Sunday 29 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
عبد الهادي النجار ليما تضع إعلان بيجينغ على المحك | 02/12/2014
في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) اتفق رئيسا الولايات المتحدة والصين على إعلان مشترك بين البلدين يخصّ التغيّر المناخي وجهودهما المشتركة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة. إعلان بيجينغ هذا وصفه الكثيرون بأنه الاتفاق الذي "يغيّر قواعد اللعبة"، إذ انه يسحب بساط الذرائع، ولو ظاهرياً، من تحت أقدام المعارضين لاتخاذ إجراءات جدّية لمواجهة أسباب تغيّر المناخ، سواء على المستوى الدولي أو داخل الولايات المتحدة نفسها.

لقد كانت الصين، إلى جانب مجموعة الدول التي تشهد حالياً نهضة صناعية كالبرازيل والهند وجنوب أفريقيا وتركيا وإندونيسيا، تنظر إلى إجراءات الحد من انبعاثات غازات الدفيئة وخاصةً الإقلال من استهلاك الوقود الأحفوري على أنها إجراءات قد تقيّد انطلاقتها الصناعية وتكبح نموها الاقتصادي.

أيضاً، ثمة دول كانت تسوّغ عدم التزامها تجاه خفض الانبعاثات بعدم وجود مبادرة ذات معنى لتحقيق هذا الخفض من قبل الدولتين اللتين لهما أسوأ سجل في إطلاق غازات الدفيئة، وهما الصين التي يقدّر أنها تساهم في 23 في المئة من انبعاثات الكربون العالمية الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري والولايات المتحدة التي تساهم في 19 في المئة من هذه الانبعاثات.

لقد كان تهرّب الصين من أي تفاهم دولي يحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة أهم ذريعة لدى الجمهوريين في الولايات المتحدة للاعتراض على أي تشريع وطني يحدّ من الانبعاثات. وحجّتهم في ذلك أن تغيّر المناخ عالمي، وبالتالي فهو يتطلب التزامات عالمية ولا جدوى من اتخاذ إجراءات وطنية منفردة لمواجهته؟

تضمّن إعلان بيجينغ عزم الولايات المتحدة على خفض انبعاثاتها بمعدل 26-28 في المئة بحلول سنة 2025 مقارنةً بمعدل الانبعاثات عام 2005. وهذا التعهد الأميركي يبدو قابلاً للتحقيق من دون عناء بالمقارنة مع نسبة الخفض بمقدار 17 في المئة سنة 2020 التي اعتمدها البيت الأبيض في خطة العمل الوطنية الرئاسية حول المناخ في حزيران (يونيو) 2013.

في المقابل، أبدت الصين رغبتها في أن تكون سنة 2030 على أبعد تقدير ذروة إطلاقها لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. ومن أجل تحقيق هذا الهدف سوف تعمل على زيادة مساهمة الوقود غير الأحفوري لتصبح بحدود 20 في المئة من مجمل الطاقة الرئيسية التي تنتجها بحلول 2030.

عام 2012، اعتمدت الصين في توليد طاقتهاعلى المصادرغيرالأحفورية بنسبة 12 في المئة، وبالتالي فإن ما تعرضه فعلياً هو زيادة تقارب 8 في المئة فقط عما هو محقق سلفاً عام 2012. وبالتالي فإن هذا العرض يمكن تحقيقه قبل نهاية العقد الحالي من خلال المفاعلات النووية التي تقوم الصين بتنفيذها واستثمارها. أما الأسوأ من ذلك كله فهو أن الصين لا تلتزم بسقف كمّي للانبعاثات التي تطلقها في الجو، بل تقيّد نفسها بسقف زماني هو سنة 2030 لأقصى معدّل تستطيع إطلاقه من غازات الدفيئة مهما بلغ هذا المعدّل!

إن أهمية إعلان بيجينغ ليست في الأهداف التي وضعها البلدان لكلٍ منهما في السنوات المقبلة، وإنما في اتفاق الرؤى بين أكبر ملوِّثين في العالم على خطورة تغير المناخ على الإنسانية، وكذلك في خلق أرضية مشتركة لقمّة المناخ في باريس 2015 يمكن البناء عليها للخروج بتشريع أممي يُفترض به أن يحدد مساهمات كل دولة في خفض الانبعاثات وآليات مراقبة التزام الدول بتعهداتها.

إن مؤتمر ليما حول المناخ المنعقد في عاصمة البيرو من 1 الى 12 كانون الأول (ديسمبر)، هو بمثابة مؤتمر تحضيري لقمّة المناخ في باريس 2015، والمناقشات التي تدور فيه ستحدد بشكل كبير مدى النجاح المتوقع من قمّة باريس. ولطالما كانت الصين معروفة بحساسيتها تجاه المراقبة الخارجية والتعامل بشفافية في الكشف عن بياناتها، ومرونتها في مؤتمر ليما ستحسم مدى جديّتها في مواجهة تغيّر المناخ.

من ناحية أخرى، فإن الضغوط المتزايدة على البيت الأبيض من قبل الأكثرية الجمهورية في الكونغرس المستاءة من إعلان بيجينغ وما تصفه من تفرّد الحلقة الضيّقة حول الرئيس أوباما باتخاذ القرارات الوطنية المصيرية، قد تحدّ من حماسة الإدارة الأميركية في طرح ترتيبات تشريعية طموحة في مؤتمر ليما تزيد الصدع بين الجمهوريين والديموقراطيين. ولذلك كله فإنه يمكننا النظر إلى مؤتمر ليما كمقياس اختبار للنيات التي أعلنت عنها الولايات المتحدة والصين في بيجينغ، ومدى رغبة البلدين وقدرتهما على قيادة العالم في مواجهة تغير المناخ.
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.