هذه دعوة تقدمها لنا حركة معروفة بالحروف التي تختصر اسمها VHEMT وتُنطق "فيمت"، وترمز هذه الحروف إلى "حركة الانقراض الطوعي للبشر" (Voluntary Human Extinction Movement). وهي ليست منظمة أهلية، بل يمكن اعتبارها توجهاً فكرياً يتبناه نفر من المهتمين بشؤون الحياة على سطح الأرض، ينفون عن أنفسهم أن يكونوا من مبغضي البشر وأعداء النظام الاجتماعي، أو من أنصار المذهب المالتوسي الداعي إلى وجوب ضبط النسل، الذين لا يأبهون لما يحيق بالبشر من كوارث. ويظنُّ الفيمتيون أن دعوتهم إلى التعجيل بانقراض الإنسان هي البديل "الإنساني" لما يتعرض له البشر من كوارث.
وليس لحركة "فيمت" مؤسس محدد، ولكن الذي أعطاها اسمها أميركي اسمه لس نايت، وليس لها رئيس أو متحدث رسمي باسمها. ويدعي الفيمتيون أن عدداً كبيراً منهم كانوا من الدعاة لانقراض الإنسان حتى قبل أن يعرفوا شيئاً عن "فيمت"، وأن لديهم حساً غريزياً بالعدالة، هو الذي يوجههم إلى تحمل مسؤولية هذا الخيار. ويقولون إنهم يُساء فهمهم حين يعتقد البعض أنهم لا بد أن يكونوا كارهين للبشر، وأنهم يريدون أن ينتحر الناس أو يروحوا ضحايا لمجازر بشرية ضخمة. وهم يدعون إلى طريقة أخرى لتقليل أعدادنا، هي الامتناع الطوعي عن إنتاج ذرية، فتنقص أعدادنا تدريجياً إلى أن نتلاشى. ويعتبرون ذلك أفضل الحلول لنا وللكوكب الذي نعيش فيه.
الفيمتيون إذاً هم ضد أي انقراض مقصود لأي نوع. بل إن حركتهم تناهض جهوداً تعمدُ إلى انقراض الأنواع وإبادة البشر، ومنها: إنتاج الأسلحة واستخدامها في الحروب، وإنتاج السموم ومنها البتروكيميائية والنووية، والاستغلال الجائر للموارد الطبيعية والبشرية.
وعندما سُئلوا: هل يخدم أغراضكم ظهور أنواع جديدة من الفيروسات واشتعال الحروب واندلاع المجاعات وتزايد المخلفات السامة؟ كان الجواب أن الحقيقة هي العكس تماماً. فالأوبئة لا تقضي على نوع ما، بل تقويه. البشر على سبيل المثال يفوق تعدادهم 7 بلايين إنسان، ولا يوجد فيروس يمكنه القضاء على كل هذا العدد المنتشر على سطح الكرة الأرضية. وإذا نحن افترضنا أن وباءً ما اكتسح 99.99 في المئة من الناس، فسيبقى منهم 650 ألف إنسان، هم الـ 0.01 في المئة المتبقي، يكتسبون مناعة طبيعية ضد الوباء، ويمكنهم العيش والعودة للتوالد، لتستمر الحياة، وفي أقل من 50 ألف سنة يسترد البشر وجودهم على نحو ما هم عليه الآن. ولكي يبقى تعداد البشر ثابتاً على الوضع الحالي، يجب أن يتعرض 200 ألف إنسان لمرض مميت كل يوم. هكذا، الحل ليس في المعاناة، ولا في الموت، ففيهما أذى.
ومن جهة أخرى، قضى ملايين الناس نحبهم في الحروب العديدة التي مرت بالبشرية، ولم ينقص ذلك من تعداد البشر، بل إن الحروب تشجع كلاً من المنتصر والمهزوم على العمل لاستعادة ما فقده من قوة بشرية.
إذاً، لمصلحة الحياة على سطح الأرض، ليس أمامنا نحن البشر إلاَّ أن ننقرض طوعاً.
|