Monday 29 Jul 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
عبد الهادي النجار فارق جديد في التوقيت... وفي أشياء أخرى | 11/11/2014
في حديقة برايان العامة في ريتشموند بولاية فيرجينيا الأميركية، ضمن جمعٍ من نحو مئة شخص، وقفت مورين أمام قفص كبير تغطيه قطعة من القماش الأحمر ومشاعر مختلطة تساورها. هي تشعر بالتعب من جراء الجهود التي بذلتها في الأشهر الماضية، إلا أنها تشعر أيضاً بالراحة لأن هذه الجهود لم تذهب سدى. وبالرغم من سعادتها الغامرة لأن صديقها الموضوع في القفص سيتمكن أخيراً من الطيران بحرية، إلا أنها في الوقت ذاته تشعر بالحزن إذ ستفتقد من كرّست له جلّ وقتها وهي تسعى مخلصةً من أجل علاجه وغذائه والاهتمام به.

 
هذه المشاعر المختلطة لا تعرفها إلا الأم التي تفرح لأن ابنها الصغير الذي سهرت الليالي من أجله قد بدأ يخطو خطواته الأولى، وفجأة تدرك بحزن أن هذه الخطوات المتعثّرة تعني بشكل أو بآخر أن هذا الطفل أصبح قادراً على الاستقلال بنفسه والابتعاد عنها متى شاء.

 
الساعة تجاوزت الثالثة عصراً بقليل، والكلمات الموجزة التي ألقاها رئيس مركز الحياة البرية في فيرجينيا بدت طويلةً جداً للحشد الذي ينتظر بفارغ الصبر لحظة الكشف عن نجم هذا اللقاء المختبئ تحت قطعة القماش. وفيما كان رئيس المركز يثني على جهود مستشفى الحيوانات البرية في وينزبورو، الذي نجح بزرع خمس ريشات في جناحي هذا الطائر أعادت إليه الأمل بالطيران مجدداً، كانت مورين تتذكر كيف التقته أول مرّة وهو يتخبط على أرض موقف السيارات بالقرب من الشركة حيث تعمل كاختصاصية في المعلوماتية.

 
لقد واجهت مورين الكثير من الصعوبات في علاج هذا الطائر المسكين الذي فقد معظم ريشه نتيجة مرض أصابه، خاصةً وأنه ليس بالطائر النادر الذي تشكل خسارته إشكالية أخلاقية لجمعيات حماية الطيور المهددة بالانقراض. ومع ذلك فإن دعم أصدقائها والألفة التي وجدتها معه جعلتها لا تكلّ ولا تملّ، حتى أثمرت جهودها بعد سبعة أشهر. وها هي تزيح قطعة القماش وتفتح القفص لصديقها، الذي انطلق نحو السماء بلمح البصر، تلاحقه عدسات التصوير وصيحات الإعجاب من الحضور وكأنها المرة الأولى التي يحظون فيها بمشاهدة غراب أسود عن قرب!

 
في اللحظة ذاتها، وعلى الجانب الآخر من الكوكب حيث كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة مساء، كانت مجموعة من ثلاثة أشخاص تحثّ الخطى متنقلة بسرعة من حاوية قمامة إلى حاوية أخرى لإنجاز مهمتها الفريدة من نوعها. لقد أثارت حركتهم المريبة قلق سكان الجوار الذين اتصلوا بقسم الشرطة القريب للتحري عن هؤلاء الأشخاص.

 
وبالفعل انطلقت دورية شرطة راجلة لتراقب عن كثب ما تفعله هذه المجموعة. فوجدت أن أحدهم يحمل كيساً كبيراً، ويساعده آخر يمد يده في الكيس ليخرج أشياء يلقيها في الحاويات على عجل بحيث لم تتبين الدورية ماهيتها بسبب الظلام، فيما الشخص الثالث يمسك مجموعةً من الأوراق يكتب عليها بين الحين والآخر كأنه يوثّق ما يحصل.

 
بعد خمس حاويات لم تجد الدورية بدّاً من طلب المؤازرة لتوقيف المجموعة المشبوهة. وهكذا تم تطويقها من كل الجهات بنحو عشرين عنصراً، وأُضيئت الأنوار الكشافة التي أحضرتها الشرطة، وارتفع صوت الرائد هشام يطلب من المجموعة إلقاء ما بأيديها والاستلقاء على الأرض من دون أي حراك.

 
تحت ضوء الكشافات التمع دمٌ أحمر يسيل من الكيس الكبير الملقى على الأرض، فكان المشهد مرعباً للجميع. ومع ذلك اقترب ثلاثة رجال شرطة من الأشخاص المستلقين على الأرض وقاموا بتفتيشهم على عجل، مستغربين من أن اثنين يلبسان قفازات ملطخة بالدماء. وعندما تيقّنوا من عدم وجود سلاح معهم قاموا بدفعهم نحو الرائد هشام.

 
قبل أن يبادرهم الرائد بالأسئلة، كان الشخص الذي بدا كأنه رئيس للمجموعة قد أخرج بطاقة تعريف من جيبه، وأبرز أمر مهمة رسمية للمجموعة تزيل اللبس عن الأمر. أمسك الرائد هشام بأمر المهمة وأخذ يقرؤها على عجل ومعالم وجهه تتغير بسرعة من الصرامة والحزم إلى الابتسام ثم القهقهة بصوت مرتفع، فيما عناصر الشرطة ينظرون باستغراب إلى قائدهم الذي يضحك والدم لا يزال يقطر من أيدي اثنين من الموقوفين.

 
اقترب أحد العناصر من الكيس ونظر في محتواه، فإذا به مليء برؤوس الدجاج المقطّعة. فعاد باتجاه قائده ليخبره بما شاهده، فصرخ به الرائد هشام ممازحاً: "نعم، إنها رؤوس دجاج مسمّمة يجعلونها طعماً ليقتلوا بها الكلاب الشاردة، يا لها من خطة جهنمية!"

 
في اليوم التالي استيقظت المدينة على روائح الجيف التي تملأ الشوارع، وطوال النهار كان الأهالي يتحدثون عن قصة موظفي البلدية مع الرائد هشام وخطتهم الجهنمية التي قضت على عشرات القطط فيما الكلاب الشاردة لا تزال تسرح وتمرح.

 
شاهدوا فيديو: إطلاق الغراب على يوتيوب:
https://www.youtube.com/watch?v=1zAdC2gI84M
 
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.