ثبت حتى الآن فشل جهود المؤسسات والمنظمات الدولية في خفض معدلات الفقر، في عالم يشهد عصراً من النمو الاقتصادي لم يسبق له مثيل. وكان الأطفال، في الدول الفقيرة والغنية على حد سواء، الشريحة الأكثر تأثراً بوطأة الفقر. وتقول الأرقام إن على 40 في المئة من الأطفال في الدول النامية، أي نحو 600مليون طفل، أن يحاولوا العيش على أقل من دولار واحد في اليوم. فإذا أضفنا إلى ذلك أن الإدارات البيئية في معظم تلك الدول تعاني أوجه قصور عديدة، تسمح بأن تتعرض أعداد كبيرة من الأطفال للأخطار البيئية والكوارث الطبيعية، فمن غير المستغرب أن تلجأ الأسر في الدول النامية إلى إلحاق أطفالها بأعمال قد لا تتناسب مع قدراتهم. وتقول الإحصاءات أيضاً إن 19 في المئة من أطفال الدول النامية يقومون بأعمال مختلفة، من زراعية وخدمية إلى صناعات صغيرة ولا يحصل 4 في المئة منهم على أجر.
جمع القمامة من الأعمال التي يقوم بها أطفال فقراء العالم وتعرضهم لمخاطر بيئية وصحية. لقد أصبح انخراط الأطفال بهذه الأعمال ظاهرة عامة في دول جنوب شرق آسيا على سبيل المثال. وبحسب تقارير صدرت عن مؤتمر عالمي حول التهديدات البيئية لصحة الطفل، فان عمل الأطفال في جمع القمامة والمخلفات أمر شائع في بعض المجتمعات الآسيوية الفقيرة مثل كمبوديا وفيتنام. تحت وطأة الفقر والبؤس، تحثُّ الأسرُ أطفالها على جمع أي مخلفات يمكن إعادة استخدامها أو تدويرها، مثل بطاريات السيارات المستهلكة وعبوات المبيدات الفارغة ومصابيح النيون التالفة ومخلفات المستشفيات والصيدليات وغيرها، وهي كلها مخلفات شديدة الخطورة تحتوي على مواد سامة تهدد صحة الأطفال عند قيامهم بجمعها ثم فرزها.
ولا تزال هذه المشكلة قائمة على رغم التوصيات التي تقدمها المؤتمرات المحلية والعالمية ومؤسسات البحث العلمي بضرورة إيجاد السبل الآمنة للتخلص من مثل هذه المخلفات الخطرة لتجنيب الأطفال شرور التعرض لهـا، وعلى رغم الدورات التدريبية والإرشادية التي تعقدها منظمة الصحة العالمية وغيرها للتوعية بهذه المشكلة. وذلك لأن المشاكل الاقتصادية تفرض سطوتها وتأخذ الأسبقية دائماً في برامج الدول الفقيرة والنامية، تاركةً حماية البيئة في مؤخرة قائمة الأولويات.
|