Saturday 18 May 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
اليس في بلاد العجائب
هذه مساحة حرّة مفتوحة لتعليقات بيئية بين الهزل والجد
 
عبد الهادي النجار أغمض عينيك وعُدَّ من جديد | 16/06/2015
وضع وجهه الصغير على ذراعه التي أسندها إلى الجدار أمامه وبدأ العد: "واحد، اثنان، ثلاثة..." وفي هذه الأثناء انطلق الأطفال في جميع الاتجاهات يبحث كل منهم عن مكان يختبئ خلفه. "خمسة، ستة، سبعة..." وما زال البعض يجري وقد أعياه البحث عن مخبأ.
 
يصرخ أحدهم محاولاً كسب المزيد من الوقت: "توقّف عن العد! رأيتك تسترق النظر باتجاهنا. أعد العد من جديد". وهكذا، يستمر الأطفال بلعبة "الاستغماية"، ما بين إغماض العينين والعد والاختباء والمطالبة بمزيد من الوقت للاختباء ثم البحث عن المختبئين والقبض عليهم. لعبة بسيطة يعرفها جميع الأطفال وستستمر معهم بشكل أو آخر عندما يكبرون.
 
في عالم الكبار تتغير القواعد بعض الشيء. لم يعد إغماض العينين مهمة طفل واحد، بل أصبح مهمة مجتمع بكامله. يجب على الجميع أن يغمض عينيه بينما يبحث قادة المجتمع عن سبل التنمية المناسبة لإشراك المجتمع فيها، أو في أسوأ الأحوال البحث عن مخبأ لا تطالهم فيه عيون المجتمع وألسنته.
 
هنا أيضاً ستجد من يصرخ متذاكياً: "رأيتكم تسترقون النظر باتجاهي. أعيدوا العد من جديد"، وعلى المجتمع المسكين أن يستمر في إغماض عيونه متحمّلاً فشل قادته وإضاعتهم للوقت. بعض القادة أكثر دهاء، فهم قادرون على خطف البصر والبصيرة بمشاريع وهمية ووعود معسولة، وعلى الوعد والأمل يفتح الناس عيونهم ويغمضونها من جديد.
 
ما يميّز المجتمعات المتقدّمة عن المجتمعات الأقل تقدّماً هو أن الأولى وضعت معاييرها الصارمة في تقييم قادتها ومحاسبتهم على إنجازاتهم الفعلية بوسائل قانونية وديمقراطية معروفة. أما المجتمعات النامية فتحكمها فعلياً مراكز القوى التي تتكافل في ما بينها لاحتكار مؤشرات التنمية وتزييفها وترويجها بالشكل الذي يعزز مكاسبها ويحصّنها تجاه أية محاسبة، إذا افترضنا من حيث المبدأ وجود هذه المحاسبة.
 
لذلك ليس من المستغرب أن تجد مجتمعاً متخلفاً في كل شيء بينما مؤشرات التنمية المعلنة رسمياً تضعه في مصاف الأمم المتقدمة. هذا المجتمع المتخلّف يشبه الرجل العاري من أي ثياب باستثناء قطعة واحدة هي ربطة العنق!
 
خلال السنوات الخمسين الماضية نهضت دول كثيرة من تحت الحطام بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. شعوب حيّة استطاعت أن تجدد طاقاتها وتضع نفسها بقوة بين أكثر الدول تقدماً في العالم. وفي ذات الفترة شهدت معظم الدول العربية تراجعاً حضارياً غير مسبوق مع أنها تملك من مقومات النجاح والتفوق ما لا تملكه تلك الدول التي حققت التنمية والرفاه.
 
لقد وصلنا إلى مرحلة تجد فيها من يتحسّر على أحوالنا قبل قرن من الزمان ويقارن بين تقدمنا في ذاك الوقت وتخلف المجتمعات التي نهضت وسبقتنا. سبقتنا لأنها مجتمعات واعية رفضت أن تسلّم أمرها لمن شاء وأبت أن تغمض عينها على المجهول.
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.