تعتبر حديقة إيفرغلايدز كبرى الحدائق الوطنية في الولايات المتحدة بعد حديقة يلوستون، وهي تتصف بنظام بيئي هش يمثّل طبيعة المستنقعات والأراضي الرطبة في المناطق شبه الاستوائية، وتستوطنها أنواع كثيرة من الكائنات الحية كالتماسيح والغزلان والسلاحف والطيور المهاجرة والمقيمة.
قرر ماجد، الموفد لدراسة الطب في جامعة ميامي، زيارة الحديقة مع زملائه للمشاركة في مسابقة صيد الأسماك، التي تقوم على اجتماع المتسابقين حول بحيرة اصطناعية صغيرة لالتقاط أكبر كمية من السمك باستخدام الصنارة خلال ساعتين.
جلس ماجد بجوار صديقه جيمس على ضفة البحيرة. وفيما كان مرتبكاً بترتيب صنارة الصيد وتثبيت قطعة التعويم وربط الثقل والخطاف، كان جيمس ينظر إليه مبتسماً. بعد عدة محاولات فاشلة وضع ماجد عدة الصيد على الأرض وهمس لصديقه: «اسمع جيم! خبرتي في صيد السمك لا تتجاوز التقاط السمك الصغير وجمع الديدان التي كان يستخدمها أعمامي كطعوم. كبرى المهام التي كُلّفت بها كانت مراقبة قصب الصيد بينما يقوم أعمامي بشيّ السمك. باختصار، معارفي في الصيد تقتصر على الإمداد والرصد والدعم النفسي، ولا علاقة لي بتجهيز المسرح العسكري والمناورة والاشتباك!»
هز جيمس رأسه ساخراً وقال: «هذا واضح، فالمسافة بين قطعة التعويم والثقل في صنارتك تزيد على ثلاثة أمتار، وعمق الماء في هذه البحيرة لا يتجاوز مترين. أتظننا نجتمع هنا من أجل الصيد في المحيط الأطلسي؟ أخبرني كيف تصطادون السمك في بلادكم؟»
ضحك ماجد وأجابه: «أترى هذه البحيرة؟ نستطيع إفراغها من السمك تماماً في غضون خمس دقائق. الأمر يتطلب إصبع ديناميت أو صاعقاً كهربائياً أو قليلاً من السيانيد، وعندها أضمن لك أن نقضي على الحياة المائية في هذه البحيرة وجوارها». فتابع جيمس: «وأنا أضمن لك أن تقضي عشر سنوات على الأقل في سجون فلوريدا وجوارها». ثم أشار إلى طائر متوسط الحجم يقترب من بحيرة البط المجاورة، وقال: «تعلّم من البلشون الأخضر كيفية صيد السمك».
نظر ماجد إلى الطائر وهو يلتقط بمنقاره الطويل قطعة من فتات الخبز التي يرميها الأطفال للبط في البحيرة، وقد ظنّ أنه سيبتلعها، ولكن الطائر رماها في الماء وأخد يحدّق بها. استغرب ماجد تصرف الطائر فسأل صديقه: «لماذا رمى قطعة الخبز ولم يأكلها؟» لم يجبه جيمس، بل أومأ له كي يتريث ويستمر في مراقبة الطائر.
أخذ البلشون يلتقط قطعة الخبز من الماء ثم يعاود رميها والتحديق بها لعدة دقائق. فجأة، اخترق الطائر الماء برأسه، ثم قفز وهو يحمل بمنقاره فرخ سمك صغيراً التهمه دفعة واحدة. وفيما كان ماجد مدهوشاً مما حصل أمامه، علّق جيمس: «لقد أدرك هذا الطائر أن السمك يحتوي على بروتين أكثر بكثير من الكربوهيدرات الموجودة في الخبز، ولذلك تراه يفضّل التضحية بفتات الخبز في مقابل اصطياد وجبة شهية من السمك».
انتهى وقت السباق، وكان جيمس من اللطف بحيث أبدل كيسه المليء بالأسماك التي اصطادها بكيس صديقه ماجد. وبعد وزن الأسماك التي اصطادها كل متسابق وإعادتها إلى البحيرة حلّ ماجد في المركز الأول، فحصل على ميدالية تذكارية نُقش عليها رسم لطائر البلشون الأخضر. وفيما كان ماجد يضع الميدالية بين أسنانه كأنه بطل عالمي، كان جيمس ينهره ممازحاً: «للأمانة، أنت تستحق ميدالية نُقش عليها إصبع ديناميت وليس طائر بلشون».
شاهدوا فيديو البلشون الصياد:
|