الميناء الشرقية مسطح مائي شهير في الإسكندرية، هو الجزء الساحلي المغمور من الحي الملكي في الإسكندرية البطلمية، حيث اكتشفت آثارٌ لمجموعة من القصور البطلمية والمباني وما لا يقل عن 5000 قطعة آثار. كما اكتشفت أول سفينة خشبية من العصر الروماني يتم الحصول عليها كاملةً في حوض البحر المتوسط، يبلغ طولها 35 متراً وعرضها 8 أمتار. ورصد فريق من الباحثين الغوَّاصين موقعاً يُعتقَدُ أنه معبد إيزيس. وأسفرت عمليات المسح الأثري أيضاً عن اكتشاف 17 تمثالاً غارقاً لأبي الهول، ومجموعة كبيرة من أواني النقل والتخزين الفخارية (أمفورات)، تشير إلى ضخامة حركة النقل والتجارة في المنطقة، وقد تكون دليلاً ضمنياً على وجود سفن أخرى غارقة ومطمورة تحت رسوبيات القاع. كما رسم الأثريون المنطقة الساحلية المعروفة باسم "تيمونيوم" حيث شيَّدت كليوباترا "قصر التأمُّلات" لماركوس أنطونيوس.
والواقع أن منطقة الميناء الشرقية من أهم المعالم السياحية والترفيهية والاقتصادية في الإسكندرية. تقع حولها تجمُّعات سكنية كبيرة تضمُّ المناطق التجارية الرئيسية في المدينة، بالإضافة إلى وجود عدد من الأندية الاجتماعية والرياضية. وقد حفز غنى المنطقة بالآثار المغمورة المسؤولين على التفكير في تحويلها إلى متحف تحت الماء. وكانت أول خطوة في الإعداد لهذا المشروع تنظيم حلقة تدارس شارك فيها خبراء من جامعة الإسكندرية ومراكز البحث العلمي، وممثلون من الجهات الإدارية المتَّصلة بهذا الشأن. وقد توصلت تلك الحلقة إلى عدد من النتائج غير المشجعة، منها:
أولا، صعوبة الرؤية في مياه الميناء الشرقية صعبة، إذ لا يزيد مدى الرؤية في أحسن الأحوال عن متر ونصف متر. فقد ظلَّت الميناء لعشرات السنين تستقبل مخلَّفات الصرف الصحي غير المعالجة من 18 ماسورة صرف. وعلى هذا فإن مثل هذا المتحف يحتاج إلى إضاءةٍ قويةٍ لمساعدة مرتاديه على الرؤية الواضحة للآثار الغارقة. ويجب ألاَّ تؤثِّر هذه الإضاءة في نوعية المياه والحياة النباتية في تلك البيئة البحرية.
ثانياً، حتى لو تمَّ الإغلاق الكامل لمصبَّات مياه الصرف الصحِّي، فإن احتمال استمرار فساد نوعية المياه في المنطقة يظلُّ قائماً لفترة من الزمن. السبب آلاف الأطنان من الرسوبيات المحمَّلة بالملوِّثات، المتراكمة فوق قاع البحر على مدى السنوات الأربعين الماضية.
على رغم هذه التعقيدات المحيِّرة، تقدَّم مستثمرون محلِّيون وأجانب بعدد من المشاريع. منها مشروع قدمه بيت الأزياء بيار كاردان، كلفته 220 مليون دولار، لإقامة مؤسسة سياحية في الميناء الشرقية، عبارة عن مبني يمتد في العمق لستة أمتار، ويرتفع ثلاثة أمتار، مع منار يُضاء بالليزر. وثمَّة مشروع بلجيكي عبارة عن مركبة دوَّارة على شكل نجمة، عرضها 80 متراً، تُضاء بالليزر، وكل جناح من التشكيل النجمي يؤدِّي وظيفة خاصةً (مكتبة، مطعم، محلاَّت... )
أمَّا أغرب المشاريع فهو إيطالي، ويفكَّر أصحابه في تفريغ الميناء الشرقية وتجفيفها، وتحويل الآثار الغارقة إلى آثار برِّيَّة!
|