في حديثه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2001، ربط كولن باول، وزير الخارجية الأميركي آنذاك، بين مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) والحرب التي تدمر الأمم وتزعزع استقرار العالم. وقال: "لقد كنت جندياً، ولم أعرف في الحروب عدواً له غدر الإيدز ومخاتلته وشره".
لقد لخص باول في كلماته حقيقة مرة عن العلاقة بين الإيدز والمؤسسة العسكرية. فثمة مؤشرات مؤكدة على أن العسكريين، ويبلغ تعدادهم نحو 22 مليون جندي، في كل جيوش العالم النظامية، هم الأكثر تعرضاً للإصابة بالإيدز، وتبلغ نسبة إصابتهم بهذا المرض المدمر في بعض الدول أضعاف نسبة إصابة المدنيين.
ومن أهم ملامح قضية العلاقة بين الإيدز والعسكر إحجام بعض القيادات العسكرية في كثير من بلدان العالم الثالث عن نشـر بيانات وإحصائيات تجسد الحجم الحقيقي للمشكلة لديها. كما أن بعض الجيوش ترفض إخضاع جنودها للاختبارات والفحوص التي تثبت أو تنفي إصابتهم بالإيدز. وثمة جيوش لا تملك القدرات الفنية والمادية التي تمكنها من إجراء هذه الاختبارات. ولوحظ أن وزراء الدفاع في بعض الدول يتحاشـون الحديث عن مدى انتشار الإيدز بين جنودهم.
ومن الأمور التي تعقد مشكلة انتشار الإيدز وتصعّب معالجتها عدم دقة الإحصاءات التي تعلنها الجهات الرسمية عن حجم المشكلة لديها. على سبيل المثال، أعلن وزير الدفاع في جنوب أفريقيا أن 17 في المئة من أفراد قواته المسلحة مصابون بفيروس الأيدز، بينما تعطي وسائل الإعلام أرقاماً تتراوح بين 50 و70 في المئة.
لكن مؤسسة أميركية، هي هيئة السيطرة على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، ترى أن النسبة تتراوح بين 40 و50 في المئة، وتصل إلى 90 في المئة في بعض وحدات القوات المسلحة لجنوب أفريقيا. علماً أن نحو 20 في المئة من الفئة العمرية بين 15 و49 عاماً من سكان البلاد مصابون بالايدز بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وقد تبين أن طول مدة الخدمة خارج الوطن يعد عاملاً مؤثراً في انتشار الإيدز بين الجنود. ويقول مسؤول في إحدى الإدارات الطبية العسكرية النيجيرية، إن نسبة الإصابة بالفيروس بين قوات حفظ السلام النيجيرية كانت 7 في المئة، بين الجنود الذين غابوا لسنة واحدة، و 10 في المئة بين الذين قضوا خارج الوطن عامين، تزداد إلى 15 في المئة بين الذين خدموا في تلك القوات لثلاث سنوات متصلة.
|