نشرت منظمتان دوليتان قبل أيام تقريرين منفصلين يتعلقان بالاتجاهات العالمية لتوليد الكهرباء اعتماداً على المصادر المتجددة. التقرير الأول بعنوان "مستقبل الكهرباء، جذب الاستثمارات لبناء قطاع كهرباء الغد" وهو صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (منتدى دافوس)، والتقرير الثاني بعنوان "تكاليف توليد الطاقة المتجددة عام 2014" وهو صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "أيرينا" ومقرها في أبوظبي.
على رغم أن التقريرين تناولا موضوعاً واحداً، إلا أن الأرقام والنتائج التي أورداها حول جدوى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة كانت متباينة بشكل لافت. ومن المدهش أن تقرير أيرينا الذي صدر بشكل متزامن مع تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي تضمّن بعض الفقرات التي استشرفت محتوى تقرير المنتدى وشككت في غاياته.
تقرير "مستقبل الكهرباء" الصادر عن المنتدى صيغ بطريقة لا تخلو من التشكيك بجدوى الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة على المدى البعيد. وقد دعّم تقديراته المتشائمة بمجموعة من المخططات البيانية، أظهر أحدها (الشكل 8 في التقرير) أن توليد ميغاواط واحد من الكهرباء في الولايات المتحدة سيكلف سنة 2016 بحدود 80 دولاراً بالاعتماد على الغاز الطبيعي، وأن هذه الكلفة ستنخفض بحدود 10 دولارات في السنة التالية، ثم ترتفع بشكل طفيف لتعود إلى القيمة ذاتها سنة 2030.
أما كلفة توليد ميغاواط واحد بالاعتماد على اللواقط الشمسية (الألواح الكهرضوئية) فهي تبدأ بحدود 200 دولار سنة 2017، وتنخفض بشكل حاد إلى 125 دولاراً سنة 2019، وتتابع الانخفاض بشكل طفيف حتى 120 دولاراً سنة 2030. أي أن توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي يبقى أقل كلفة من توليدها بالخلايا الكهرضوئية حتى بعد 15 عاماً!
تقرير "تكاليف توليد الطاقة المتجددة" الذي نشرته أيرينا عكس نظرة مغايرة تماماً لمستقبل الطاقة المتجددة. والمثير أنه لم يعرض توقعات كما فعل تقرير المنتدى، بل قدّم أرقاماً تأشيرية بالاعتماد على مشاريع منفذة وأخرى قيد التنفيذ.
لقد بيّن تقرير أيرينا أن أسعار الألواح الكهرضوئية عام 2014 كانت أقل 75 في المئة من أسعارها في نهاية عام 2009. وقد أصبحت المشاريع التنافسية التي تعتمد نظم الألواح الكهرضوئية تولّد الكهرباء حالياً في مقابل 80 دولاراً للميغاواط من دون دعم حكومي، بالمقارنة مع 45 إلى 140 دولاراً كلفة توليد الميغاواط باستخدام الوقود الأحفوري. ومن المتوقع أن تزداد تنافسية وجدوى الاعتماد على المصادر المتجددة في توليد الكهرباء إذا أخذنا بعين الاعتبار التطور التقني المتسارع في هذا المجال. أما في الأماكن البعيدة عن شبكة الكهرباء العامة، كالجزر، أو حيث ترتفع كلفة نقل الوقود، فقد أثبت توليد الكهرباء من المصادر المتجددة جدواه الاقتصادية.
نحن أمام تقريرين صادرين عن منظمتين دوليتين، الأول يقول إن توليد الميغاواط الواحد من الكهرباء بالاعتماد على الخلايا الكهرضوئية يكلّف 200 دولار، أما الثاني فيقول إن الكلفة هي 80 دولاراً فقط. فأيهما نصدّق؟
قبل أيام، أعلنت هيئة كهرباء ومياه دبي عن فوز التحالف الذي تقوده الشركة الرائدة لمشاريع الطاقة والمياه "أكوا باور" (عضو في المنتدى العربي للبيئة والتنمية) بالمرتبة الأولى بين المتقدمين لمناقصة إنشاء وتطوير وتشغيل محطة مستقلة للطاقة الشمسية باستطاعة 200 ميغاواط بتقنية الألواح الكهرضوئية. وقد تمّ تسعير شراء ميغاواط الكهرباء بمبلغ 58.4 دولار خلال فترة عقد شراء الطاقة الذي يستمر لمدة 25 عاماً اعتباراً من 2017.
من الواضح أن الأرقام والتقديرات التي جاءت في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي كانت مضللة جداً. وكما أورد تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، فإن معلومات كهذه تصر على عدم تنافسية تقنيات توليد الطاقة المتجددة وارتفاع كلفتها هي "في أفضل تقدير معلومات قديمة لم تعد ذات قيمة، أو في أسوأ تقدير معلومات خادعة بشكل خطير".
رابطا التقريرين
- تقرير "مستقبل الكهرباء، جذب الاستثمارات لبناء قطاع كهرباء الغد"، المنتدى الاقتصادي العالمي، كانون الثاني (يناير) 2015.
http://www.weforum.org/reports/future-electricity
- تقرير "تكاليف توليد الطاقة المتجددة عام 2014"، الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، كانون الثاني (يناير) 2015.
http://www.irena.org/menu/index.aspx?mnu=Subcat&PriMenuID=36&CatID=141&SubcatID=494