تُعرّف السياحة البيئية حسب الصندوق العالمي للبيئة بأنها "السفر إلى مناطق طبيعية لم يلحق بها التلوُّث ولم يتعرّض توازنها الطبيعي إلى الخلل، وذلك للاستمتاع بمناظرها ونباتاتها وحيواناتها البرية وتجليات حضاراتها ماضياً وحاضراً". ويُعتبر هذا النوع من السياحة هاماً جداً للدول النامية، لكونه يمثَل مصدرا للدخل، إضافة إلى دوره في الحفاظ على البيئة وترسيخ ثقافة وممارسات التنمية المستدامة.
فالطلب على السياحة البيئية بدأ يتزايد خاصة في أفريقيا وأميركا الجنوبية والهند وإندونيسيا، لتصبح المناطق المحمية تحتل حوالي 5 في المئة من فضاءات الكرة الأرضية موزعة على 130 دولة. وعلى سبيل المثال، توجد في أميركا الجنوبية حوالي 100 ألف كيلومتر مربع من المناطق المصنفة بالخضراء، وفي ألمانيا توجد حوالي 33 محمية مساحتها حوالي مليوني هكتار.
ويتمتع المغرب، بإجماع المهتمين بالشأن البيئي، بمواقع طبيعية وإيكولوجية وثقافية متنوعة. وأذكر أنه على هامش المؤتمر العالمي السابع للتربية البيئية الذي انعقد في مدينة مراكش في المغرب، نظمت الجهات المسؤولة زيارات ميدانية لممثلي وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية لبعض من تلك المواقع. فوقف الوفد الصحفي الأجنبي على التنوُّع الحيوي الذي يزخر به المغرب، بحيث أجمع الكل على ضرورة استثماره في أفق بناء مستقبل سياحي مستدام.
ولأجل بناء سياحة مستدامة، من الأفضل وضع خريطة سياحية خضراء للمناطق الطبيعية والثقافية في المغرب، وتعميمها على مستوى المواقع الألكترونية السياحية ووكالات السياحة. كما ينبغي أن تتوفّر الخريطة على جميع المعلومات والمعطيات الإيكولوجية في المغرب، مع التأكيد على أنه الدولة الأكثر غنى من حيث التنوُّع البيولوجي في المنطقة المتوسطية، ويحتوي على أربعين من الأنواع الكبرى للأنظمة البيئية.
ومن المفيد أن تتضمن الخريطة نقاط المسالك السياحية البيئية التالية:
* سلاسل المغرب الجبلية الرائعة (سياحة تسلق الجبال)
* طبيعة رائعة وغابات خلابة (تنظيم رحلات للتمتع بالحياة البرية والنباتات والطيور والحيوانات، وللصيد البري أو البحري الموافقة للشروط القانونية والبيئية بما يضمن عدم الإخلال بالتوازن البيئي مع عدم المساس بالأصناف المهددة بالانقراض)
* مناطق صحراوية هامة (رحلات لتلك المناطق مع توفير بنيات استقبالية طبيعية تراعي الخصوصية الطبيعية والثقافية لتلك المناطق)
* المواقع الأثرية التاريخية، والمتاحف (تنظيم زيارات لها لأنه تدخل في إطار استثمار الجانبين المادي واللامادي لتراثنا)
* رحلات للسياح بمساهمة مادية رمزية (عشرة يورو) إلى فضاءات خصصت أساساً لإعادة الغرس، بحيث يعمد كل سائح إلى غرس عشرة أشجار (الأرز، أركان، النخيل……) حسب الخصوصية الجغرافية والبيولوجية لكل منطقة، تحت إشراف مديريات المندوبية السامية للمياه والغابات.
ومن الأفضل أن تبقى العلاقة مستمرة مع هؤلاء السياح حتى بعد رجوعهم إلى بلدانهم لاطلاعهم على وضع الأشجار التي غرسوها.
بهذه المقاربة، سيتم من جهة خلق لدى كل سائح حنين إيكولوجي وارتباط سيكولوجي بالمنطقة، ومن جهة أخرى تكون الجهات المعنية قد حققت دعاية سياحية معقلنة.
في الختام نؤكد على أن مفهوم السياحة البيئية مرتبط جدلياً بالتنمية المستدامة، إذ يحقق التوازن الثلاثي المستدام: الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. فالسياحة البيئية نشاط اقتصادي مدرّ للدخل والتشغيل والعملة الصعبة، وتنهض بالمجتمعات المحلية التي تلعب دوراً محورياً في التنفيذ، كما تساهم في المحافظة على عناصر البيئة الرئيسية.
عبد المجيد بوشنفى، رئيس الجمعية المغربية للإعلام البيئي والمناخ