Monday 29 Jul 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
أحمد عبد المطلب باهارون عين على الأرض تبرز دور البيانات في تحقيق التنمية المستدامة | 30/09/2015
في العام 1987، أطلقت لجنة برونتلاند مفهوم "التنمية المستدامة". وبالرغم من صحة هذا النموذج فكرياً، حيث يوضح أن الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإدارة الموارد الطبيعية والنظم البيئية، إلا أن تطبيقه منذ ذلك الحين شهد ولا يزال يشهد جدلاً شديداً، بل إن مستوى التقدّم أقل بكثير من الطموحات والتوقعات الدولية. ولكن هذا الوضع على موعد مع التغيير. فبعد نحو 30 عاماً من طرح هذا المفهوم للمرة الأولى، فإن التفكير في الاستدامة والعمل على تحقيقها يوشكان أن يكتسبا زخماً قوياً للغاية.
 
وبالفعل، تحمل سنة 2015 بين طياتها الكثير بالنسبة إلى التنمية المستدامة. ففي شهر أيلول (سبتمبر) عقدت الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك لإقرار مجموعة من 17 هدفاً للتنمية المستدامة - تمثّل إطار العمل المشترك للإجراءات والجهود التعاونية على مستوى العالم بشأن التنمية المستدامة للأعوام الخمس عشر المقبلة. ويلي هذا الاجتماع بعد فترة قصيرة تنظيم المؤتمر الـ 21 للأطراف المعنية بالتغير المناخي (COP21) في باريس، حيث تجتمع الحكومات من أجل التوقيع على معاهدة عالمية هي الأولى من نوعها منذ بروتوكول كيوتو في العام 1997.
 
فهل أصبح العالم أخيراً على أعتاب تبنّي التنمية المستدامة؟ إن الالتزام بأهداف التنمية المستدامة والتصديق على معاهدة المناخ العالمي يفترض ذلك. ولكن المطلوب فعلاً لكي تجري الرياح بما تشتهي السفن هو توافر البيانات والمعلومات الموثوقة. نحن بحاجة إلى أدلة وبراهين ثابتة وغير قابلة للجدل، تسمح لنا جميعاً باتخاذ القرارات بصورة واعية حول مدى تأثيرنا على مستقبل كوكبنا.
 
في سياق تأييدها لشراكة الأمم المتحدة العالمية للبيانات المستدامة، تكرّس "عين على الأرض" جهودها لمعالجة أزمة البيانات التي تعيق حالياً عملية اتخاذ القرارات المرتبطة بالتنمية المستدامة. وقد انبثقت حركة "عين على الأرض" من المبدأ 10 لإعلان ريو 1992 بشأن البيئة والتنمية. وباعتباره المعيار العالمي للترويج للديموقراطية البيئية، يدعو هذا المبدأ إلى الدمج الاجتماعي على مستويات صناعة القرار كافة، وذلك من خلال الوصول إلى المعلومات، والمشاركة العامة، والعدالة. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2011، بادرت هيئة البيئة- أبوظبي (EAD)، عبر مبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية (AGEDI) وبالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، بجمع ما يزيد عن 1700 من قادة العالم والمبدعين وصانعي القرار لتدشين وحضور قمة "عين على الأرض" الافتتاحية في أبوظبي.
 
مهّدت القمة الطريق لإرساء إعلان قمة "عين على الأرض" بطموحاته وتطلعاته ومبادئه التوجيهية الـ 14 التي تشكّل أساساً لجميع مهام "عين على الأرض". ومنذ ذلك الحين، بادرت 48 دولة بإقرار هذا الإعلان (16 دولة بالإضافة إلى 32 وكالة بيئية من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي). كما أدت القمة إلى إنشاء تحالف "عين على الأرض" الذي يضم حالياً - إضافة إلى هيئة البيئة- أبوظبي ومبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة - كلاً من الفريق المعني برصد الأرض (GEO) والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) ومعهد الموارد العالمية (WRI). ويلعب شركاء التحالف دوراً جوهرياً في بناء القدرات تحت مظلة "عين على الأرض" وتعزيز انتشار عملها على نطاق واسع.
 
