"إستعيدوا شوارعكم" حركة شعبية يتزايد انتشارها في أنحاء كثيرة من العالم. بدأت في العاصمة الكولومبية بوغوتا عام 2013، حيث تغلق 120 كيلومتراً من شوارعها في أيام الآحاد والعطلات الرسمية، فلا تتاح إلا للمشاة وراكبي الدراجات. وفي وسط مدينة جورجاون بشمال الهند يُحظر مرور السيارات على مسافة أربعة كيلومترات من طرق المدينة، لمدة خمس ساعات متصلة، وتخصص لراكبي الدراجات وممارسي رياضة الكاراتيه واليوغا، ولا يغني الأمر عن وجود شرطي ينفذ التعليمات بحزم. وفي باريس تزبد هذه المسافة إلى 30 كيلومتراً. وتفكر إدارتا دبلن الإيرلندية وميلانو الإيطالية في حظر السيارات في وسط المدينتين.
ويرى بعضُ المراقبين أن هذه الحركة تمثل ردَّ فعل على تزايد كثافة حركة المركبات في طرق المدن، واستعادةً لحق السكان في ممارسة المشي وركوب الدراجات واللعب في الشوارع، بمأمن من حركة السيارات. فأصبح الآن في 700 مدينة، في 50 دولة، متنزهات للمشاة ومسارات محددة الجانبين للدراجات. كما تزايد حرص الإدارات الحكومية على تخفيض حدود سرعات المركبات.
وثمة افتقاد للوئام بين راكبي الدراجات وسائقي السيارات. ويتوقع أعضاء المنتدى الدولي للنقل أنه بحلول سنة 2050 سيكون على الطرق في جميع أنحاء العالم أن تتحمل أعباء 2.5 بليون سيارة وشاحنة خفيفة، أي نحو ثلاثة أضعاف عددها الآن، وأن معظم الزيادة سيكون في البلدان النامية. وتتحسب مدن كثيرة لهذه الزيادة، فتلجأ إلى مدِّ شبكات السكك الحديد وخطوط مترو الأنفاق.
يقول خبراء في جماعة ضغط أهلية كندية تدعى "مدن 80 8" إن أفضل الإجراءات التي تيسر لسكان المدن المشي الآمن في الشوارع يتمثل في العمل على إبطاء حركة المرور. فقد اتضح أن 80 في المئة من المشاة الذين تصدمهم سيارات يموتون إذا كانت السيارة منطلقة بسرعة 65 كيلومتراً في الساعة. وإذا انخفضت السرعة إلى النصف، قلت نسبة الوفيات إلى 5 في المئة. وفي العام 2014، خفضت مدينة نيويورك حد السرعة إلى 40 كيلومتراً في الساعة. وحذت لندن حذوها، فلا تتعدى السرعة على امتداد 280 كيلومتراً من طرقها 37 كيلومتراً في الساعة.
وتتلازم الدعوة إلى استعادة الشوارع في كل من أمستردام وكوبنهاغن مع شعار "عجلتان أفضل من أربع"، حيث يُنجز السكان ثلث جولات حياتهم اليومية بالدراجة.
وتحظى الدراجات بشعبية خاصة عند النساء. وكانت حملة لتشجيع استخدامها تحت شعار YouBike بدأت في العاصمة التايوانية تايبه عام 2009 اجتذبت النساء اللاتي يمثلن الآن نصف راكبي الدراجات هناك، وإن كان العاملون في مجال حركة النقل العام يلاحظون أن مستخدمات الدراجات هنَّ أكثر عصبية من الرجال حين تتعقد الحركة في الطرق التي لا توجد فيها مسالك خاصة للدراجات.
كانت لي زميلة تُصـرُّ على أن تأتي إلى مقر العمل في الإسكندرية على دراجة. وكانت تبدأ يومها لاعنة سائقي مركبات النقل العام وسيارات الأجرة على نحو خاص، الذين كانوا يتعمدون مضايقتها، فهي تشاركهم في الطريق ذاتها، إذ لا يتوافر لراكبي الدراجات مسار خاص.
|