيئة حقاً؟
المشكلة الأساسية في الأكياس البلاستيكية هي أنها تستغرق زمناً طويلاً كي تتحلل بيولوجياً، ولذلك فإن انتشار المخلفات البلاستيكية وتطايرها في كل اتجاه ومكان هو من أهم مظاهر التلوث البصري والفيزيائي حول العالم. المخلفات البلاستيكية تصل إلى الموائل الطبيعية في المناطق النائية، وتنتشر في المسطحات المائية حيث تتسبب في تراجع أعداد بعض الأنواع الحية المهددة بالانقراض كالسلاحف البحرية وغيرها.
ولكن في المقابل، لا بد من الاعتراف بأن بطء التحلل البيولوجي للبلاستيك هو أمر إيجابي من عدة وجوه. ديمومة البلاستيك ومرونته وعدم تفاعله مع المواد الغذائية والطبية (نتحدث هنا عن بلاستيك مصنع من خامات جيدة) هي من العوامل التي ساهمت في تحسين الظروف الصحية حول العالم خلال المئة عام الماضية. يكفي أن يوصف عصرنا بأنه عصر البلاستيك لندرك حجم التوفير الذي حققه البشر في استهلاك الموارد الطبيعية كالأشجار والخامات المعدنية.
الاستغناء عن الأكياس البلاستيكية كلياً ليس بالأمر السهل، لذلك فإن معظم من قرر حظر الأكياس البلاستيكية روّج في المقابل لما يسمّى "الأكياس البلاستيكية الصديقة للبيئة"، وهي المصنعة من لدائن أضيفت إليها مادة كيميائية تعمل مع الزمن على تحطيم روابط هذه اللدائن مما يؤدي إلى انفصال حبيباتها خلال فترة من سنة إلى خمس سنوات. علمياً، هذا الفعل الذي تقوم به المادة المضافة هو تفكيك لروابط البلاستيك وليس تحليلاً بيولوجياً لحبيبات البلاستيك، وبالتالي فإن هذا البديل ليس مثالياً إلى الحد الذي يجعلنا نصغي بلا تحفظ لمن يصرخ "وجدتها!".
مشكلتنا الحقيقية مع الأكياس البلاستيكية لا تكمن في تركيبها الكيميائي، بل في كيفية تعاملنا معها. تذهب إلى السوق لتشتري عدداً من حوائجك، فتجد البائع يصر على وضع كل سلعة في كيس. وقد يكون من "الكرم" بحيث يجمع هذه الأكياس ليضعها في كيس آخر، وعندما تبدي اكتفاءك بكيس واحد تجده يصر على منحك المزيد من الأكياس.
الأكياس البلاستيكية ومواد التغليف بشكل عام هي جزء من "بريستيج" مجتمعنا. وحل مشكلتها لا يكون فقط باستبدالها بأكياس ذات نوعية أفضل، بل بحزمة متكاملة من الإجراءات تبدأ بفرض رسم مالي بيئي عليها ولا تنتهي بتوعية المجتمع بأهمية الترشيد في استخدامها واستهلاكها. ولربما يأتي يوم يصبح فيه شراء الأكياس البلاستيكية أمراً محرجاً وتكون حقائب التسوّق الشخصية هي الأكثر رواجاً وقبولاً.
|