اجتاز عدد من الدول العربية – تونس ومصر واليمن وليبيا - تحولات جذرية في قيادتها وإدارتها. سميت هذه التحولات بالربيع العربي، لأنها نقلت عدداً من هذه الدول من حكم ديكتاتوري أليم إلى بدايات حكم ديموقراطي سليم.
لكن ما لفت نظري أن كل هذه الإدارات الجديدة المتفتحة لم تتحدث بأي صورة واضحة عن حماية البيئة والإدارة السليمة لموارد الثروة الطبيعية في تلك الدول، على رغم أن هذه الموارد هي أساس عمليات التنمية الاقتصادية التي تتطلع إليها شعوبها للارتفاع بمستوى الحياة فيها.
إنني أدعو القيادات الجديدة، في هذه المرحلة من إعادة تخطيط عمليات التنمية في دول الربيع العربي، أن تأخذ في اعتبارها بصورة أساسية الموارد الطبيعة في تلك الدول، والأسلوب الأمثل لاستدامة هذه التنمية، بمعنى استخدام موارد الطبيعة المتاحة لكل دولة لأطول فترة ممكنة.
ويتسنى ذلك بتطبيق نظام التقييم البيئي الاستراتيجي. ويعني هذا أن تحدد كل دولة لنفسها نسبة النمو الاقتصادي التي تأمل أن تحققها، ثم تحدد الأسلوب الذي ستحقق به هذه النسبة، وهل ستعتمد على الزراعة أم الصناعة أم السياحة أم خليط منها. وفي جميع الحالات، تطبق نظام التقييم البيئي الاستراتيجي، للتأكد من أن الأسلوب الذي ستتبعه في تحقيق نسبة النمو التي تراها هو أفضل الوسائل من ناحية الاستخدام الأمثل لمصادر الثروة الطبيعية. ثم يأتي بعد ذلك التقييم البيئي لكل مشروع، لتحديد آثاره السلبية والإيجابية وتنفيذه بناء على نتيجة هذا التقييم.
ويلزم كذلك أن تحدد كل دولة المناطق التي يتم فيها التصنيع أو الزراعة أو السياحة، بحيث لا يختلط الأمر ويتأثر كل مورد من موارد الثروة تأثراً سلبياً بنتائج الآخر. بمعنى أنه، اذا أقيمت مصانع في جوار منطقة سياحية، فسوف يؤدي هذا حتماً إلى تضاؤل السياحة نتيجة التلوث الذي سينتج عن إنشاء المصانع.
إذاً، إدارة الموارد البيئية في دول الربيع العربي تستلزم أموراً ثلاثة، هي:
- استخدام التقييم البيئي الاستراتيجي.
- استخدام التقييم البيئي لكل مشروع.
- تحديد مناطق معينة لكل مشروع من الأنشطة المنتجة للإيراد: السياحة والصناعة والزراعة.
الدكتور مصطفى كمال طلبه هو المدير التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ورئيس مجلس الأمناء المؤسس للمنتدى العربي للبيئة والتنمية.