Monday 29 Jul 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
عبد الهادي النجار أخطر من الجهل | 31/12/2014
تتباين الدول العربية في مقدار ما تخصصه لقطاع التعليم في موازناتها السنوية المعلنة. ففي ميزانية 2013-2014 رصدت السودان أقل من 3 في المئة من مجمل ميزانيتها لصالح التعليم، في حين كانت حصّة التعليم نحو 25 في المئة من مجمل الميزانية السعودية. وبين هاتين النسبتين تراوحت مخصصات بقية الدول العربية، مع ملاحظة أن معظم هذه المخصصات تُصرف كأجور للعاملين في هذا القطاع بالإضافة إلى اعتمادات لبناء المنشآت التعليمية وصيانتها. أمّا ما يخص الإنفاق على البحث العلمي وتطوير المناهج فحدّث ولا حرج.

الاهتمام بمعالجة مشاكل التعليم أمر مصيري لكسر حلقات التخلف التي تطوّق بلادنا العربية وتعوق تنميتها وتقدمها. ولعل العمل على تطوير المناهج التعليمية من خلال تحقيق معيارَيْ الجِدّة والجودة هو الخطوة الأولى في دفع التعليم نحو مستقبل أفضل. فكلما كانت المناهج التعليمية مواكبةً لتطوّرات العلم والتقنية، محرِّضةً على التفكير والإبداع، بعيدةً عن المغالطات والأوهام، كان استثمارنا في الأجيال القادمة رابحاً.

منذ أيام قليلة، تداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي صورة لصفحة من منهج رسمي لمقرر العلوم في إحدى الدول العربية. وقد كانت الصفحة عن الكليتين وجهاز الإطراح لدى الإنسان، حيث أخطأ القائمون على الكتاب في إدراج تراجم مغلوطة للعناوين من العربية إلى الإنكليزية. فبدلاً من ترجمة كلمة "كلِية" إلى kidney تمّت ترجمتها إلى college (كُليّة)، وذلك بالاعتماد كما يبدو على برامج الترجمة الآلية!

الأسوأ من ذلك أن وزارة التربية انتبهت إلى خطأ الترجمة المرتكب في الطبعة الأولى من الكتاب، فقامت بتصحيح الخطأ في ترجمة مفردة "كِلية" فقط، دون النظر في أخطاء الترجمة الأخرى الموجودة في الصفحة ذاتها والأخطاء الأخرى المنتشرة في جميع أنحاء الكتاب.

مع ذلك لا بد من التنويه بأن المحتوى العلمي للكتاب جيّدٌ جداً، إلا أن الإفراط غير المبرر في استخدام الرسوم وتكرارها، ووجود بعض الهفوات في اللغة العربية، إلى جانب الترجمة "الكارثية" للعناوين، تجعل من كتاب العلوم هذا عملاً مرتجلاً مهما كانت الجهود التي بذلت فيه والخبرات التي وضعت لأجله.

إن صياغة مؤلَّف علمي أمر يستوجب كل الحرص في تفادي المعلومات المغلوطة والتعابير الخاطئة، لأن الخطأ في مؤلفات كهذه ليس مجرّد خطأ يُتناقل عبر الأجيال، بل هو علم فاسد قد يجد من يتبناه ويدافع عنه. والعلم الفاسد أو "وهم العلم"، كما يقول المؤرخ الأميركي دانييل بورستين، هو أكثر خطراً على المعرفة من الجهل.

إن ترجمة خاطئة لورقة علمية وضعت عام 1901 من الألمانية إلى الإنكليزية أدّت إلى انتشار معلومة مغلوطة تقول إن الحليمات الذوقية تتوزع في نطاقات محدّدة على اللسان، بحيث توجد توضّعات معيّنة للحليمات على اللسان تختصّ بتحسس المذاقات الأربعة المعروفة وهي الحلو والحامض والمالح والمر. وقد جرت دراسة عام 1974 بهدف تقييم صحّة هذه المعلومة، فكانت نتيجتها أن المعلومة غير صحيحة ولا تعدو كونها خطأ في الترجمة.

ولكن بالرغم من كشف عدم صحة هذه المعلومة منذ أكثر من أربعين عاماً، إلا أنها ما زالت رائجة كحقيقة علمية تجد من يدافع عنها. وهي ما زالت تُدرّس حتى الآن ضمن مناهج العلوم في غالبية المدارس حول العالم.

قد يعتبر البعض أن أخطاء كهذه ليست من الخطورة بمكان، وأن تناولها بمثل هذا الطرح فيه مبالغة كبيرة. ولأجل هؤلاء تعمّدتُ تضمين معلومة خاطئة في نص هذا المقال ما زال الناس يتداولونها كحقيقة علمية حتى الآن. هل عرفتم ما هي؟ هل ما زال عدد المذاقات الأساسية التي يتحسسها الإنسان أربعة؟
 
 
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.