وفي العام 2011 أيضاً، تم تحديد ثماني مبادرات خاصة (SIs) تشكّل في مضمونها العمود الفقري للاستراتيجية التي تطمح لتحقيق مهمة "عين على الأرض". وتشرف هذه المبادرت الخاصة على العديد من المشاريع ذات الصلة بالبيانات، والتي يتم تنفيذها حالياً في أنحاء العالم، وتمتد لتغطي مجالات: إتاحة وصول الجميع للبيانات (بمساواة)، الشبكات المرتبطة، التعليم البيئي، أمن المياه، التنوع البيولوجي، المحيطات والكربون الأزرق، استدامة المجتمعات ومرونتها، وإدارة الكوارث.
 
وفي العام 2013، تم اختيار 11 مشروعاً من مشاريع المبادرات الخاصة للحصول على تمويل تأسيسي من حركة "عين على الأرض". وتُعرّف هذه المشاريع على أنها مبادرات ذات أبعاد للتغيير، من شأنها أن تُحسّن من عملية تطوير المعلومات البيئية والاجتماعية بصورة جذرية، فضلاً عن تعزيز القدرات البشرية والفنية المتخصصة في سبيل تحقيق بنود الأجندة العالمية للتنمية المستدامة لما بعد 2015.
 
وتكمن الخطوة الأولى في تسخير البيانات البيئية ذات الصلة من أجل تحقيق التنمية المستدامة في تأمين الدعم المؤسسي، وهذه مهمة أحرزت فيها مشاريع المبادرات الخاصة تقدماً ملموساً. وينطبق ذلك فعلاً على مبادرة "عين على إتاحة وصول الجميع للبيانات والمعلومات" (A4A) ومشروعها "بناء جسور التواصل بين الأقاليم والمناطق"، حيث عملت على تمكين الحكومات والشركاء الرئيسيين من المجتمع المدني في منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي (LAC) من تطوير وتنفيذ مقاييس مؤسسية وتشريعية في سبيل تطبيق بنود المبدأ 10. وعبر سلسلة من المنتديات والندوات الإلكترونية على الإنترنت، استقطب مشروع "بناء جسور التواصل" مشاركة واسعة للعديد من الفاعلين والمؤثرين في عملية صناعة القرار، بل نجح في الحصول على التزامهم بإنشاء أداة عمل إقليمية استناداً إلى المبدأ 10.
 
وعلى نحو مماثل، فإن مشروع "فالكون للبنى التحتية للبيانات المكانية" (SDI) الذي يندرج تحت المبادرة الخاصة "عين على إدارة الكوارث"، يعمل عن كثب مع مجموعة متنوعة ورفيعة المستوى من الشركاء الرئيسيين في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لفهم أي من أصول البيانات الحالية والجديدة يمكنها أن تساعد المجتمعات المحلية على الاستعداد والتعافي من الأوضاع الكارثية، بل منع حدوثها إن أمكن. هذه الجهود لبناء القدرات، وخاصة في منطقة تتسم بوضع سياسي جغرافي حسّاس، لا يمكن التقليل من شأنها. ولقد أظهر مشروع "فالكون" مدى الحاجة إلى مبادرة الحكومات المحلية والوطنية بالتعاون مع نظيراتها الإقليمية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، لجعل البيانات متاحة من أجل الاستعداد وإدارة الكوارث. ومن المشجّع أيضاً أن نرى رغبة هذه الجهات المعنية في دعم بعض أنواع إجراءات الحوكمة لمشاريع "البنى التحتية للبيانات المكانية"، من خلال إنشاء إطار عمل لاستكشاف البيانات المكانية وتقييمها وتطبيقها. وقد يسمح ذلك بتطبيق البيانات على نطاق أوسع لمعالجة الكوارث الصحية وقضايا اللاجئين وأزمات الصراعات.
 
