فاندانا شيفا ناشطة بيئية وثقافية هندية. وفي رسالة مفتوحة وجهتها إلى كل من الدكتور جيمس ديل الباحث في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا، ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، واتفاقية التنوع البيولوجي، لفت نظري أنها تبدأها بصفة "أعزائي"، بالرغم من هجومها الضاري عليهم جميعاً.
وكانت مؤسسة غيتس قد خصصت 15 مليون دولار لاستثمارها في الإنتاج الواسع لصنف من الموز قام جيمس ديل باستنباطه جينياً في مختبرات جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في أوستراليا، وأطلق عليه اسم "الموز الفاخر". وقد تم الترويج للمشروع بإضفاء مسحة عاطفية عليه، فأُشيع أن هدفه إنساني خيِّر وهو مكافحة نقص بعض العناصر الغذائية الدقيقة في أطعمة الفقراء.
تقول الدكتورة فاندانا شيفا في رسالتها إن هذا الموز الفاخر، وهو أوسترالي المنشأ، يجري تداوله حالياً في الولايات المتحدة للتعرف على وضعه التسويقي، من دون أن يهتم العلماء والخبراء الأميركيون بفحصه مختبرياً. وتضيف أن وسائل الإعلام الأميركية تتابع تسويق هذا الموز باهتمام كبير، الأمر الذي يبعث على التشكيك في أن وراء مشروع إنتاج هذا الموز المعدل جينياً هدفاً إنسانياً خيِّـراً، بل أن المسألة برمتها لم تكن أكثر من محاولة قرصنة بيولوجية.
ولعل أصناف الموز التي قام ديل بتعديلها وراثياً في صلب قضية قرصنة بيولوجية تهم العالم كله. فالجينات الخاصة بتكوين الفيتامين "أ" جاءت من سلالة موز تسمى "أسوبينا" شائعة في بابوا نيوغينيا. وقد أخذ ديل الجين الخاص بمقاومة أمراض الموز من الصنف الإندونيسي "مالوكو". ومع ذلك، فإن مشروع "الموز الفاخر" المعدل جينياً، الذي يحتفظ ديل بالعديد من براءات الاختراع للتحويلات التي أجراها فيه، يكاد يجتاز الترتيبات النهائية لبيع هذه الثروات المسلوبة في أسواق العالم. وذلك باعتباره منتجاً تحميه براءة اختراع تعطي حاملها كل الحقوق والعائدات المترتبة على طرحه وتداوله في الأسواق.
وكان ديل، أثناء انشغاله بالعمل في تعديل الموز جينياً لينتج نوعه الفاخر، قد زار إندونيسيا بدعوة من السفارة الأوسترالية في جاكارتا. وهناك ألقى عدة محاضرات كان الهدف منها الترويج لادعائه بأن الموز معرض للانقراض، متجاهلاً ما يعرفه هو جيداً عن وجود مئات من سلالات الموز، تمثل مجموعات من التراث الثقافي الحي للأفارقة والآسيويين وسكان جزر المحيط الهادئ، وهو التنوع الثري ذاته الذي قام عليه عمله في تعديل الموز جينياً. وحقيقة الأمر أن الغرض من تلك الزيارة كان البحث عن مزيد من السلالات المحلية من الموز في إندونيسيا. وقد اعترف الدكتور ديل نفسه بأن أصناف الموز التي قام بتعديلها جينياً ليست إلا بداية تُمهد الطريق لمزيد من المحاصيل الغذائية المعدلة وراثياً لتنتشر في أفريقيا وجميع أنحاء العالم.
وكانت مجلة "ذا نيويوركر" نشرت عام 2011 مقالاً عن مشروع الموز المعدل جينياً، لا يُذكر فيه الفيتامين "أ" إلا بكلمات قليلة. وإنما اهتم كاتبه بالإشارة إلى أن الهدف من هذا المشروع هو إدخال "الموز الفاخر" إلى حركة تجارة الموز الدولية، وتكريس المشروع بصفته "شركة القرن الحادي والعشرين المتحدة للفاكهة"، ومقرها الرئيسي في مدينة بوسطن الأميركية. كما يشير المقال إلى أن المشروع يطمع في الاستحواذ على أسواق الموز الغربية، حيث المستهلك الغني الذي لا يزال يرى في الموز الفاكهة الأكثر شعبية. وفي المقال أيضاً أن تلك الشركة المتحدة ضالعة في القلاقل السياسية والمذابح والأنظمة الديكتاتورية، وقد ساهمت بشكل أو بآخر في عملية إبادة جماعية واحدة على الأقل في غواتيمالا، والإسم الشائع لها في أميركا الجنوبية "إل بولبو" ومعناه الأخطبوط.
يمكن الاطلاع على الرسالة المفتوحة التي وجهتها فاندانا شيفا (الصورة) عبر الرابط:
|