ترك تغير المناخ تأثيراً سلبياً على غلال القمح والذرة إقليمياً وعالمياً. ومنذ صدور التقرير التقييمي الرابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، شهدت فترات متعددة زيادات سريعة في أسعار الغذاء والحبوب في أعقاب ظواهر مناخية متطرفة في مناطق إنتاج رئيسية، ما يبين حساسية الأسواق الحالية للظواهر المناخية إلى جانب عوامل أخرى. ويؤدي انعدام الأمن الغذائي وانهيار النظم الغذائية بسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى خسارة سبل المعيشة ومصادر الدخل في الأرياف، نتيجة عدم توافر كميات كافية من المياه للشرب والري وانخفاض الإنتاجية الزراعية.
وفي غياب تدابير التكيف، فإن أي زيادة في معدل الحرارة المحلية تتجاوز درجة مئوية فوق عصر ما قبل الصناعة يُتوقع أن تكون لها تأثيرات سلبية على غلال المحاصيل الرئيسية، أي القمح والرز والذرة، سواء في المناطق الاستوائية أو المعتدلة. وسوف تحدث هذه التأثيرات مع ارتفاع الطلب على المحاصيل، الذي يتوقع أن يزداد بنحو 14 في المئة كل عقد حتى سنة 2050.
تركز الاستراتيجية الزراعية في مصر على زيادة استصلاح الأراضي لتوفير المزيد من الأراضي الزراعية في المناطق الصحراوية. لكن هذه الاندفاعة تصطدم بمعوقات أهمها ندرة المياه وتملح المياه الجوفية التي تحتاج الى معالجة، فضلاً عن ضرورة توفير الطاقة لضخ المياه من الآبار وتوزيعها على المزارع. وتعاني مصر أصلاً من نقص الوقود لتوليد الكهرباء، إضافة الى الكلفة العالية لتمديد شبكة الطاقة من المناطق المأهولة في وادي النيل. وكان الحل اعتماد الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء وتشغيل النظم الزراعية في المناطق الصحراوية. فالحاجة الى طاقة كهربائية للري تقتصر على ساعات النهار حيث الاشعاع قوي كفاية على مدار السنة تقريباً، ما يجعل العملية أقل كلفة.
وكجزء من المخطط، أُنشئت مزرعة للجوجوبا مساحتها 12 ألف فدان (الفدان 4200 متر مربع). وزُرع الزيتون في أماكن أخرى على مساحة 20 ألف فدان. واستعملت ألواح كهرضوئية شمسية لإنتاج الكهرباء من أجل ضخ المياه الجوفية، قام بتركيبها تقنيون محليون مدربون.
وبسبب الظروف الصحراوية القاسية في المنطقة، عانت الأجهزة الشمسية من أضرار نتيجة الرياح والعواصف الرملية. ولكن بعد عدة تجارب أدت إجراءات وقائية بسيطة منخفضة الكلفة إلى عمل النظام بشكل صحيح. ويتم الآن ضخ المياه من عمق 80 متراً بالطاقة الشمسية. وكان تركيز الأملاح يتراوح بين 3000 و5000 جزء في المليون، وهو مناسب للجوجوبا والزيتون. وثمة خطة لمعالجة المياه الممولحة باستعمال الطاقة الشمسية.
تبعت ذلك عدة مشاريع زراعية استخدم فيها الضخ بالطاقة الشمسية. وفي آذار (مارس) 2015 قامت شركة "سيكيم إنرجي" بتشغيل نظامها الأول للضخ بالطاقة الشمسية في مزرعتها في الواحات، بقدرة 60 كيلوواط كمرحلة أولى. ويجمع هذا النظام التكنولوجيا الشمسية مع تكنولوجيات كفاءة الري لاستخدام المياه المنتجة على النحو الأمثل.
والآن حان الوقت للانتقال من المشاريع التجريبية الى الاستخدام الواسع النطاق للتكنولوجيا الشمسية في الزراعة.
الدكتور أيمن أبو حديد مدير مركز معلومات تغير المناخ والطاقة المتجددة ووزير سابق للزراعة واستصلاح الأراضي في مصر.
|