وتبيّن "عين على الأرض" أيضاً المنافع الهائلة للمبادرات الشعبية مثل علم المواطن والتعهيد الجماعي للبيانات في ما يتعلق بالتنمية المستدامة. ويوضح مشروع "خريطة العالم للمواطن البيئي"، الذي يندرج تحت مظلة المبادرة الخاصة "عين على استدامة ومرونة المجتمعات"، كيف يمكن لتعميم وإتاحة الوصول إلى استراتيجيات التخطيط وبيانات التنمية أن تجعل من عملية التصميم الحضري وإرساء السياسات أكثر شمولية وفاعلية. وفي أعقاب تدريب مكثّف، يمكن للمشاركين في البرنامج، وعبر تطبيقات بسيطة على هواتفهم الذكية أو شبكة الإنترنت، مشاركة المعلومات حول وضع العديد من الموارد، مثل المياه والغذاء والمواد والطاقة أو وسائل النقل. ويتم دمج ذلك في ما بعد بالمعلومات الجغرافية المكانية لإنشاء خريطة مرئية، بحيث يمكن استخدامها لرصد التقدم في إطار الأهداف والمؤشرات المتعلقة بصحة المجتمعات والاستدامة. ونجحت مشاريع تجريبية في أميركا الجنوبية وشمال أفريقيا في تفعيل مشاركة المجتمعات المحلية ضمن العديد من المبادرات، مثل رصد استخدامات الموارد، ومدى تعرّض البيئة للسموم، والأحمال الموضوعة على البنى التحتية. وبالإمكان تسخير النتائج لتحسين جودة الحياة للأفراد في الأحياء المجاورة، فضلاً عن التأثير في إرساء الاستراتيجيات على المستويين البلدي والحكومي.
 
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، يركز مشروع أبوظبي لدراسة الكربون الأزرق على الدور الهام الذي تلعبه الأنظمة البيئية الساحلية في التخفيف من وطأة التغير المناخي، حيث نجح المشروع في تحسين القدرات المحلية لقياس ورصد الكربون في أشجار المانغروف (القرم)، ومناطق الحشائش البحرية والمستنقعات المالحة. والأهم من ذلك دمج هذه البيانات ضمن عملية إرساء السياسات المحلية والوطنية من أجل الحفاظ على هذه البيئات بصورة مستدامة.
 
وضمن مجتمع "عين على الأرض"، هناك ما يزيد عن 40 مشروعاً قيد التطوير، والمزيد من المشاريع التي ستتم إضافتها، حيث يمضي الخبراء العلميون والمتخصصون والمجتمع الأكاديمي والحكومات ومؤسسات القطاع الخاص في مواءمة برامجهم بما يتماشى مع مهام حركة "عين على الأرض". والشاهد على ذلك هو الإقبال الهائل الذي نالته "عين على الأرض" على أثر دعوتها لطرح المزيد من مقترحات المشاريع في وقت مبكر هذه السنة. وتم تقديم أكثر من 80 فكرة جديدة وتبحث الآن عن فرص للتمويل لتدخل حيز التطبيق. وسيساهم تمويل هذه المبادرات في دعم الحلول الإبداعية والتكنولوجية اللازمة، إذ إن تطبيقها بسرعة وعلى نطاق واسع يمكنه تسريع الانتقال إلى التنمية المستدامة على الصعيد العالمي.
 
لقد أظهرت حركة "عين على الأرض" أن البيانات، في حال استخدامها بصورة مناسبة، تلعب دوراً محورياً في التنمية المستدامة. وفي شهر تشرين الأول (أكتوبر)، سيلتقي مجتمع "عين على الأرض" في أبوظبي لحضور قمة "عين على الأرض" الثانية. ومن خلال التركيز على تحديد ماهية التحديات والحلول الممكنة التي تتعلق بمستويات الطلب والعرض، والظروف المؤاتية للبيانات من أجل تحقيق التنمية المستدامة، ستقدم القمة الأدوات والفرص اللازمة للشركاء الرئيسيين والجهات المعنية لتعزيز الشراكات والعمل معاً في سبيل سد فجوة البيانات. وقد يساهم هذا الإنجاز في ضمان اتخاذ القرارات بصورة واعية ومسؤولة، وتوجيه الدول كافة نحو مستقبل واعد ومستدام. وقد يساعد الدول أيضاً في إطار جهودها المبذولة على إدراك أهداف التنمية المستدامة، وإحداث فرق كبير وواضح في قدرة كل دولة على الالتزام ببنود معاهدة عالمية للمناخ.
 
