أصحاب الأرض هم السكان الأصليون، الأكثر خبرة بأرضهم ومياههم وهوائهم. ومع ذلك فإن صوتهم لا يؤخذ في الاعتبار، في أغلب الحالات، عند إعداد خطط التنمية وإجراءات صون التنوع الأحيائي وتنظيم الموارد الطبيعية وإدارتها، بالرغم من أهمية هذا الصوت الذي لا يخلو من حكمة وخبرة قد لا تتوافران للكثيرين من خبراء التخطيط.
لنستمع إلى باتريك سيغونداد من شعب كادازان في ماليزيا، يقول:
"التنوع الأحيائي مصطلح غريب علينا. ولكن إذا طُلب مني أن أترجمه إلى لغتنا، أقول إنه يعني كل شئ في العالم، ويشمل ما في أعماق البحار، وكل ما يمكن أن تلمسه أيدينا، وفوق ذلك، وبالإضافة إلى الكائنات الحية، يجب أن نضيف الهواء والماء والشمس. كما أن للمصطلح جانبه الأخلاقي والروحي، فالناس في بلادي، مهما اختلفت دياناتهم، يؤمنون بوجود الروح. إنها أشبه ما يكون بالدليل، وهي ذلك الشيء الذي عليك أن تبجله وتعيه. وللأرض روح، وكذلك الأشياء التي تعيش على الأشجار وبين الصخور، لها كلها أرواح، كما أن للأسلاف أرواحاً. وفي لغتنا غير المكتوبة نقول "أدات"، وهي كلمة تدل على مفهوم للمعرفة العامة، وتعني عند أهلنا من السكان الأصليين في ماليزيا، المعتقدات والقيم التي تحكم كل شؤون الحياة. إنها منظومة من القواعد والمبادئ الشفهية التي تحيط بكل شيء، وبالعلاقات القائمة في العالم المحسوس والعالم الخفي. فكل الأشياء مسكونة بنوع من الأرواح، وثمة وسيلة مؤكدة للاتصال بها، كما أن كل الأشياء قائمة في حالة من الاتزان. وإذا حل بعالم الأرواح ما يكدر صفوه، انعكس ذلك على أفراد العائلة الأرضية، أو المجتمع".
ويقول ميشال كابو من بابوا نيوغينيا:
"لست بحاجة لأن أذهب إلى الجامعة لأعرف ما هو التنوع الحيوي فمفهوم الناس البدائيين عن التنوع الحيوي في نهر أو بحر أو بين الشعاب المرجانية هو أكثر تماسكاً من مفهوم العلماء، لأنه يتضمن أيضاً التنوع الحيوي للقرية – العالم، بمعناه الفيزيقي، حيث يعيش البشر، أو العالم الخفي، عالم الأرواح. فإذا لم نتعلم كيف نحترم السكان الأصليين وقوانينهم، فإن علاقة الثقافة بالبيئة والإنسان والروح، تلك العلاقة التي يجب أن نصونها على الدوام، سوف يصيبها الاضطراب. يجب أن نحرص على أن تبقى هذه العلاقة بحال من التوافق والتآلف، لتسير أحوال التنوع الأحيائي على ما يرام. إن العلماء المبجلين تنتابهم الحيرة ويتساءلون متصايحين ماذا جري لكوكب الأرض؟ والسكان الوطنيون يعرفون السر وراء تدهور أحوال هذا الكوكب. الأحوال لن تصلح ما لم يُربط التنوع الأحيائي بالجانب الروحي والثقافي والأخلاقي ".
|