Sunday 29 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
عبد الهادي النجار ليما والغرق المؤجّل | 17/12/2014
بعد أسبوعين من المحادثات المتعثّرة وتمديد ليومين إضافيين، انتهى مؤتمر التغير المناخي في ليما عاصمة البيرو بإعلان هزيل ينذر بخلاف كبير يهدد نجاح قمة المناخ المقبلة في باريس أواخر 2015.

بالرغم من الأجواء الإيجابية الناتجة عن إعلان بيجينغ الذي وضع، قبل أيام قليلة من مؤتمر ليما، الخطوط العريضة لتفاهم صيني أميركي حول المخاطر الكبيرة لازدياد انبعاثات غازات الدفيئة وأثرها على الأمن والاستقرار العالميين، فإن محادثات ليما لم تتمكّن من تجاوز المصاعب الأساسية التي تعرقل الوصول إلى اتفاق مناخي طموح يلقى إجماعاً دولياً.

لقد نجح مؤتمر ليما في إبراز رؤى الدول المشاركة في الوصول إلى صيغة اتفاق عالمي جديد حول المناخ. كما حافظ على الهدف الأساسي في الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة العالمية بما لا يتجاوز درجتين مئويتين زيادةً عما كانت قبل الثورة الصناعية. وقد تضمّن مؤشّرات تستهدف وقف انبعاثات غازات الدفيئة بشكل كامل مع حلول سنة 2050.

في المقابل، لم ينجح المؤتمر في توضيح الصيغة أو الأثر القانوني للاتفاق الجديد المرتقب، كما فشل في منح الدول مجتمعة سلطة الفرض أو التعديل في سياسات الدول الأقلّ التزاماً والأكثر تلويثاً. وهو لم يوفّر الضمانات الكافية لاستمرار تدفّق التمويل اللازم للحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة وتلطيف آثار التغيّر المناخي في إطار ما يُعرف بالتعويض عن الأضرار والخسائر.

التعاطي الرسمي العالمي مع مشكلة التغيّر المناخي يمكن تشبيهه بمجموعة من الناس يسافرون على متن سفينة تتعرّض للغرق نتيجة ثقب في جانبها تسبّب به خلل في تحميل بعض البضائع. فالدول المتقدّمة كالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي هي كمثل التاجر الثري الذي يسافر مع بضاعته من سيّارات فارهة وأجهزة إلكترونية. أما الدول الصاعدة كالصين والهند والبرازيل فهي كمثل التاجر المستجدّ الذي يسافر مع بضاعته من الخضار والفواكه. وعلى متن السفينة وضمنها توجد الدول النامية الأخرى التي تتفاوت في ما تحمله، من متاع شخصي خفيف إلى أثاث منزلي بسيط. وفي قعر السفينة تجد الدول الأكثر فقراً والجزر الصغيرة الأكثر عرضةً لمخاطر الغرق.

في البدء كان الخلاف على ما إذا كان هناك تسرّب للمياه إلى بدن السفينة، أم لا. ثم كان الخلاف على ما إذا كان هذا التسرّب هو أمر طبيعي، أم هو ناتج عن خلل في التحميل. وفيما السفينة تغرق، يتقاذف التجّار المسؤولية في ما بينهم، فالتجّار المستجدّون يطالبون بأن يتحمّل التجّار الأثرياء عبء غرق السفينة، وذلك بإلقاء جزء معتبر من حمولتهم في البحر، فهم لديهم الملاءة الكافية لتحمّل هكذا خسارة كهذه. أما التجّار الأثرياء فيطالبون التجّار المستجدّين بالمشاركة في إنقاذ السفينة بالتخفيف من حمولتهم أيضاً.

وفي قاع السفينة يرتفع صوت المسافرين المسحوقين الذين غمرتهم المياه حتى صدورهم، لإنقاذهم ومد يد العون إليهم، في حين يكتفي التجّار على ظهر السفينة بتزويدهم بضع مضخّات للماء لا تكفي لمواجهة التدفّق المتزايد إلى جسم السفينة.

وفيما لم تبق سوى ساعات قليلة على غرق السفينة بالكامل، يقف أحد التجّار المستجدّين ليعلن عزمه على إلقاء جزء من حمولته اعتباراً من مطلع الأسبوع التالي. فيقابله أحد التجّار الأثرياء بإلقاء سيّارة من سيّاراته العشرين في البحر كبادرة حسن نية. ثم يجتمع التجّار والمسافرون جميعهم لتناقش أدوار كلٍّ منهم في تأخير غرق السفينة إلى حين الوصول إلى أقرب ميناء. وبعد هرج ومرج يتم الاتفاق على تأجيل الحوار إلى اليوم التالي!
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.