أحمد عبد المطلب باهارون هو المدير التنفيذي لقطاع المعلومات والعلوم والتوعية البيئية في هيئة البيئة- أبوظبي، ومدير مبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية (AGEDI) بالإنابة
 
في العام 1987، أطلقت لجنة برونتلاند مفهوم "التنمية المستدامة". وبالرغم من صحة هذا النموذج فكرياً، حيث يوضح أن الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإدارة الموارد الطبيعية والنظم البيئية، إلا أن تطبيقه منذ ذلك الحين شهد ولا يزال يشهد جدلاً شديداً، بل إن مستوى التقدّم أقل بكثير من الطموحات والتوقعات الدولية. ولكن هذا الوضع على موعد مع التغيير. فبعد نحو 30 عاماً من طرح هذا المفهوم للمرة الأولى، فإن التفكير في الاستدامة والعمل على تحقيقها يوشكان أن يكتسبا زخماً قوياً للغاية.
 
وبالفعل، تحمل سنة 2015 بين طياتها الكثير بالنسبة إلى التنمية المستدامة. ففي شهر أيلول (سبتمبر) عقدت الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك لإقرار مجموعة من 17 هدفاً للتنمية المستدامة - تمثّل إطار العمل المشترك للإجراءات والجهود التعاونية على مستوى العالم بشأن التنمية المستدامة للأعوام الخمس عشر المقبلة. ويلي هذا الاجتماع بعد فترة قصيرة تنظيم المؤتمر الـ 21 للأطراف المعنية بالتغير المناخي (COP21) في باريس، حيث تجتمع الحكومات من أجل التوقيع على معاهدة عالمية هي الأولى من نوعها منذ بروتوكول كيوتو في العام 1997.
 
فهل أصبح العالم أخيراً على أعتاب تبنّي التنمية المستدامة؟ إن الالتزام بأهداف التنمية المستدامة والتصديق على معاهدة المناخ العالمي يفترض ذلك. ولكن المطلوب فعلاً لكي تجري الرياح بما تشتهي السفن هو توافر البيانات والمعلومات الموثوقة. نحن بحاجة إلى أدلة وبراهين ثابتة وغير قابلة للجدل، تسمح لنا جميعاً باتخاذ القرارات بصورة واعية حول مدى تأثيرنا على مستقبل كوكبنا.
 
في سياق تأييدها لشراكة الأمم المتحدة العالمية للبيانات المستدامة، تكرّس "عين على الأرض" جهودها لمعالجة أزمة البيانات التي تعيق حالياً عملية اتخاذ القرارات المرتبطة بالتنمية المستدامة. وقد انبثقت حركة "عين على الأرض" من المبدأ 10 لإعلان ريو 1992 بشأن البيئة والتنمية. وباعتباره المعيار العالمي للترويج للديموقراطية البيئية، يدعو هذا المبدأ إلى الدمج الاجتماعي على مستويات صناعة القرار كافة، وذلك من خلال الوصول إلى المعلومات، والمشاركة العامة، والعدالة. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2011، بادرت هيئة البيئة- أبوظبي (EAD)، عبر مبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية (AGEDI) وبالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، بجمع ما يزيد عن 1700 من قادة العالم والمبدعين وصانعي القرار لتدشين وحضور قمة "عين على الأرض" الافتتاحية في أبوظبي.
 
مهّدت القمة الطريق لإرساء إعلان قمة "عين على الأرض" بطموحاته وتطلعاته ومبادئه التوجيهية الـ 14 التي تشكّل أساساً لجميع مهام "عين على الأرض". ومنذ ذلك الحين، بادرت 48 دولة بإقرار هذا الإعلان (16 دولة بالإضافة إلى 32 وكالة بيئية من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي). كما أدت القمة إلى إنشاء تحالف "عين على الأرض" الذي يضم حالياً - إضافة إلى هيئة البيئة- أبوظبي ومبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة - كلاً من الفريق المعني برصد الأرض (GEO) والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) ومعهد الموارد العالمية (WRI). ويلعب شركاء التحالف دوراً جوهرياً في بناء القدرات تحت مظلة "عين على الأرض" وتعزيز انتشار عملها على نطاق واسع.
 
