حاولت المشاركة في حوار تابعته في موقع Reddit على الإنترنت، حيث وُجِّهتْ أسئلة إلى جيمس دايك، المحاضر في معهد محاكاة الأنظمة المركَّبة التابع لجامعة ساوثهامبتون الأميركية، وهو متخصص في نظام كوكب الأرض. وReddit لمن لا يعرفه موقع بدأت انطلاقته عام 2005 من مقره في ميدفورد، بولاية ماساتشوستس، يهتم أساساً بالأخبار الاجتماعية، ولم يلبث أن أصبح من أهم منتديات التواصل. وهو يطرح قضايا متعمقة، تجري مناقشتها على طريقة سؤال وجواب بين ضيف متخصص وجمهور المهتمين بالقضية محل المناقشة.
وقد أحببت أن أنقل لكم ملخصاً وافياً لمناقشة جرت حول سؤال يبدو غريباً، ولا يرد ببال كثيرين، هو: هل بمقدور الحضارة البشرية أن تستمر في الوجود؟ إنه سؤال يعكس اهتزاز يقين كثير من الناس إزاء تعقُّد وتعدد المشاكل التي يكابدها البشر، ولا يبدو أن ثمة حلولاً واضحة ناجعة لها.
سأل سائل: كلنا نعرف أن موارد العالم الطبيعية محدودة، وأنها آخذة في التناقص على نحو مطرد منذ الثورة الصناعية، فكيف يتفق ذلك مع نموذج النمو الاقتصادي اللانهائي؟
ردَّ دايك: لا يقلقُنا كثيراً وجود حدود قصوى أو مطلقة للنمو، إنما علينا أن نقلق بشأن الكيفية التي نصل بها إلى هذه الحدود من حيث الوضع الذي نعايشه الآن. فليس أمامنا غير مساحة ضيقة نعمل من خلالها على تنظيم أنفسنا في هذا الكوكب، وهي تزداد ضيقاً بمرور الوقت، وأخشى أن أقول إننا بددنا ما أمامنا من خيارات بصورة تنذر بالخطر.
سؤال آخر: هل تتفق مع الرأي القائل بأن الأوان قد فات، ولم يعد بالإمكان الحيلولة دون وقوع كارثة عالمية بسبب الاحترار الكوني؟
أجاب دايك: لا أعتقد ذلك، فليس بين التحديات التي نواجهها ما لا يمكن تجاوزه، من الناحية الفيزيائية، ومن المهم ألاَّ يغيب ذلك عن أذهاننا. صحيح أن محيطنا الحيوي سيفنى عندما يزداد حجم الشمس، ولكن ذلك سيحدث على امتداد بليون سنة قادمة، فلا يزال أمامنا وقت وفير نحاول فيه تنظيم شؤوننا. كثير من الأمور تبدو مستحيلة قبل أن تتحقق. غير أنني لا أستطيع التظاهر بالتفاؤل أمام حجم الرفاهية التي يعيش فيها بعض سكان العالم، وأعتقد أنها لن تستمر حتى نهاية هذا القرن، ونحن سادرون في زيادة انبعاثات الكربون وخسارة التنوع الأحيائي وغير ذلك من أفعال تنال من استقرار الحضارة البشرية. ولا يوجد قانون طبيعي، ولا مبدأ فيزيائي، يتفق مع إمكانية أن يستمر ما شهدته القرون الثلاثة الماضية من زيادة هائلة في الرفاهية والإنتاج الصناعي والثروة. فإن ما يحتفظ لحضارتنا بمكانتها المرتفعة هو استخدام الوقود الأحفوري والاستهلاك غير الرشيد لرأس المال الطبيعي الذي نشير إليه كثيراً بخدمات النظم الإيكولوجية، ولكل منهما نقطة نهاية، على مبعدة عقود، لا قرون، من الآن.
سؤال ثالث: هل كل الإشارات سلبية؟ أليس ثمة ما يشير إلى احتمال أن نبقى في دائرة الأمان؟
دايك: أعتقد أن استنفاد الأوزون في طبقة الستراتوسفير أقرب إلى أن يكون تحت السيطرة، وهذا مثال لقدرة التنسيق الدولي والإدارة الفعالة على التعاطي مع الشؤون العامة.
سؤال رابع: لماذا يبدو المجتمع العلمي مرتعباً من الهندسة الجيولوجية لكبح تغير المناخ، مع أن واقع الحال يقول إن ما وصلنا إليه الآن يجعلها الخيار الوحيد المطروح أمامنا؟
قال دايك: لقد تضخم حجم فهمنا لمناخ الأرض على مدى القرنين المنقضيين، ومع ذلك فلا يمكننا القول بأننا أصبحنا قادرين على أن ندخل على المناخ تغييرات مرغوباً بها، إذ لا تتوفر لدينا، في الحقيقة، أي ضمانات بألاَّ تنتهي بنا محاولات صريحة للتحكم بأحوال المناخ إلى كارثة.
المصدر
|