وفي العام 2011 أيضاً، تم تحديد ثماني مبادرات خاصة (SIs) تشكّل في مضمونها العمود الفقري للاستراتيجية التي تطمح لتحقيق مهمة "عين على الأرض". وتشرف هذه المبادرت الخاصة على العديد من المشاريع ذات الصلة بالبيانات، والتي يتم تنفيذها حالياً في أنحاء العالم، وتمتد لتغطي مجالات: إتاحة وصول الجميع للبيانات (بمساواة)، الشبكات المرتبطة، التعليم البيئي، أمن المياه، التنوع البيولوجي، المحيطات والكربون الأزرق، استدامة المجتمعات ومرونتها، وإدارة الكوارث.
 
وفي العام 2013، تم اختيار 11 مشروعاً من مشاريع المبادرات الخاصة للحصول على تمويل تأسيسي من حركة "عين على الأرض". وتُعرّف هذه المشاريع على أنها مبادرات ذات أبعاد للتغيير، من شأنها أن تُحسّن من عملية تطوير المعلومات البيئية والاجتماعية بصورة جذرية، فضلاً عن تعزيز القدرات البشرية والفنية المتخصصة في سبيل تحقيق بنود الأجندة العالمية للتنمية المستدامة لما بعد 2015.
 
وتكمن الخطوة الأولى في تسخير البيانات البيئية ذات الصلة من أجل تحقيق التنمية المستدامة في تأمين الدعم المؤسسي، وهذه مهمة أحرزت فيها مشاريع المبادرات الخاصة تقدماً ملموساً. وينطبق ذلك فعلاً على مبادرة "عين على إتاحة وصول الجميع للبيانات والمعلومات" (A4A) ومشروعها "بناء جسور التواصل بين الأقاليم والمناطق"، حيث عملت على تمكين الحكومات والشركاء الرئيسيين من المجتمع المدني في منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي (LAC) من تطوير وتنفيذ مقاييس مؤسسية وتشريعية في سبيل تطبيق بنود المبدأ 10. وعبر سلسلة من المنتديات والندوات الإلكترونية على الإنترنت، استقطب مشروع "بناء جسور التواصل" مشاركة واسعة للعديد من الفاعلين والمؤثرين في عملية صناعة القرار، بل نجح في الحصول على التزامهم بإنشاء أداة عمل إقليمية استناداً إلى المبدأ 10.
 
وعلى نحو مماثل، فإن مشروع "فالكون للبنى التحتية للبيانات المكانية" (SDI) الذي يندرج تحت المبادرة الخاصة "عين على إدارة الكوارث"، يعمل عن كثب مع مجموعة متنوعة ورفيعة المستوى من الشركاء الرئيسيين في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لفهم أي من أصول البيانات الحالية والجديدة يمكنها أن تساعد المجتمعات المحلية على الاستعداد والتعافي من الأوضاع الكارثية، بل منع حدوثها إن أمكن. هذه الجهود لبناء القدرات، وخاصة في منطقة تتسم بوضع سياسي جغرافي حسّاس، لا يمكن التقليل من شأنها. ولقد أظهر مشروع "فالكون" مدى الحاجة إلى مبادرة الحكومات المحلية والوطنية بالتعاون مع نظيراتها الإقليمية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، لجعل البيانات متاحة من أجل الاستعداد وإدارة الكوارث. ومن المشجّع أيضاً أن نرى رغبة هذه الجهات المعنية في دعم بعض أنواع إجراءات الحوكمة لمشاريع "البنى التحتية للبيانات المكانية"، من خلال إنشاء إطار عمل لاستكشاف البيانات المكانية وتقييمها وتطبيقها. وقد يسمح ذلك بتطبيق البيانات على نطاق أوسع لمعالجة الكوارث الصحية وقضايا اللاجئين وأزمات الصراعات.
 
وتبيّن "عين على الأرض" أيضاً المنافع الهائلة للمبادرات الشعبية مثل علم المواطن والتعهيد الجماعي للبيانات في ما يتعلق بالتنمية المستدامة. ويوضح مشروع "خريطة العالم للمواطن البيئي"، الذي يندرج تحت مظلة المبادرة الخاصة "عين على استدامة ومرونة المجتمعات"، كيف يمكن لتعميم وإتاحة الوصول إلى استراتيجيات التخطيط وبيانات التنمية أن تجعل من عملية التصميم الحضري وإرساء السياسات أكثر شمولية وفاعلية. وفي أعقاب تدريب مكثّف، يمكن للمشاركين في البرنامج، وعبر تطبيقات بسيطة على هواتفهم الذكية أو شبكة الإنترنت، مشاركة المعلومات حول وضع العديد من الموارد، مثل المياه والغذاء والمواد والطاقة أو وسائل النقل. ويتم دمج ذلك في ما بعد بالمعلومات الجغرافية المكانية لإنشاء خريطة مرئية، بحيث يمكن استخدامها لرصد التقدم في إطار الأهداف والمؤشرات المتعلقة بصحة المجتمعات والاستدامة. ونجحت مشاريع تجريبية في أميركا الجنوبية وشمال أفريقيا في تفعيل مشاركة المجتمعات المحلية ضمن العديد من المبادرات، مثل رصد استخدامات الموارد، ومدى تعرّض البيئة للسموم، والأحمال الموضوعة على البنى التحتية. وبالإمكان تسخير النتائج لتحسين جودة الحياة للأفراد في الأحياء المجاورة، فضلاً عن التأثير في إرساء الاستراتيجيات على المستويين البلدي والحكومي.
 
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، يركز مشروع أبوظبي لدراسة الكربون الأزرق على الدور الهام الذي تلعبه الأنظمة البيئية الساحلية في التخفيف من وطأة التغير المناخي، حيث نجح المشروع في تحسين القدرات المحلية لقياس ورصد الكربون في أشجار المانغروف (القرم)، ومناطق الحشائش البحرية والمستنقعات المالحة. والأهم من ذلك دمج هذه البيانات ضمن عملية إرساء السياسات المحلية والوطنية من أجل الحفاظ على هذه البيئات بصورة مستدامة.
 
وضمن مجتمع "عين على الأرض"، هناك ما يزيد عن 40 مشروعاً قيد التطوير، والمزيد من المشاريع التي ستتم إضافتها، حيث يمضي الخبراء العلميون والمتخصصون والمجتمع الأكاديمي والحكومات ومؤسسات القطاع الخاص في مواءمة برامجهم بما يتماشى مع مهام حركة "عين على الأرض". والشاهد على ذلك هو الإقبال الهائل الذي نالته "عين على الأرض" على أثر دعوتها لطرح المزيد من مقترحات المشاريع في وقت مبكر هذه السنة. وتم تقديم أكثر من 80 فكرة جديدة وتبحث الآن عن فرص للتمويل لتدخل حيز التطبيق. وسيساهم تمويل هذه المبادرات في دعم الحلول الإبداعية والتكنولوجية اللازمة، إذ إن تطبيقها بسرعة وعلى نطاق واسع يمكنه تسريع الانتقال إلى التنمية المستدامة على الصعيد العالمي.
 
لقد أظهرت حركة "عين على الأرض" أن البيانات، في حال استخدامها بصورة مناسبة، تلعب دوراً محورياً في التنمية المستدامة. وفي شهر تشرين الأول (أكتوبر)، سيلتقي مجتمع "عين على الأرض" في أبوظبي لحضور قمة "عين على الأرض" الثانية. ومن خلال التركيز على تحديد ماهية التحديات والحلول الممكنة التي تتعلق بمستويات الطلب والعرض، والظروف المؤاتية للبيانات من أجل تحقيق التنمية المستدامة، ستقدم القمة الأدوات والفرص اللازمة للشركاء الرئيسيين والجهات المعنية لتعزيز الشراكات والعمل معاً في سبيل سد فجوة البيانات. وقد يساهم هذا الإنجاز في ضمان اتخاذ القرارات بصورة واعية ومسؤولة، وتوجيه الدول كافة نحو مستقبل واعد ومستدام. وقد يساعد الدول أيضاً في إطار جهودها المبذولة على إدراك أهداف التنمية المستدامة، وإحداث فرق كبير وواضح في قدرة كل دولة على الالتزام ببنود معاهدة عالمية للمناخ.
 
 
 
أحمد عبد المطلب باهارون هو المدير التنفيذي لقطاع المعلومات والعلوم والتوعية البيئية في هيئة البيئة- أبوظبي، ومدير مبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية (AGEDI) بالإنابة
 
 
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.